تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خلافات «الناتو» المستفحلة

مصدر الصورة
عن الانترنيت

مفتاح شعيب

منذ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن حلف شمال الأطلسي أصبح «ميتاً دماغياً» يتصاعد الجدل والنقاش داخل أروقة هذا الحلف وفي الدول المنضوية تحت لوائه، في ظل تقارير تتوالى عن خلافات عميقة بشأن استراتيجيته وتمويله وخططه، ما يضع مصيره على المحك، وربما يقود إلى القيام بمراجعة عميقة لدوره بالنظر إلى التقلبات المتسارعة بشأن توازن القوى العسكرية في العالم.

لهذه الأسباب وغيرها، ستكون قمة الحلف المقررة الشهر المقبل بلندن في الذكرى السبعين لتأسيسه، فرصة ساخنة لعرض كثير من القضايا الخلافية، وسيواجه قادة الدول بعضهم بعضاً بمواقف متضاربة، خصوصاً بشأن النفقات وكيفية تقاسمها. وبينما يضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حلفائه لضخ مزيد من المال في موازنة الحلف، يظهر خلاف فرنسي ألماني نادر حول هذه المسألة. فبعد أن شكك ماكرون، مرات عدة، في بقاء الحلف ودوره، تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بزيادة نفقات بلادها وتحمل المزيد من المسؤوليات فيه، تماماً كما يرغب ترامب، وزاد وزير خارجيتها هايكو ماس أن أوروبا ليس بمقدورها رعاية أمنها بمنأى عن الولايات المتحدة، في الوقت الذي تحوم فيه الشكوك حول تركيا، التي يراها بعض «الأطلسيين» تنتهج سياسة وتقارباً مع روسيا لا تتماشى وروح الحلف وعقيدته العسكرية.

في خضم هذا الجدل، صب تقرير بريطاني الزيت على النار، عندما كشف أن القوات البريطانية وقوات حلف شمال الأطلسي المتمركزة في شرق أوروبا ستخسر أي مواجهة مع روسيا وذلك بسبب نقص في سلاح المدفعية والذخيرة. وقبل ذلك، قالت مصادر عسكرية إن الحلف يواجه صعوبة في إقرار خطة للدفاع عن دول البلطيق وبولندا، يضاف إلى ذلك جدل أطلسي لا يتوقف حول تنامي قوتي كل من روسيا والصين، اللتين تتفوقان مجتمعتين في كثير من المجالات على الحلف الأطلسي ودوله. ولا شك أن كل هذه القضايا المستفحلة ستكون مطروحة بشدة في قمة لندن، التي من المرجح أن تفرز مزيداً من الانقسامات.

الحلف الأطلسي، وإن كان هناك من يتمسك به ويدافع عنه، كان عنصراً فاعلاً في مرحلة من التاريخ، عندما كان العالم منقسماً إلى معسكرين، أما اليوم فإن هناك كثيراً من التداخل، وأصبح بعض الأعضاء الرئيسيين في «الأطلسي» مثل تركيا أقرب إلى روسيا، ظاهرياً على الأقل، منها إلى الحلفاء الغربيين. كما أن الدعوات الفرنسية الرامية إلى تشكيل قوة أوروبية مستقلة لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها. وبالعودة إلى التاريخ، فإن الكيانات الكبرى تبدأ في التفكك على مراحل، ولا تسقط دفعة واحدة. وربما لا يواجه حلف شمال الأطلسي هذا المصير بالضبط، ولكن يمكن أن يكون كل هذا مقدمة للمراجعة وإعادة التأسيس على قواعد جديدة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.