تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحاجة إلى فتح ملف سورية كمال بالهادي

مصدر الصورة
عن الانترنيت

كمال بالهادي

الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية السوري وليد المعلّم منذ أيام، فيما يتعلق بالخطوات المصرية تجاه التدخل التركي في ليبيا، يجب أن يقع التعامل معه على أساس اتفاقية الدفاع المشترك العربية، ويجب أن يكون بوابة فتح ملف سورية عربيّاً.

لنترك ما جرى في السنوات الماضية، من أخطاء جانباً، ولننتبه إلى ما هو إيجابي في هذه الصحوة العربيّة الأخيرة. لو واجهنا الموقف بشجاعة، لقلنا إن بعض الدول العربية التي تدخلت في الملف السوري منذ العام 2011، وسارت وراء مخططات لم تكن تدرك مخاطرها، قد ارتكبت أخطاء استراتيجية قاتلة. ندرك جيّداً أن العرب في ميزان القوى الدولية قد فقدوا الكثير من وزنهم السياسي القادر على فرض كلمتهم والمحقق لمصالحهم. وندرك أنّ الطريق إلى دمشق بات مدمّراً بشكل يصعب كثيراً ترميمه. ولكنّ السياسة مصالح، والعقلانيّة تفترض أنه وبعد انكشاف كلّ المخططات والأطماع في جغرافية الوطن العربي، أن يُشرع في إعادة ربط الصلات مع دمشق؛ لأنّ أي تأخير يصبّ في مصالح القوى المتهافتة على الوطن العربي.

بمجرّد إعلان مصر عن إمكانية تحرك قواتها خارج الحدود لردع أي عدوان، جاءت تلبية النداء من سورية وعلى لسان وزير خارجيتها وليد المعلم الذي قال إن بلاده مستعدة لتقديم أي مساعدة تطلبها القاهرة، إذا أرادت. ومثل ذلك الردّ السريع، يذكرنا بتلك الأيام الخوالي التي كنّا نسمع فيها «هنا القاهرة من دمشق»، أو «هنا دمشق من القاهرة». ولكنّ الأمر يجب ألّا يحسب بتلك الروح الحماسية التي افتقدناها منذ زمن الراحل عبد الناصر، بل يجب أن يحسب الأمر اليوم بعقلانية باردة، ويجب أن يحسب بمقدار المصلحة العربية العامة.

فهل العرب اليوم في حاجة إلى سورية المدمرة والعراق المخرّب واليمن المشتت وليبيا المثقلة باحتلال تركي جاثم؟ الإجابة تكون بنعم، فخلف هذا الركام من الخراب، نظل دوماً في انتظار شمعة توقد هنا أو هناك.

لن يصلح حال العرب، ما داموا متأخرين في حل هذه القضايا جميعها، تاركين الباب مفتوحاً للتركي والإيراني والصهيوني، للتدخل فيها والتحكم بمصير شعوبها.

نداء القاهرة سرعان ما سُمع في دمشق، فلماذا لا يُسمع نداء دمشق في كل الدول العربية، وخاصة تلك الدول التي تمتلك مفاتيح القرار العربي؟ هناك خطوات تم اتخاذها في وقت سابق تجاه دمشق، ومثلت مشروع بداية صلح عربي شامل بين دمشق والعرب، ولكن المسار سرعان ما توقف، بضغط واضح من أعداء الأمة العربية الذين يزعجهم أي تقارب عربي. ولكنّ اللحظة التاريخية تقتضي اليوم وأمام هذه الهجمة التركية الشرسة على ليبيا أن يتم التقاط الإشارة السورية في القاهرة وفي غيرها من العواصم العربية.

هناك دول مثل الإمارات العربية المتحدة تقدمت أشواطاً في إعادة ترتيب علاقاتها مع دمشق. ومصر ترتبط بعلاقات تعاون في مجالات الأمن والاستخبارات، والجزائر تحضّ العرب على إعادة فتح سفاراتها في دمشق، وعودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية. فما الذي يمنع إذن من تطبيع العلاقات مع الدولة السورية؟ ولنسأل أنفسنا، هل ربح العرب من مقاطعتهم لسورية؟ الإجابة البديهية التي لا تحتاج إلى فلسفة ستكون بالنفي. فالعرب خسروا كثيراً من هذه المقاطعة، فيما زحفت القوى الإقليمية، محتلّة الأرض، ومحققة أهدافاً استراتيجية، ولن يكون من السهل إعادتها إلى خطوط ما قبل سنة 2011.

نحن اليوم على عتبة متغيرات جديدة في المنطقة، قوامها تحريك مصر لرصيدها التاريخي لإعادة ترتيب وضع الوطن العربي، ولكن مصر لن تستطيع المضيّ قدماً في محاربة أعداء الأمة دون دمشق، ودون الجزائر، ودون المملكة العربية السعودية، ودون العراق، ودون باقي الدول التي راجعت مواقفها وفكت ارتباطها بالمشروع «الإخواني» التركي.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.