تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كذبة نهاية العنصرية

مصدر الصورة
وكالات

أعاد حادث مقتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد على يد شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس قبل أسبوعين، وأعمال العنف التي صاحبته، فتح جرح التمييز والعنصرية في الولايات المتحدة، والذي يبدو أنه لم يندمل، بل هو لا يزال ينزّ عنفاً وكراهية، ويعود بنا إلى حوادث مماثلة وقعت في الأعوام 1965 في «واتس»، وفي ديترويت 1967، وفي قضية رودني كينج عام 1991 الذي تعرض للضرب المبرح على يد شرطة لوس أنجلوس، ثم في عام 2010، حيث قتل الشاب الأسود أوسكار غرانت على يد رجال الشرطة، وفي عام 2014 في مدينة فريغسون بولاية ميزوري، حيث اندلعت أعمال عنف بعد مقتل الشاب الأسود مايكل براون، وصولاً إلى عام 2012 عندما قتلت الشرطة الشاب الأسود مارتن ترايفون.

الحقيقة أن تراث العنصرية في الولايات المتحدة متجذر في تاريخها، وليس جديداً أو عارضاً، إذ إن البنية الأساسية للولايات المتحدة قامت على أساس عنصري وعرقي ضد أصحاب الأرض الهنود الحمر، وضد الأفارقة الذين تم استعبادهم، ولم يتم حظر التمييز إلا بعد منتصف القرن العشرين، لكن قطاعات واسعة من الأمريكيين من أصول أوروبية بيضاء لا تزال ترفض الاعتراف بالمساواة، ولا تزال السياسة العنصرية ظاهرة كبرى، تنعكس في عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية. وكانت إحدى ظواهر العنصرية بروز تنظيمات يمينية متطرفة ضد السود واللاجئين والمواطنين الأمريكيين اللاتينيين والمسلمين، مثل صعود حركة «اليمين البديل» التي برزت بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً، حيث نظمت مسيرة في مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا عام 2017، بهدف توحيد مختلف الفصائل البيضاء ضد الأقليات العرقية، وخلال تلك المسيرة قاد متظاهر عنصري أبيض سيارته باتجاه تظاهرة مضادة، ما أدى إلى مقتل متظاهر وإصابة 19 آخرين.

صحيح أنه بات بإمكان الأمريكيين السود دخول المطاعم ودور السينما والجامعات، وصحيح أيضاً أن منهم رؤساء إدارات شركات كبرى، وأساتذة جامعيين وصحفيين، وأصبح منهم وزيران للخارجية، ومستشارة للأمن القومي، ورئيس أركان للجيش، وأعضاء في الكونجرس، وصولاً إلى انتخاب باراك أوباما رئيساً، حيث اعتقد البعض أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة «ما بعد العنصرية».. لكن الحقيقة هي أن الطريق ما زال طويلاً كي تدخل الولايات المتحدة هذه المرحلة، وعليها أولاً أن تزيل مفهوم العنصرية من النفوس قبل النصوص، وتدرك أن العدالة الحقيقية تكمن في المساواة بين البشر.

إن أحداث مينيابوليس التي اتسع مداها لتشمل عشرات المدن الأمريكية، وما يتخللها من عنف وحرائق، وإعلان حالة الطوارئ، تخفي صورة سوداء في المجتمع الأمريكي تحتاج إلى إعادة تظهير وتطهير من وباء العنصرية المقيت.

إن الصرخة التي أطلقها داعية الحقوق المدنية والمساواة مارتن لوثر كينج قبل 57 عاماً من أمام نصب لنكولن في واشنطن «لدي حلم»، لا تزال صرخة في البرية، لأن العنصرية لم تنته بعد.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.