تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فشة خلق   المواطن عصام داري -ليمتد...اليوم التالي!!

معروف عن السوريين، وخاصة التجار الكبار(خزيت العين) أنهم شاطرين كتير في كل شيء، ويعرفون تدبير أمورهم، وحكمتهم المفضلة (حلال عل الشاطر).

وعادة يلعب التجار مع الشعب لعبة "القط والفأر" وعلى سبيل المثال لا الحصر،عندما يشم التجار – وعى فكرة عندهم حاسة شم قوية جداً – عندما يشمون رائحة زيادة في الرواتب والأجور فيسرعون لامتصاص هذه الزيادة قبل صدور المراسيم الخاصة بها، فيجد المواطن غير الشاطر نفسه أمام حالة غير مريحة، وحسب المثل الدارج(كأنك يا أبو زيد ما غزيت)أي كأن الزيادة لم تحدث، بل في بعض الحالات يتجاوز رفع سعر السلع تلك الزيادة.

وكان لي شرف في أن أكون أول المبشرين بأن هناك زيادة قادمة على الطريق، لم أتنبأ مثلاً بأنها منحة لمرة واحدة، أو رفع سقف الراتب المعفي من ضريبة الدخل، لكنني قلت لبعض المعارف والأصدقاء أنني أشم رائحة نقود آتية في الطريق إلى جيوب الموظفين المعترين ، فأنا أشبه المرحوم بدري أبو كلبشة لجهة حاسة الشم، لكنني لم أدوخ لا موسوليني ولا هتلر،ولا بائع الخضار في حارتنا.

أما كيف عرفت بالمنحة،أو تخفيض ضريبة الدخل على راتب الموظف فذلك أمر في غاية البساطة، فقد طلبت من سمان حينا ربطتي خبز سياحي من ماركة "قمرين" ،فأعطاني الربطتين مشكوراً، ودفعت له مبلغاً وقدره 2200 ليرة سورية حسب تسعيرة السمان، وليس حسب تسعيرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ، فقال:أستاذ أصبح سعر الربطة 1300 ليرة ، وعندما سألته والدهشة تعقد لساني حصاني فقال: والله يا أستاذ لا علم لي.

دفعت المبلغ مجبراً لا مختاراً ، وذهبت لأتسوق بعض السلع بين خضار وبرغل وحمص وفول، فوجدت الكثير من هذه المواد قد تحركت نحو الأعلى،كأنها تنافس بني البشر في السعي للتحرك نحو((الأعلى)).

على فكرة أرجو من أصدقائي ألا يحسدوني لأنني أشتري الخبز السياحي، فأنا أبقى من أبناء هذا الشعب المكافح من أجل رغيف الخبز، وأنا لا أشتري الخبز السياحي لأن راتبي يفيض عن الحاجة - لا سمح الله- بل لأنني لم أستطع الوقوف أمام أفران تقدم العجين المطبوخ على عجل وتسميه خبزاً، فقد بلغت من العمر عتياً ولا قدرة لي على الوقوف في طابور الثلاث أو أربع ساعات.

هكذا تتبخر أي زيادة أو منحة حتى قبل أن تولد، ففي اليوم التالي لتلك المنحة تكون الأسعار قد ولّعت ناراً وشراراً وأصابت الناس في أحلامهم وخيبت آمالهم، وحطمت طموحاتهم،وكسرت خاطرهم.

اليوم لم أتطرق للحكومة المهضومة لأنني أحب ألا أتجاهل سلبيات ونواقص بعض الناس من تجار وحتى موظفين عاديين يذيقون المواطنين سوء العذاب في دوائر الدولة كافة ، ولنا فشة خلق جديدة بعد أسبوع، إذا الله أحيانا!.

                                                          المواطن عصام داري - ليمتد

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.