تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مقامرة أردوغان في المتوسط

مصدر الصورة
عن الانترنيت

يونس السيد

ليست «آيا صوفيا» وحدها وتحويلها إلى مسجد هي السبب في استفزاز اليونان والأوروبيين عموماً من جانب تركيا الجديدة بزعامة أردوغان الطامح بدوره لمواصلة مغامراته في المنطقة، حتى لو ارتطم رأسه بجدار معارضيه الكثر في الداخل والخارج، لعله ينفذ من ثغرة، ولو مهشماً، تمكنه من الادعاء بتحقيق حلمه في إحياء الإمبراطورية العثمانية وربما تنصيب نفسه خليفة عليها.

المخططات العدوانية التوسعية والأطماع الدفينة في الاستيلاء على خيرات المنطقة ونهب ثرواتها؛ تدفع أردوغان إلى الذهاب بمغامرته حتى النهاية، تارة باللعب على استحضار التاريخ، وأخرى باستخدام كل ما بحوزته من أدوات واسلحة مشروعة وغير مشروعة؛ لتتحول خططه إلى نوع من المقامرة التي تهدد مصير بلاده قبل أي شيء آخر.

كان تحويل «آيا صوفيا» إلى مسجد يصب في صلب مشروعه الرامي إلى تذكير الجميع بأنه وريث الإمبراطورية العثمانية، والمتعهد بإحيائها مجدداً في مواجهة اليونان؛ باعتبارها وريثة الإمبراطورية البيزنطية، وأن الصراع لا يزال محتدماً بينهما، بدءاً من قبرص التي انقسمت إلى يونانية وتركية، مروراً بمحاولة استعادة الجغرافيا العثمانية على الأرض العربية في سوريا وليبيا والعراق وغيرها، والآن مزاحمة اليونان ودول المنطقة في التنقيب عن النفط والغاز في بحر إيجة والبحر المتوسط، وما يمكن أن تدره هذه المغامرة من ثروات هائلة؛ لملء خزائنه؛ وتمويل خططه العدوانية.

فبعد توقيع اتفاق مع حكومة الوفاق لما يُسمى بترسيم الحدود البحرية مع ليبيا؛ لتغطية تدخلاته في دول المنطقة، سارع أردوغان إلى إرسال سفن البحث والاستكشاف، بحماية نحو 20 سفينة حربية إلى المياه المتنازع عليها، مقابل السواحل اليونانية، في خطوة استفزت أثينا، ودفعتها للاستنفار في مواجهة التهديد التركي، ما وضع الجانبين على شفا حرب جديدة، فيما لم تتردد أوروبا، المكبلة ب«كورونا» وورقة المهاجرين، في إعلان دعمها لليونان، بينما أدركت واشنطن أن مغامرة أردوغان لن تتوقف عند حدود اليونان؛ بل ستنتهي بحرب إقليمية جديدة، فقامت بإرسال حاملة طائرات إلى المنطقة، ما اضطر أردوغان، بالتالي، إلى التراجع، وسحب سفنه من تلك المنطقة.

لكن هل توقفت مغامرة أردوغان؟ وما انعكاسات ذلك في الداخل التركي؟ بالتأكيد هناك الكثير من المعارضة، والكثير من القمع، وهناك أيضاً الكثير من الأصوات التي بدأت تتعالى بأن أردوغان خرّب البلد، ويسعى إلى تدميرها، ومع ذلك فإن مغامرة أردوغان لن تتوقف في ظل القبضة الحديدية التي يفرضها على البلاد، انطلاقاً من مخيلته المريضة بأنه صاحب مشروع، حتى وإن كان تدميرياً، باعتباره سليل سلاطين بني عثمان، وبالتالي فهو لا يستسلم حتى لو ارتطم رأسه بالجدار، ولهذا فهو يمعن في المزيد من المغامرة، وها هو يرسل قواته إلى أذربيجان؛ للتدخل في الصراع مع أرمينيا، والظهور بمظهر حامي المسلمين، في وقت تشير التقارير إلى أنه يجري محادثات مع «إسرائيل»؛ لتقاسم النفوذ البحري في البحر المتوسط، على حساب العرب، مصر وسورية ولبنان وفلسطين، إضافة إلى قبرص واليونان، تاركاً لحلفائه «الإسرائيليين» الأقصى والقدس دون مواربة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.