تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: عالم يتغير

مصدر الصورة
عن الانترنيت

نعيش أوقاتاً غير عادية واستثنائية لم نألف مثلها من قبل. معظم دول العالم في حالة طوارئ، كأنها تقف على رجل واحدة تنتظر المجهول وهي تواجه وباء مجهولاً يعجز العلم حتى الآن عن مواجهته، وهو يعصف بأرواح البشر ولا يتوقف عند حد.

أكثر من نصف العالم رهين المنازل، في أخطر وأعتى وأكبر أزمة يواجهها جيلنا.. فالإصابات تجاوزت حتى الآن مليوناً وربع المليون إصابة، وعدد الضحايا أكثر من 60 ألفاً، والعداد لم يتوقف بعد. والعالم لا يزال في عين عاصفة كورونا يعيش حالة من الرعب وعدم اليقين بما يحمله الغد.

البشرية تواجه أزمة فعلية تحاول التعامل معها بما تمتلك من إمكانات مادية وعلمية وبشرية للخروج بأقل الخسائر الممكنة؛ وتعمل موحدة بشكل غير مسبوق لتأكيد التضامن الإنساني في مواجهة خطر يحدق بالعالم، انطلاقاً من إيمان مشترك بأن المصيبة توحد وتقرب المسافات وتلغي عوامل الخلافات والصراعات السياسية.

لا شك أن تداعيات وباء كورونا سوف تؤسس لعالم جديد لم تتضح معالمه بعد. لقد قلب حياتنا رأساً على عقب. اقتصادنا لم يعد كما كان، وكذلك سلوكنا وطريقة حياتنا وتعليمنا وعملنا. لم تعد الحياة هي نفسها التي عرفناها من قبل، ولذلك فإن ما بعد كورونا لن يكون كما قبله، إن على صعيد العلاقات العامة أو على صعيد العلاقات بين الدول.

لقد فرض علينا كورونا العزلة المنزلية والاجتماعية، وكذلك العزلة بين الدول التي فرض عليها الوباء اللجوء إلى إجراءات الحجر على مواطنيها وإعادة الحدود التي كانت قد ألغيت بفعل العولمة والانفتاح.

إذن، نحن أمام عالم جديد يتكون من رحم هذا الوباء اللعين، سوف يفرض علينا كأفراد ومجتمعات إعادة النظر بسلوكنا وسياساتنا وطريقة إدارة خلافاتنا، وحتى بعلاقتنا كأفراد وعائلات.

بعد أن تنجلي هذه الغيمة حالكة السواد، وسوف تنجلي بإذن الله، لا بد من إعادة الحساب بما جرى؛ أن يفكر العالم بطريقة تختلف عما كان يفكر فيه قبل الوباء، أن يتعلم الدرس جيداً، وأن يعي أن ما يجمع العالم أكبر بكثير مما يفرقه، وأن الإنسانية الجامعة يجب أن توحد بين بني البشر، وأن كل كنوز الدنيا لا تنفع إذا ما داهمت البشرية كارثة كما كورونا؛ وأن كل ترسانات الأسلحة من صواريخ وغواصات ودبابات وغيرها تتحول إلى «سكراب» لا تصد وباء ولا ترد وبالاً، بل تتحول إلى عبء على البشرية التي ظلت لعقود تعيش هواجس الرعب النووي والخوف من حروب مدمرة جراء السباق المجنون على التسلح، ورصد المليارات لشراء السلاح وشن الحروب.

سوف يصحو العالم بعد كورونا على واقع جديد، بعد الخروج من عزلته، إلا الذين غشيت أبصارهم وقلوبهم، والذين لم يدركوا ما حصل.

سوف نخرج من حزام الخوف والقلق على المصير، ونتجاوز المحنة أشد قوة وبأساً؛ وأكثر إيماناً بإنسانيتنا وبعالمنا الواحد... لا خيار لنا غير ذلك كي نبقى بشراً على وجه البسيطة.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.