تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تهزم أمريكا الصين في حرب باردة؟

مصدر الصورة
عن الانترنيت

باتريك ج. بوكانان

الصين ليست الاتحاد السوفييتي الذي هزمته الولايات المتحدة ومزقت جمهورياته، لأن بكين باتت منافساً سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً قوياً.

ثلاثة عقود من المغامرات «الصليبية» تركت هذا الجيل بلا قناعة بأن أحداً ما قد هزم السوفييت.

التصريحات النارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء تعامله مع جائحة كورونا، جعلت حملته الانتخابية وحزبه يلقون اللوم على الحزب الشيوعي الصيني الذي تسبب حسب رأيهم في وفاة آلاف الأمريكيين، وبالتالي، إلقاء اللوم على الأمين العام للحزب وهو الرئيس شي جين بينج.

وكان وزير الخارجية مايك بومبيو صرح الأسبوع الماضي أن «هناك قدراً كبيراً من الأدلة» يشير إلى أن «الفيروس نشأ في مختبر ووهان وأنه لم يحدث ابدا مثل هذا الهجوم من قبل.. وكان يمكن إيقافه في الصين في مهده».

وكان هناك حديث في الكونجرس عن تعليق الحصانة السيادية كي تتم مقاضاة الصين عن الأضرار التي ألحقها الفيروس والذي تسبب في إغلاق الولايات المتحدة وإحداث كساد كبير ثان على غرار عام 1933 حين وصلت البطالة إلى ما يقرب من 25 في المئة.

بدأت حملة ترامب في استهداف المرشح الديمقراطي بايدن باسم «بكين بايدن» لتواطئه السابق مع الصين وهجومه على ترامب بسبب «كراهية الأجانب الهستيرية» عندما أنهى ترامب رحلاته من الصين.

ولكن ما هي الحقيقة التاريخية؟ فيما يتعلق بالصين.

يعتبر ترامب أول رجل واقعي حكم في المكتب البيضاوي منذ عقود. لكن كلا الطرفين (الجمهوري والديمقراطي) تواطؤوا على صعود الصين.

كما رفض الطرفان الفوائض التجارية الصينية مع الولايات المتحدة، التي بدأت ببضعة مليارات من الدولارات سنويا في أوائل التسعينات ونمت إلى ما يقرب من 500 مليار دولار سنويا. ولم يلحظ أي من الطرفين حتى الآونة الأخيرة الاعتماد المتزايد على بكين في المنتجات الحيوية المتعلقة بوسائل الدفاع والأدوية والعقاقير المتعلقة بصحة وبقاء الأمريكيين على قيد الحياة.

إن الصين القوية التي نواجهها اليوم صنعت في الولايات

المتحدة. ولكن ماذا علينا أن نفعل الآن؟ هل يمكننا التعايش مع هذه القوة الصاعدة والتوسعية؟ أم يجب علينا أن نخوض حرباً باردة جديدة تستمر لعقود مثل تلك التي فعلناها من قبل لهزيمة الاتحاد السوفييتي؟

لقد انتصرت الولايات المتحدة في تلك الحرب الباردة بسبب المزايا التي لا تمتلكها اليوم مع الصين في عام 2020.

فمن 1949-1989، قام حلف الناتو المدعوم من 300.000 جندي أمريكي في أوروبا «باحتواء» الاتحاد السوفييتي الذي فشل بشكل واضح في تقديم الحرية والازدهار اللذين قدمتهما

الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان بعد الحرب العالمية الثانية. ولقد ربحت أمريكا معركة القلوب والعقول.

اليوم لا تعاني الصين هذه العيوب بنفس الدرجة. وعلى عكس الاتحاد السوفيييتي، يبلغ عدد سكان الصين أربعة أضعاف، وفي المكان الذي لم يكن فيه الاتحاد السوفييتي قادرا على التنافس اقتصاديا وتكنولوجيا، فإن الصين هي منافس قادر وديناميكي للولايات المتحدة.

فضلا عن ذلك، إذا بدأنا حربا باردة ثانية مع الصين، فلن نبدأها بمزايا أمريكا ترومان، الذي لم تتضرر بلده في الحرب العالمية الثانية على غرار الأراضي التي نهبتها جيوش ستالين في عام 1945.

وفي الوقت الذي مزقت فيه القومية العرقية اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية إلى 15 دولة، أصبحت الصين اليوم أكثر من دولة قومية عرقية حيث يشكل الهان الصينيون المليار من عدد سكان الصين البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.

والصين لا تشبه الإمبراطورية متعددة الأعراق والثقافات واللغات المتمركزة في موسكو التي كان يسيطر عليها الاتحاد السوفييتي والتي تفككت بعد عام 1989.

وبالتالي فإن الصين منافس أكبر من جمهوريات الاتحاد السوفييتي التي حكمها ستالين وخروتشوف وبريجينيف، لكن الولايات المتحدة ليست اليوم دولة رونالد ريجان، مع ازدهار اقتصادها وقناعتها الأيديولوجية، لأنه صار من الممكن أن نرى فيها ذات يوم أيديولوجية ماركس ولينين المدفونة.

ثلاثة عقود من جنون ما بعد الحرب الباردة والديمقراطية «الصليبية» الفاشلة مرت، فكم من أن الأفواه ستكمم؟ وكم من الدماء ستراق؟ وكم من الكنوز ستنفق لتحويل الصين إلى بلد يعيش وفقاً للرؤية الأمريكية ؟

* سياسي أمريكي ومؤلف كتاب «حروب البيت الأبيض». من موقع «ذا أمريكان كونسرفاتيف».

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.