تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مدير عام بنك "بيمو" د.رياض عبجي: بعض القادة اللبنانيين يقترحون فكرة الـ"هيركات" كحل للمشاكل المالية لكونهم غير قادرين او حتى مؤهلين لتحمل المسؤولية!

مصدر الصورة
وكالات

يعاني لبنان في وقتنا الحالي من أزمة مالية خانقة. أزمة طالت تداعياتها السلبية كل الفئات الاجتماعية، وبالمقابل لم تتكبد الجهات المعنية عناء اتخاذ أي قرار مجد وفعال للحد من تشعبات هذه الكارثة، فعلى الرغم من مرور ما يزيد عن 80 يوماً على تأليفها، لم تضع الحكومة التي يقال عنها بأنها حكومة تكنوقراط الخطة الاقتصادية التي وعدت الشعب بها، ولا حتى قامت بإتباع برنامج مدروس لوقف الهدر المالي في أي قطاع من القطاعات المشبوهة كما وعدت في بيانها الوزاري، كما أنها لم تصدر أي قرار او تفرض على الأقل أي تدابير لمعالجة الاختناق المالي الذي يعيشه وطننا ويؤثر بالتالي على كافة القطاعات الاقتصادية، إذ قفز سعر صرف الدولار الواحد خلال هذه الفترة الى ما يزيد عن 3100 ليرة، وهو ما يشكل كارثة حقيقية على ذوي الدخل المحدود لأن رواتبهم خسرت فعلياً 60 بالمئة من قيمتها الشرائية، والتضخم ازداد بنسبة فاقت الـ170 بالمئة، وأسعار السلع الأساسية تضاعفت، وبالمقابل تراجع الإنتاج الاقتصادي ووصل الى مستويات قياسية يقدره الخبراء بـ12 بالمئة من الناتج الإجمالي.

واللافت أن بعض خبراء الاقتصاد وبإيعاز من الجهات المسؤولة عن الوضع المالي في لبنان يلوحون بضرورة تطبيق ما يسمى بالـ”هيركات”، فما مضمون هذا القرار وهل يعتبر حلاً للخروج من الازمة الحالية؟ وما تداعيات تطبيق هكذا إجراء؟ وهل من الممكن رفض تطبيقه؟

عبجي وأزمة السيولة!

رئيس مجلس إدارة “مجموعة عبجي القابضة” وبنك “بيمو” و”CHO Advisory S.A.L” الدكتور رياض عبجي قال: نحن نعاني حالياً من أزمة سيولة لا أزمة ملاءة، خاصة أن هناك حوالى 4 إلى 5 مليارات دولار في المنازل ولم يكن بإمكان أي بلد آخر الصمود أمام حالة مماثلة، وإن الدولة غير مفلسة والديون ليست المشكلة الوحيدة، لكن أزمة السيولة قد تتحول إلى أزمة ملاءة في حال اتُخذت قرارات خاطئة على غرار بيع أصول الدولة أو إفلاس المصارف والشركات.

*أشرت الى كوننا نعاني من أزمة سيولة، فما الأسباب الرئيسية التي أدت الى هذا الواقع؟

– إن أزمة السيولة التي نعاني منها هي نتيجة حتمية لثلاث مشاكل أساسية الا وهي:

إلى قانون بل تعميم صادر عن المصرف المركزي “Cho Pro2” لا يحتاج ابتكار

أ- الحرب السورية وما نتج عنها من تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني لاسيما بعد إقفال المعابر التي تعتبر مفاتيح برية للبنان على الخليج والعراق.

ب- مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان وما رافقها من أزمات مالية – معيشية – وظيفية متعددة.

ج- تخوف اللبنانيين منذ ما يزيد عن عام لجهة مصير ودائعهم مما دفعهم الى تحويل أموالهم للخارج، الأمر الذي ضاعف وللأسف مشكلة السيولة وبالتالي المشكلة المالية التي نعاني منها حاليا.

