تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إخلاء القطاع العام لمطارح الفرص المضمونة يهدد الخزينة العامة بفوات فرص دسمة

 

 

 

 

في رأي العديد من المختصين وغير المختصين.. إن الدفع باتجاه تخلي الدولة عن الاستثمار في المشاريع التي تتميز بسرعة دوران رأس مالها وأرباحها.. وفي المقابل تحميلها وحدها مهام العمل والاستثمار في البنى التحتية والاستراتيجية والتنموية ذات الآجال الطويلة والتكاليف الباهظة.. فيه الكثير من الإجحاف والظلم والتحامل على قطاعنا العام.. ولا يخدم اقتصاد السوق الاجتماعي وحلقات الحماية فيه.. كما لا يخدم نهجنا الاقتصادي في عمومه وخصوصه فأن تتحمل الدولة تلك الأعباء المالية الضخمة منفردة.. في الوقت الذي تطالب فيه بتقديم الدعم في هذا الجانب أو ذاك وتحمل مسؤولياتها المتفاقمة.. وتحقيق متطلبات عديدة هي بمثابة تحديات حقيقية كتحقيق الديمومة في نسب النمو للنهوض بالمستوى المعيشي للمواطنين وتأمين الحدود المطلوبة في خدماتها الصحية والتعليمية والبيئية وغير ذلك.. أمر وإن كان فيه مجال واسع من الإشكالية والجدلية إلا أنه يستدعي التوقف عنده ودراسته بتأن ومن ثم إعادة النظر فيه لما سيترتب على ذلك التخلي والانسحاب من نتائج ليس من الحكمة والعدل الإبقاء على الدولة وحيدة في الميدان والمواجهة.
ورقة خاسرة
وعليه إذا ما سلمنا بمقولة «إن العدالة في الظلم مساواة» فلا أقل من العمل على ألا تبقى الدولة الطرف الأوحد في هذه المعادلة ولا بد من أطراف أخرى تتحمل حداً ما من العبء والظلم إلى جانبها إن كان هناك ظلم في حقيقة الأمر.
وكي لا نبقى في إطار العموميات نسوق وعلى سبيل المثال لا الحصر لنبين ونؤيد ما نرمي إليه.. فلا تزال قلة ومحدودية العائدات المالية تقف حائلاً دون إيفاء الحكومة بما وعدت به من زيادة للرواتب والأجور لتحسين مستوى الدخل رغم توفر تلك العائدات وفي قطاعات مختلفة ولكن انسحاب الدولة منها أدى لفقدانها وخسارتها علماً أنها عائدات جيدة ومستدامة.
ففي قطاع النقل الداخلي تخلت شركة دمشق عن العديد من الخطوط ذات الاستدامة بأرباحها السنوية لصالح القطاع الخاص، والسؤال:  ماذا لو أبقت الحكومة على حصرية النقل الداخلي بدمشق في يدها وعملت على تطويرها وتوسيع خدماتها وإضافتها إلى الـ /37/ مليون ليرة التي تربحها الشركة رغم واقعها وظروفها، أرباح إضافية كبيرة ذهبت من دون مبرر مقنع إلى جيوب “الخاص”.. وما ينطبق على النقل الداخلي ينطبق أيضاً على النقل السياحي بين المحافظات وإفشال تجربة “الكرنك” ودخول العشرات من شركات النقل السياحي الخاصة..؟!!
ضياع الفرص
وأيضاً فمشروع المواقف المأجورة الذي سلمته محافظة دمشق إلى مستثمر خاص واحد خير شاهد على أن المحافظة حرمت نفسها من أكثر من نصف مليار ليرة واكتفت بأقل من /35/ مليون ليرة كحصة من تلك “الدجاجة” والأرقام ستزاد بعد أن يزداد عدد المواقف المأجورة في دمشق من ألف موقف حالياً إلى /4/ آلاف موقف بعد عدة أشهر.
تكافؤ غائب
وأيضاً قطاع البريد الذي أبقت الحكومة خدماته في المناطق غير المجدية، اقتصادياً مطلقاً بينما سمحت للخاص بالتواجد في المناطق ذات الجدوى والأرباح الكبيرة في مراكز المدن والمحافظات إلى حد أنه طغى على خدمات المؤسسة العامة للبريد.. في الوقت الذي لايزال هذا القطاع حصرياً في العديد من دول العالم ويعتبر من القطاعات ذات العائدات المالية الضخمة.!!
ولعل الأمر لا يختلف كثيراً إذاما قارنا الموضوع ذاته في القطاع الصناعي فما آلت إليه شركة “بردى” وغيرها تحت يافطات وحجج واهية ودخول القطاع الخاص بماركاته وأنواعه الجيدة والرديئة خير شاهد أيضاً على أننا خسرنا الكثير من العائدات والأسواق والقطاعات وتركناها بكل برودة “للخاص” ليحقق ويجني ما تذهل به العقول والجيوب.
والسؤال الذي ننهي به أمثلتنا وهي كثيرة .. يتمحور حول موضوع التشاركية بين العام والخاص الذي لعله قد يكون أسلوباً “ذكياً” لإشراك الخاص في حمل الحكومة والدولة.. والذي يراهن عليه بالكثير من الآمال.. هل ستفي تلك التشاركية بمتطلبات المرحلة الراهنة والقادمة، وهل سيتقبل “الخاص” بجزء من الحمل لا نصفه في الوقت الذي تؤكد كل المؤشرات أن القطاع الخاص يُحجم عن ذلك عملياً بينما نظرياً فيختلف الأمر، فتعاطيه مع  التشاركية ينطلق من مدى قرب الأخيرة من مصالحه المشخصنة بعيداً عن الشعارات الوطنية التي يتلفظ بها.
بكلمة واحدة
يقول المثل الصيني: «الجداول الصغيرة تصنع النهر الكبير» وإذا ما أسقطنا هذه المقولة على قطاعاتنا الاقتصادية سيتضح لنا دون أدنى مجال للشك كم هي الجداول التي خسرناها لنخسر معها نهراً من العائدات لا يخفى لأحد حجمه وغناه.


قسيم دحدل

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.