تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يسقط «الناتو»؟

مصدر الصورة
عن الانترنيت

فيصل عابدون

تعرض حلف شمال الأطلسي (الناتو) لأعنف الهجمات خلال أسبوع واحد، الأمر الذي يكشف عمق الأزمة التي تحيط بالتحالف العسكري الغربي الذي أكمل سبعين عاماً من عمره وبات مستقبله مفتوحاً على احتمالات شتى لا تستثني فرضية السقوط والتفكيك على غرار خصمه التاريخي حلف وارسو الذي توقف عن الحياة منذ ثلاثين عاماً.

وشن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحدث حملة هجوم على «الناتو»، واصفاً إياه بالبقاء في «حالة موت سريري»، ما يعني أنه بات فاقداً للفاعلية وغير قادر على التصدي للتهديدات والتحديات الاستراتيجية التي تواجه الكتلة الأوروبية بشكل خاص.

وعلى الرغم من أن العديد من المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين أبدوا عدم موافقتهم على تقييم الرئيس الفرنسي لدور الحلف في الحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين، إلا أن القضية ظلت تتفاعل طوال أيام على مستوى القادة والعواصم ذات الصلة، حتى وجه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ضربة أخرى أشد إيلاماً للحلف عندما أعلن أنه يعيش حالة احتضار.

ماكرون تحدث عن الأحادية الأمريكية وانفصال السياسة الأمريكية عن المشروع الأوروبي داخل «الناتو». وقال إن حلف الأطلسي كنظام لا يضبط أعضاءه، وإنه انطلاقاً من اللحظة التي يشعر فيها أحد الأعضاء أن من حقه المضي في طريقه، فهو يقوم بذلك. وهو اعتبر أن حل هذه الأزمة يكمن من جهة، في قيام أوروبا الدفاعية، التي تمنح نفسها استقلالية استراتيجية وعلى صعيد القدرات في المجال العسكري، ومن جهة أخرى إعادة فتح حوار استراتيجي مع روسيا.

وفي الواقع، فإن موقف ماكرون الانتقادي الحاد لا ينفصل عن السياسة الفرنسية الثابتة التي ترفض الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي وتسعى إلى إنشاء قوة عسكرية خاصة للقارة تمارس صلاحياتها بعيداً عن التدخلات الأمريكية. وتأسس هذا التوجه في عهد الرئيس الأسبق شارل ديغول، عندما سحب القوات الفرنسية من قيادة المنظمة احتجاجاً على الدور المتعاظم للولايات المتحدة وبريطانيا، واستمر هذا الانسحاب أكثر من ثلاثين عاماً قبل أن تعود القوات الفرنسية للاندماج مجدداً في بنية «الناتو» في عهد الرئيس الأسبق ساركوزي.

كما ينسجم موقف ماكرون أيضاً مع الترتيبات التي تقودها بلاده مع ألمانيا خصوصاً من أجل بناء جيش أوروبي مستقل. فأوروبا تريد مشاركة حقيقية في القرارات السياسية والعسكرية للتحالف الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، وفي حال لم تجد هذه الوضعية فإن خياراتها البديلة هي الانفصال عن الدوران في هذا الفلك بما يعني إسقاط «الناتو» وإنشاء جيش بديل لحماية القرار وضمان تنفيذ الإرادة الأوروبية في العالم.

إن حلف الناتو لم يعد الحلف الذي كان، فقد أصيب بحالة من الترهل، كما أنه يعاني من إنقسامات حول دوره، وزاد من أزماته أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلح على الدول الأعضاء زيادة مساهماتها في ميزانية الحلف "لأن الولايات المتحدة ليست مستعدة لتحمل تكاليف حماية غيرها" ، إضافة إلى أن بعض الدول الأوروبية بدأت تشعر بضرورة توفير أمنها خارج الحلف مثل فرنسا وألمانيا.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.