تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

واشنطن وبكين.. تنافس لا حرب

مصدر الصورة
عن الانترنيت

روبيرت روس*

اعتراف الولايات المتحدة بقطبية ثنائية لا يقتضي منها أن تتخلى عن آسيا حتى تخضع لهيمنة صينية

في السنوات الأخيرة، تزايد النزاع والتوتر بين الولايات المتحدة والصين، في حين أخذ التعاون يتضاءل بين القوتين.

يتبين الآن أن هذا مكلف لكل من أمريكا والصين، ويزيد من خطر التنازع بينهما. ومع ذلك، يواصل محللون في مراكز دراسات أمريكية وقوميون أمريكيون متشددون داخل وخارج الحكومة إطلاق دعوات من أجل اتباع سياسات حرب باردة لا بد وأن تدفع باتجاه عداء ونزوع الى القتال.

وفي الوقت الراهن، تمضي الولايات المتحدة والصين قدماً في عملية تحول سياسي؛ تساهم في احتدام التنافس الاستراتيجي وستكون لها مضامين بالنسبة لميزان القوى في شرق آسيا. وهذا التحول يساهم أيضاً في احتدام توترات تجارية بين القوتين الكبيرتين.

غير أن التحول في ميزان القوى العالمي لا يعيق بالضرورة التعاون الأمني والاقتصادي، ولا التعاون بشأن المصالح الثنائية والعالمية المشتركة.

واتجاه القوتين نحو تنازع محتدم ليس محتماً ولا هو غير قابل لعكسه؛ بل إن قيادة واقعية تركز على المصالح القومية، يمكنها أن تساهم في الحد من التنازع وفي تعزيز التعاون. والصين تتحمل قسطاً من المسؤولية عن هذا التدهور في العلاقات، ما يقتضي من قيادتها أن تساهم في الحد من التنافس وفي تعزيز التعاون. ولكن هذا القصور الصيني لا يعذر إخفاقات السياسة الخارجية الأمريكية وما يستتبعها من أكلاف بالنسبة للمصالح الأمريكية.

ورد أمريكا على صعود الصين كان متوقعاً. فهي لا بد وأن تتصدى لتحدي الصين لميزان القوى في شرق آسيا. وبالفعل، زادت إدارة الرئيس ترامب الإنفاق العسكري الأمريكي، خصوصاً من أجل مواجهة البحرية الصينية. وقد شرعت البحرية الأمريكية في مراجعة شاملة لأولويات برنامجها لبناء سفن حربية.

وبموازاة ذلك، أخذت الولايات المتحدة تتحدى أكثر فأكثر مطالب الصين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي، كما أخذت تقيم شراكات أمنية مع الدول الحليفة في شرق آسيا.

والسياسات الصينية أيضاً كانت متوقعة بالمثل؛ إذ إن الصين لم تقبل أبداً مشروعية الهيمنة البحرية الأمريكية في بحارها المجاورة، ولا نشر قوات جوية أمريكية في جوارها، بما في ذلك في كوريا الجنوبية واليابان والفلبين. وعلى مدى العقد الأخير، أخذت الصين تزيد تمويلاتها لتحديث وتعزيز قواتها البحرية؛ بحيث تصبح حديثة وأكبر حجماً من الأسطول الأمريكي. وفي الوقت ذاته، تسعى الصين إلى إرغام القوى الثانوية في المنطقة على الحد من تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة.

والهيمنة البحرية الأمريكية في شرق آسيا كانت قد ضمنت للولايات المتحدة أمناً إقليمياً شبه مطلق. ومع ذلك، فإن اعتراف الولايات المتحدة بقطبية ثنائية لا يقتضي منها أن تتخلى عن آسيا حتى تخضع لهيمنة صينية؛ حيث إن التنافس بين أمريكا والصين سوف يستمر، إلا أن هذا الاعتراف سوف يحد من ضراوة التنافس.

والولايات المتحدة والصين محكومتان بالتنافس؛ لكنهما غير محكومتين بحرب، ولا حتى بحرب باردة. وخلافاً للعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فإن الولايات المتحدة والصين لا تتنازعان في صراع أيديولوجي.

والولايات المتحدة والصين سوف تتنافسان؛ حيث لا بد من التنافس، ولكن هناك أيضاً فرص لتعاونهما بشأن مصالح مشتركة، وهذا هو تحدي القيادة اليوم أمام الدولتين.

* بروفيسور في العلوم السياسية وباحث في معهد كوينسي للدراسات في واشنطن - موقع «ريسبونسيبل ستيت كرافت»

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.