تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مسيرة لليمين المتطرف تغطي على احتفال برلين بسقوط جدارها

مصدر الصورة
وكالات

ميركل دافعت عن أدائها مستشارة «لجميع الألمان»... وشددت على الوحدة

51 عاماً قبل سقوط جدار برلين، أي في عام 1938، وفي الليلة نفسها التي سقط فيها الجدار عام 1989، عاشت ألمانيا يوماً آخر لن تنساه في تاريخها. يذكر الألمان ذاك اليوم بالأسى والخجل، عكس ما يذكرون فيه ليلة سقوط الجدار بالفرح والفخر. وبات يعرف اليوم باسم «كريستال ناخت» أو «ليلة الزجاج المكسور».

ففي تلك الليلة، في 9 تشرين الثاني 1938، تعرض اليهود في ألمانيا والنمسا، وما يكان يعرف بتشيكوسلوفاكيا، لمطاردات من قبل النازيين الذي حطموا منازلهم ومحالهم ودور عبادتهم. ويقال إن ما يقارب الـ800 يهودي قتلوا في تلك الليلة. واعتقل النازيون في ليلة واحدة أكثر من 30 ألف رجل، أُرسلوا إلى معسكرات الاعتقال النازية.

ويوم أمس، بينما كانت الاحتفالات الرسمية بسقوط جدار برلين جارية في شارع برناور، الذي قسمه الجدار في الماضي، كان العشرات من اليمينيين المتطرفين يمشون على بعد شوارع، تحت شعار «مسيرة دفن ضحايا السياسة»، في إشارة إلى رفض سياسة اللجوء التي أدخلت مليون لاجئ سوري إلى بلدهم في السنوات الماضية. ومقابلهم، تجمع العشرات يهتفون «ارحلوا أيها النازيون».

نقيض لم يخفَ على المستشارة أنجيلا ميركل، التي تشارك في الاحتفالات بسقوط الجدار، وألقت كلمة خلال الصلاة التي رفعت لاحقاً في ذكرى الثورة السلمية التي أدت إلى إعادة توحد ألمانيا بعد عام، إذ قالت ميركل: «في 9 تشرين الثاني، حصل أكثر أمر فظاعة وأكثر أمر روعة في تاريخنا، وهو ما يذكرنا بأنه يجب محاربة ووقف الكراهية والعنصرية ومعاداة السامية، كلما صادفناهم في طريقنا».

ورغم أن ميركل دعت في كلمتها إلى الوحدة، وقالت إن على الألمان الحرص على «ألا يفصل بينهم جدار من جديد»، فإن مشهد المسيرة المتطرفة التي خرجت في شوارع قال الكثير عن مجتمع ما زال مقسماً، وإن من دون جدار.

وواقع أن ولايات ألمانيا الشرقية تحولت معقلاً لليمين المتطرف لم يغب عن الجدل الذي رافق الاحتفالات بذكرى سقوط الجدار، حتى إن ميركل اعترفت في مقابلة أدلت بها لصحافية «سودويتشه تزايتنغ»، عشية ذكرى سقوط الجدار، بأن «الوحدة الألمانية ما زالت غير منتهية»، وقالت: «بعد 10 أو 20 عاماً، كان هناك أمل بأن الوحدة ستحصل بطريقة أسرع… البعض اليوم يقول إنها ستأخذ نصف قرن، أو حتى أكثر».

ميركل التي هي نفسها ربيت في ألمانيا الشرقية، كانت قد تحدثت في الماضي عن تجربتها وحياتها في ظل الحكم السوفياتي، وقالت إنه إذا لم يسقط الجدار، لكانت قد تقاعدت عن عمر الستين كما كان يحصل في جمهورية ألمانيا الشرقية، وسافرت إلى الولايات المتحدة. فالمتقاعدون فقط كان يرفع عنهم حظر السفر. ولكن عوضاً عن ذلك، انخرطت ميركل، التي كانت تبلغ من العمر 35 عاماً، بالعمل السياسي فور سقوط الجدار، تاركة وراءها تخصصها بالفيزياء.

وروت كذلك كيف كانت في طريق عودتها عند نحو العاشرة والنصف ليلاً إلى منزلها الذي كان يقع في منطقة برانزلاور بيرغ، القريب من خط الفصل، عندما شاهدت جموعاً غفيرة منطلقة نحو الجدار. كانوا يقولون لها إن الجدار سقط؛ لم «تفهم كثيراً ما الذي عنوه بذلك»، كما روت، إلا أنها سارت معهم حتى وجدت نفسها في الشق الغربي من دون أن تدري. وروت كيف أنها احتفت مع الموجودين، وهي لم تكن تصدق السرعة التي سقط بها الجدار وأزيلت الحواجز.

وبسبب تاريخها هذا، يلوم كثير من الألمان الشرقيين ميركل لأنها «تجاهلتهم»، رغم أنها عاشت تجربتهم، وما يقول البعض إنه السبب وراء كسب حزب البديل لألمانيا تعاطفهم وأصواتهم التي أخذوها من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة.

وردت ميركل على ذلك، في إحدى المقابلات التي أدلت بها عشية ذكرى سقوط الجدار، وقالت: «أرى دوري بأن أؤدي عملي لكل الألمان. نحن نعيش في حرية، ويمكن للأشخاص التعبير عن رأيهم والتصويت كما يريدون. في بداية مسيرتي المهنية، كنت من بين الأقلية في الحزب: امرأة، وديانتي البروتستانتية، ومن شرق ألمانيا. ولكن كان عليَّ أن أكون مستشارة لجمهورية ألمانيا الفيدرالية، وأخدم كل الألمان»، وأضافت: «الافتراض بأنه عليَّ التعاطي في البداية مع مشكلات الألمان الشرقيين هو بالتالي خطأ». ولكنها أكملت لتعترف بأن تقصيراً حصل في الحوار بين الشرقيين والغربيين، ومحاولة فهم بعضهم بعضاً، مضيفة أنه ما زال «الوضع غير جيد بالنسبة للألمان في الولايات الشرقية».

وشارك في الاحتفالات أمس، إلى جانب ميركل، الرئيس الألماني فرانك فولتر شتاينماير، ونظراؤه رؤساء دول مجموعة فيسغارد السابقة، أي بولندا وسلوفاكيا وتشيكيا وهنغاريا. وغادر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يوم أمس، عشية الاحتفالات الرسمية بذكرى سقوط الجدار، بعد أن كشف عن نصب تذكاري للرئيس الأميركي رونالد ريغان على شرفة السفارة الأميركية، مقابل بوابة براندنبرغ، حيث وقف عام 1987، وألقى خطابه الشهير الذي دعا فيه الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف إلى «تحطيم هذا الجدار». وذكر الرئيس الألماني شتاينماير الرئيس الأميركي والزعيم السوفياتي في كلمة ألقاها على طاولة غداء استضاف إليها نظراءه من أوروبا الشرقية، وقال إنه لولا مساعدة الولايات المتحدة، والقرار «الشجاع الإنساني الذي اتخذه ميخائيل غورباتشوف في موسكو» لفتح الحدود بين برلين الشرقية والغربية «لما كانت نهاية القصة بهذه السعادة والسلمية».

مصدر الخبر
الشرق الأوسط

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.