تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الإمارات.. والهزيمة العربية..!!

مصدر الصورة
وكالات

     ترددت كثيراً، قبل كتابة هذه الأسطر حول اتفاق الإمارات العربية المتحدة وكيان "إسرائيل"، وإعلان السّر الموجود على ألسنة الخلق؛ من أين أبدأ، وعلى ماذا أركّز، وما الفرق عند العرب طالما أنّ "كلٌ منا يغنّي على ليلاه"، فيما ثنائيات ومفارقات مواقف الأنظمة العربية تكاد تسبّب "الجلطة" للمتأمل والمتابع.

وأبدأ من الخليج العربي نفسه؛ ففي وقت رحّبت مملكة البحرين بالاتفاق الإماراتي ـ- "الإسرائيلي"، وهلل الإعلام السعودي له، وسط صمت سعودي رسمي "صاخب"، حتى هذه الكتابة على الأقل، خرج موقفٌ سعودي قوي وواضح يرحّب باتهام ليتوانيا لـ "حزب الله" اللبناني بأنه منظمة إرهابية وقيامها بحظر عناصره من دخول أراضيه لعشر سنوات؛ وبالطبع فإن الموقف السعودي هذا ينسحب على كلٍّ من الإمارات الدولة العربية "المطبّعة" الثالثة، والبحرين "المطبّعة" الرابعة اللاحقة المنتظرة، إذا لم تفاجئنا دولة أخرى وتسبقها..!!

لكنّ المفجع والمقرف في آن، هو موقف كل من مشيخة "قطر" والقيادات الفلسطينية على أنواعها؛ هؤلاء هاجموا الاتفاق الإماراتي ـ "الإسرائيلي"، وكأنهم في أول خندق المقاومة ضد العدو "الإسرائيلي"؛ فمشيخة قطر لم تخف يوماً تعاونها مع كيان الاحتلال "الإسرائيلي"، ولم تقصّر باستقبال وملاقاة وفود إسرائيلية داخل قطر وخارجها؛ فعلام النفاق والكذب، اللهم إلا إذا كانت أبوظبي قد سبقت الدوحة وخطفت المركز الخليجي الأول بالتطبيع، وتركت لآل ثاني المركز الثاني. أما بعض الفلسطينيين مثل "حماس" وغيرها من قيادات الانقسام الفلسطيني، فكيف يجرؤن على مهاجمة الإمارات وهم السابقون والسبّاقون بالتوقيع والتطبيع مع العدو، وهم الذين يرفضون أن يتخلوا عن اتفاقاتهم هذه مع العدو رغم ثبوت عقمها وعدم فائدتها بالتجربة والممارسة والواقع، بل وأن مساوئها أكثر من محاسنها.

أما سورية المحاصرة من العرب والغرب وكيان "إسرائيل" وتركيا، والتي تقاوم المخرز بعيونها، فلا زالت تأمل/ تحلم بالوحدة العربية من المحيط إلى الخليج، وما زال شعارها: أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، ولسان حالها، بعد عشر سنوات من الحرب المدمّرة عليها، يقول: اللهم اشهد إني قد بلّغت. وإلى الجنوب من دمشق، يقبع الأردن المحاصر بالشروط والتهديدات والاقتصاد، وقد تلعثم لسانه ولم يعرف كيف يعبّر، وكشف الارتباك الأردني حجم الضغوط التي يواجهها البلد الصغير في واقع جيو - سياسي متغيّر ومتبدّل ورمال خليجية متحركة، فيما مصر العروبة ترى في التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني استكمالاً لما بدأته القاهرة، وخطوة في الاتجاه الصحيح..؟!!

ترى أي اتجاه وأيّ مسار هو الصحيح، ونحن نحصد في هذه المرحلة نتائج السياسات العربية المدمّرة والمستمرة منذ عشرات عقود؟!

عندما ترحّب السعودية بتصنيف حزب عربي مقاوم كمنظمة إرهابية، فإن هذا يعطي تصوراً عن الرؤية والمسار والتباعد الذي تسلكه المملكة وقيادتها؛ وهذا بالطبع يشكّل جزأً من المعادلة ونصف الطريق؛ والجزء الآخر هو استكمال التطبيع مع الكيان "الإسرائيلي" بعدما تطابقت الرؤى والأهداف والمواقف وتلاقت المسارات.

التطبيع الإماراتي - "الإسرائيلي"، هو نتيجة من نتائج الضعف العربي المزمن والهزيمة العربية المستمرة؛ ما يحصل هو نتيجة للسياسات القطرية المتضاربة التي انتهجتها الدول العربية وأوصلتنا إلى هذا التشرذم. ولذلك، عندما يكون الرفض الأوروبي لـ"صفقة القرن" الأمريكية أشدّ منه في العالم العربي، فإننا ندرك عُمق القاع الذي هبطنا إليه؛ وعندما يجاهر الأوروبيون بالتحذير من التطبيع الإماراتي - "الإسرائيلي" ومن نتائجه، فيما يكثر الترحيب العربي بهذا التطبيع، فإننا ندرك حجم السواد الذي نسير نحوه من يوم لآخر، وحجم المأساة وحجم الكارثة التي تنتظرنا.. نحن العرب..!!

                                                                         بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.