تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: نيكولو أردوغان

مصدر الصورة
عن الانترنيت

كي نفهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علينا أن نفهم كيف يفكر، وكيف يمارس السياسة، من خلال تتبع مسارات حياته السياسية مذ كان عضواً في حزب الرفاه بزعامة نجم الدين أربكان، إلى أن انقلب على زعيمه وأسس حزب العدالة والتنمية ثم رئاسة الحكومة، فرئاسة الدولة. ففي كل هذه المراحل كان يطبق نموذجاً في الحكم يقوم على الانتهازية السياسية وتطبيق نظرية «الغاية تبرر الوسيلة»، مهما كانت النتائج للوصول إلى غرضه.

يبدو أن أردوغان قرأ كتاب «الأمير» (1513) لنيكولو مكيافيلي بتمعن، وحفظه عن ظهر قلب، وتحولت وصايا مكيافيلي إلى لورينزو الثاني دي ميتشي، على أمل استعادة منصب أمين الجمهورية، إلى وصايا موجهة إليه، تشكل خط سير يلتزم به في سياساته الداخلية، وفي علاقاته مع دول الجوار، ومع العالم.

يمكن اختصار مضمون المكيافيلية بأنها النموذج القبيح في علم السياسة، والمنافية للعلاقات الإنسانية طالما هي تدعو لتحقيق المصلحة في الحكم بأي وسيلة وطريقة، بمعزل عن نتائجها. إذ إن مكيافيلي يبرر القيام بأي عمل للحفاظ على الحكم والسلطة، حتى لو كان مخالفاً للقوانين والأخلاق؛ بمعنى أنه يبرر الطغيان من أجل تحقيق الهدف. ثم إنه يرى أن القدرة على إدراك القوة والعنف قد تكون جوهرية للحفاظ على الاستقرار والسلطة. ومن نصائح مكيافيلي أن تكون لدى القائد «القدرة على أن يكون الأسد والثعلب والقنطور (الأسد قوة والثعلب مكر والقنطور لديه المقدرة على استخدام قوة الحيوانات وعقل البشر).

إن لجوء مكيافيلي إلى الدمج بين هذا الثلاثي ليكون الإنسان على مثالها يشكل بالنسبة لأردوغان أساساً لنهجه السياسي وممارساته الميدانية، باعتبار أن الطبيعة البشرية شريرة لدى مكيافيلي، وتتقدم على العاطفة والفضيلة، وكذلك عند أردوغان، الذي يرى أيضاً، كما استاذه مكيافيلي، أن السلام يقوم على الحرب، تماماً كالصداقة التي تقوم على المساواة، وبالتالي فإن المساواة الوحيدة المطروحة على الساحة الدولية هي القوة، لذا يجب الاحتفاظ بالاحتكار المشروع للعنف، الذي يتولى أردوغان توزيعه في سوريا والعراق وليبيا والقوقاز وغيرها، عملاً بنصائح مكيافيلي، من منطلق أن القوة والعنف ضروريان لبقاء تركيا قوية ومهابة الجانب، وبما يمكّنه في نهاية المطاف من تحقيق أهدافه في استرداد أمجاد عثمانية أفلت، أو يكون خليفة محتملاً.

إن ما نشاهده في ميادين سورية وليبيا والقوقاز وفي شرق المتوسط من تدخل تركي فظ، مباشرة وبالواسطة من خلال جيوش رديفة من الإرهابيين والمرتزقة، وتعمد تحدي القوانين الدولية وعلاقات حسن الجوار، يشكل نمطاً في العلاقات يعود إلى القرون الوسطى يسعى أردوغان لتكريسه، رغم تداعياته ونتائجه المدمرة لتركيا ولجيرانها.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.