تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ما ثمن النصر في حرب «كورونا»؟

مصدر الصورة
عن الانترنيت

باتريك بوكانان *

في نفس اليوم الذي وصل فيه عدد الوفيات من فيروس «كورونا» علامة 15 ألفاً، تجاوزنا أيضاً علامة 15 مليوناً في عدد الأمريكيين الذين ألقينا بهم خارج العمل لإبطاء انتشاره وتغيير اتجاه المنحنى من الصعود إلى الهبوط.

مقابل كل أمريكي فُقِدَ بسبب الوباء، فَقدَ ألف أمريكي وظائفهم بسبب قرارات للرئيس و50 حاكماً.

قيل لنا إن نحو 60 ألف مواطن، سيُفقدون على الأرجح في هذا الوباء. فهل نحن على استعداد لقبول 60 مليون عاطل عن العمل «لتخفيف» تلك الخسائر؟

ما الثمن في هذه الحرب الخيِّرة والضرورية لقتل الفيروس؟ أمِنْ غير اللياقة، ومِن تحجّر القلب أن نسأل؟

وعند أي نقطة «نعلن النصر ونخرج»، كما أخبرَنا أحدُ أعضاء مجلس الشيوخ أن نفعل في فيتنام، بدلاً من الاستمرار في تكبّد قتلى الحرب الأمريكيين، حتى لو كان معنى الخروج سقوط فيتنام الجنوبية في أيدي أعدائنا المشتركين؟

يتوقع الاقتصاديون في شركة «جيه. بي. مورغان» للخدمات المالية العالمية، أن يهبط الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 40% هذا الربيع، وأن تبلغ البطالة 20% من القوى العاملة هذا الشهر.

هذه أرقام لم تشاهَد منذ الكساد العظيم.

وبينما يبدو أن الخسائر اليومية الأمريكية بسبب الفيروس تبلغ معدّلاً ثابتاً، وهو ثلث الطريق نحو ذلك العدد 60 ألفاً، بدأت الخسائر الأخرى من الدمار الاجتماعي والاقتصادي الذي جلبناه لأنفسنا في التصاعد، وسوف تستمرّ لوقت أطول.

كم مليوناً من المرضى وكبار السنّ أرسلْنا إلى الحبس الانفرادي؟ وكم عدد العائلات التي أرغمناها على الدخول في صراع يومي لإيجاد وسيلة تمكنها من وضع بعض الطعام على المائدة، والحصول على الدواء من الصيدلية؟.

عندما تأتي القرارات من الرئيس دونالد ترامب وحكام الولايات لفتح الاقتصاد وتشجيع الأمريكيين على العودة إلى العمل، هل ستستجيب الأمة؟.

هل ستفتح دور السينما والمراكز التجارية أبوابها من جديد؟ وهل ستمتلئ الفنادق والموتيلات المغلقة مرة أخرى؟ هل ستلعب الفرق الرياضية المحترفة من جديد للجماهير التي عَهِدتها؟.

وهل المدارس العامة، والخاصة والدينية والمستقلة والثانوية، والكليات والجامعات، ستفتح جميعاً من جديد للفصول الدراسية بالحجم ذاته؟.

وهل ستبدأ التجمعات، والحفلات الموسيقية، والعروض من جديد؟.

لإنقاذ الأمريكيين من الإصابة بفيروس قد يقتل 1-3% من المصابين، وضعنا أمريكا على جهاز التنفس الصناعي.

بالتصرف بطريقة تفضي إلى الكساد- وهو العاقبة المؤكدة لقيام دولة عدد سكانها 328 مليون نسمة، بالاحتماء الإلزامي في المكان، والتباعد الاجتماعي- نخبر العالم بالثمن الذي سندفعه للمساعدة في إنقاذ حياة الألوف الذين بغير ذلك قد يصابون بالفيروس ويموتون.

ولكن هذا القرار يثير أسئلة ذات صلة حول الحياة والموت.

هل يمكن لدولة تقبل كساداً يدمر سبل عيش ملايين من مواطنيها، أن تكون جديرة بالثقة عندما تحذّر قوة عظمى أخرى، من أنها على استعداد لخوض حرب نووية- يموت فيها ملايين- بسبب مَن يَحكم دول البلطيق، أو مَن يسيطر على بحر الصين الجنوبي؟.

وهل دولة رافضة لقبول وقوع 60 ألف وفاة في وباء، إلى درجة أنها ستسبِّب كساداً لخفض عدد الوفيات، ستنخرط في تبادل نووي مع روسيا بسبب إستونيا؟.

كلما طال أمد الإغلاق، ازدادت الخسائر التي تتكبدها البلاد، اتساعاً وتعمّقاً ودواماً.

نحن- الأمريكيين- نعيش بالفعل في دولة وعالم فوق جبل من الديون.

ديون القروض الطلابية، ديون الرهن العقاري، ديون المستهلكين، ديون الشركات، ديون البلديات والمقاطعات والولايات، وديْن وطني بقيمة 22 تريليون دولار.

إن القرارات التي نتخذها اليوم، والتي تقذف عشرات الألوف من الشركات الصغيرة والملايين من المواطنين نحو الإفلاس، يمكن أن تبدأ موجة هائلة من التخلف عن سداد الديون، تؤدي إلى بدء انهيار البنوك أيضاً.

إن القرارات التي نتخذها في أزمة فيروس «كورونا» هذه، تحدد جوهرنا دولةً وشعباً. وهي تخبر العالم، بما سنضحي به نحن- الأمريكيين- وبما ومَن سننقذه مهما كانت التكاليف. وسوف تخبرنا بمَن وما هو قابل للتضحية به، وبمَن وما هو ليس كذلك.

باتريك بوكانان مؤلف وصحفي أمريكي، ومرشح رئاسي سابق.

موقع: صفحة الكاتب على الإنترنت.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.