تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الصعود الذي يُقلِق الغرب

مصدر الصورة
عن الانترنيت

كتبت هيلينا ليغارْدا (تبحث في سياسات الصين الخارجية والأمنية في معهد ميركاتور للدراسات الصينية في برلين- صحيفة يو أوبزرفر الالكترونية- بروكسل)، مقالاً نشرته الخليج الإماراتية، قالت فيه: العالم يصبح أقلَّ غربيةً، مع تزايُد أهمية جهاتٍ فاعلة أخرى كالصّين. ولكن، يجب ألاّ يسبب ذلك الذعر أو الانهزامية

«زوال الطابع الغربيّ»، هو شعار مؤتمر ميونيخ الأمنيّ الذي انعقد في الآونة الأخيرة، ويُركّز على الصين: فصعود الصين ونفوذها المتزايد في القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية، له تأثير واضح على النظام العالمي الليبرالي الذي يقوده الغرب.

وبالنسبة إلى القادة في بروكسل، أو واشنطن، أو برلين أو باريس، فإن الصّين النائية أكثر حضوراً من أيّ وقت سابق في ما تَعيهِ الذاكرة- ولا يمكن تجاهُل قوّتها وأهمّيتها أو التقليل من شأنهما.

في لندن، في كانون الأوّل، أصدر أولئك القادة أنفسهم إعلاناً في نهاية قمة الناتو، يعترفون فيه بالتحدّيات التي يُشكلها صعود الصين- الذي يُعتبَر هَمّاً أولَ للتحالف الدفاعي الغربي.

وعلى الرغم من أنّ لغة البيان كانت متحفظة- حيث أشارت إلى أنّ الصين تمثّل «فُرَصاً وتحدّياتٍ معاً- فقد كانت دليلاً كبيرَ الأهمية على أن الصين أصبحت مصدر قلق للحلف المشمول تقليدياً بمنطقة شمال الأطلسي.

وآسيا في العادة، خارج منطقة عمليات الناتو. ولكنّ قضايا مثل»هواوي«، وتقنية الجيل الخامس (5جي)، والعلاقات الصّينية- الرّوسية، والتحديث العسكري الصينيّ السريع، وتكرار مواجهة الناتو مع جيش التحرير الشعبي في ما وراء البحار، وَضَعَ الصين في بؤرة الاهتمام.

أصبحت الصين جهة فاعلةً أمنيةً عالمية، وسيَنمو دورُها العالميّ بالتأكيد.

من المرجح أن يزداد إنفاقها الدفاعي بنحو 7-8% في عام 2020، كما فعل خلال السنوات القليلة الماضية- وقد تضاعف الإنفاق العسكري الصيني تقريباً، منذ عام 2020.

وهدف الصين هو أن يكون لديها بحلول عام 2049 جيش قادر على خوض الحروب والفوز فيها- حتى ولو كان ما يزال على جيش التحرير الشعبي التغلب على عقبات كبيرة للوصول إلى ذلك.

أو لنأخذ موضوع الحدّ من الأسلحة، وهو مجال نشاط مقصور منذ وقت طويل على واشنطن وموسكو. وقد أدّى انهيار معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، إلى نشوء حاجة ملحّة جديدة لإنشاء نظام جديد- نظام يشمل الصين.

والهدف هو تجنّب سباق تسلح جديد، يثيره التقدم الصينيّ المستمرّ في مجال تكنولوجيا الصواريخ، والتحدي الذي قد يشكله ذلك للولايات المتحدة في غرب المحيط الهادئ.

ولنتأمل تصنيع الأسلحة ومبيعاتها، وهو ميزة تقليدية أخرى للغرب. وتوحي أبحاث معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بأنّ الصين هي ثاني أكبر مُنتج للأسلحة في العالم، وتأتي بعد الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنْ قبل روسيا.

وتستخدم الصين نفوذها المتزايد في المنظمات الدولية، وسطوتها الاقتصادية ووجودها العسكري الذي يواصل التوسع، لتطرح نفسها بديلاً للغرب لدى كثير من البلدان غير الغربية- وبديلاً للولايات المتحدة لدى الدول الأوروبية.

وأدّى ذلك إلى خلق تصدُّعات محتملة في العلاقة عبْر الأطلسي، ولا سيّما أن بعض الدول تحاول الموازنة بين الروابط السياسيّة التقليدية مع واشنطن، والروابط الاقتصادية الوثيقة مع الصين.

والجدال حول شركة هواوي، خير مثال على ذلك.

وقد ساعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في دفع أوروبا إلى إعادة النظر في دورها في النظام العالمي، ومصالحها وولاءاتها. ونتيجة للتطورات في بكين وواشنطن، بدأت أوروبا تُدرك- بل اضطرّت إلى أن تدرك- أن النظام الذي يقوده الغرب قد تغيَّر إلى الأبد.

لم يعُد هنالك دولة واحدة لا يمكن الاستغناء عنها، كما تقول عن نفسها. ولكنّ "زوال الطابع الغربي"، ينبغي ألّا يُستخدم مرادفاً لانهيار النظام الغربي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. سيكون ذلك رثاء لنهاية نظام لم يعُد بإمكانه أن يوجَد بشكله الحالي.

بدلاً من ذلك، يمكن استخدام "زوال الطابع الغربي" بالشكل الأكثر فائدةً للتعبير عن صعود الصين إلى جانب الولايات المتحدة- وكل التغييرات التي يجلبها ذلك معه.

وهذا لا يعني نهاية الغرب أو غياب الغرب، بل وجود غربٍ يجبُ عليه أن يأخذ الصين بعين الاعتبار- وأن يواجهها أحياناً- بوصفها لاعباً عالميّاً جديداً.

إن العالم يصبح أقلَّ غربيةً، مع تزايُد أهمية جهاتٍ فاعلة أخرى كالصّين. ولكن، يجب ألاّ يسبب ذلك الذعر أو الانهزامية. إنه دعوة للغرب لكي يعيد التفكير بذاته، ويجدِّدها ليظلَّ قوة قائمة على القيم، وركيزة للاستقرار في العالم.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.