وتابع عبجي قائلاً:

– وفي السياق ذاته لا بد من التذكير بعامل انعدام الثقة ما خفف من تحويلات المغتربين الى المصارف اللبنانية والتي تفوق الـ7 مليارات دولار سنوياً.

*بالرغم من المشاكل الثلاث التي سبق وأطلعتنا عليها، نلاحظ بأن المصارف لعبت ولفترة طويلة دوراً أساسياً باستقبال الودائع وبإعطاء تسليفات للزبائن وللمصرف المركزي، فكيف تصف هذا الدور؟

– لطالما عملت المصارف اللبنانية وفقا للمعايير المطبقة عالمياً، واعطاء تسليفات للمصرف المركزي يعتبر أمراً طبيعياً للغاية على إعتبار ان فائض السيولة يتم إما تسليفه للمصارف أو الشراء بقيمته “Eurobond” او “us bond”، وهذا ما تطبقه كافة المصارف الأوروبية، ومن مصلحة المصارف إعطاء تسليفات للمركزي وذلك للإستفادة من الأرباح الناتجة عن الفوائد والتي كانت تتراوح نسبتها ما بين 10 و11 بالمئة، كما أن المركزي هو الذي يحدد ثقل موجودات المصارف أي نسبة الرأسمال على كل أشكال الموجودات اذ لا يحق توظيف اكثر من مضاعف رأس المال (Solvency ratio).

الـ”هيركات” واهتزاز ثقة المودعين!

*- نفهم من حديثكم بأن بنك “بيمو” قام بتسليف المركزي، فما الضامن لإعادة الأموال التي تم تسليفها وكم تبلغ قيمتها؟

– كباقي المصارف قام” بيمو” بتسليف المركزي، وعملياً لا توجد ضمانة لإعادة هذه الأموال، وذلك هو الوضع في كل بلاد العالم، اما المبلغ المودع في البنك المركزي فهو بحدود الـ 600 مليون دولار.

*في حال أرادت الجهات المعنية في لبنان تطبيق الـ”هيركات”، هل من الممكن رفض هكذا إجراء؟

– حالياً لا يوجد أي تطبيق عملي للـ”هيركات”، ولكن بعض الخبراء يطالبون بتطبيق هذا الإجراء المتمثل باقتطاع جزء من أموال المودعين لسد عجز الدولة، وهذا الأمر يؤدي بطبيعة الحال الى فقدان ثقة المودعين المحليين والعالميين بالمصارف اللبنانية. وهنا لا بد من التذكير بأن أوروبا سبق وطلبت من قبرص تطبيق الـ”هيركات” ولكن مجلس النواب القبرصي رفض هذا الأمر.

* بعض الخبراء ينصحون بإلغاء فروع للمصارف كحل مؤقت ويطالبون حتى بدمج بعض المصارف في ما بينها، فكيف تصنف هكذا اقتراح؟

– هذا تفكير خاطئ ولا يعتبر حلاً منطقياً لأزمة المصارف، علماً أن قطاع الخدمات لاسيما الخدمات المالية يعد القطاع الأفضل في لبنان من حيث نسب التشغيل من جهة والمردود المالي من جهة ثانية، وذلك عائد لخبرة اللبنانيين ولمؤهلاتهم العملية والعلمية. لذ لا يفترض إطلاقا التفكير بإلغاء قطاع الخدمات المالية او التقليل من دوره على اعتبار أن المواطن ومع الوقت سيستعيد ثقته تدريجياً بالمصارف مما سيؤدي الى معاودة ازدهار هذا القطاع. ونستشهد هنا بالحرب الأهلية التي استمرت حوالى 15 سنة والتي أثرت آنذاك على قطاع الخدمات المالية وعلى ثقة المواطن بهذا القطاع، ولكن ما إن انتهت هذه الحرب حتى عادت ثقة المواطن تدريجياً بقطاع الخدمات المالية.

وأضاف الدكتور عبجي:

– بعض القادة يقترحون فكرة الـ”هيركات” كحل للمشاكل المالية لكونهم غير قادرين أو حتى مؤهلين لتحمل المسؤولية، علماً أن إجراء كهذا ناتج عن قلة طموح الداعمين له. وفي حال تم تطبيق هذا الإجراء فسيفقد المواطن ثقته كلياً بقطاع الخدمات المالية وسنحتاج الى فترة طويلة من أجل إعادة كسب ثقة المواطن بدولته أولا وبالقطاع المصرفي والخدمات المالية ثانياً.

 الـ”كابيتول كونترول” والضمانة العقارية!

 * وماذا عن الـ”كابيتول كونترول” من جهة وقرار المصرف المركزي الذي فرض تحويل أو دفع قيمة الـ3000$ للمودع بالليرة اللبنانية وفقا لتسعيرة السوق وليس التسعيرة الرسمية المعتمدة للدولار؟

– الـ”كابيتول كونترول” المطبق حالياً غير نظامي وقد أدى عملياً الى تدنٍ كبير بقيمة الليرة على إعتبار أن سعر الدولار بالمصارف هو 1500 ليرة بينما السعر لدى الصراف يناهز الـ3000 ليرة.

أما بالنسبة لفكرة دفع الـ3000 $بالعملة الوطنية وفقاً لسعر الدولار بالسوق فنحن بالتأكيد سنطبق التعميم لكن فرض اغلاق حساب الزبون بعد قبض المبالغ فهو رجوع الى الوراء من ناحية الـ”bankarization” والمحاربة ضد تبييض الأموال.

* بالرغم من كل الازمات المحيطة بنا ابتكرت “شهادة الضمانة العقارية عبجي – CHO“، فما مضمون هذه الشهادة وما اهميتها للمواطنين؟

– قيمة العقارات في لبنان تُقدّر بألف مليار دولار وهو رأسمال لا يُستخدم وبالتالي يجب إيجاد طريقة للإستفادة منه، من هنا أهمية إبتكار شهادة الضمانة العقارية التي أصبحت اقتراح قانون تتم دراسته في اللجان النيابية المشتركة في مجلس النواب، وهي أداة مصرفية على شكل شهادة ضمانة تودع لدى أي مصرف وتُعتبر بمثابة ايداع أموال نقدية في حساب مصرفي على حدة ومقابلها يحصل المودع على عمولة، اما المصرف فيستعمل هذه الضمانة لاقتراض الأموال بطريقة أكثر فاعلية من خلال سوق ما بين المصارف مع استخدام شهادة الضمانة العقارية كضمانة إضافية.

وتابع د. رياض عبجي قائلاً:

– أهمية هذا الابتكار تطاول المزارعين والصناعيين والمدارس والجامعات، إذ سيساهم في الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج، وآمل أن يصبح قانوناً، ونحن نريد تطبيقه في لبنان أولاً نظراً إلى أن هذه الفكرة لبنانية لكنها ليست حصراً للبنان بل نريدها أن تنطلق منه لتخدم كل البلدان الناشئة.

وختم الدكتور عبجي حديثه قائلاً:

 – مع فقدان بعض الثقة بالمصارف، طرحنا ابتكار “CHO Pro” وهو قد يعيد الثقة ولو قليلاً بالقطاع المصرفي، فعجلة الاقتصاد لن تتحرك إذا لم تكن المصارف قادرة على الإقراض لأن هناك علاقة مترابطة بين قدرتها على الإقراض والناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي يجب زيادة رأسمال المصارف لتستطيع استئناف عمليات الإقراض. من هنا أهمية هذا الابتكار الذي لا يحتاج إلى قانون بل تعميم صادر عن المصرف المركزي، وهو يسمح لصاحب العقار بأن يشارك في دعم رأسمال المصرف كأنه مساهم وليس كمجرد مودع… ونحن أمام خيارين: إما الاستسلام أو المثابرة والاستمرار رغم ارتفاع احتمالات المخاطر.

                                                    طوني بشارة                  

مصدر الخبر
الأفكار

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.