تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المملكة المتحدة بعد بريكست: وسيط وليست قوة عظمى صغيرة

مصدر الصورة
وكالات

مخاوف من ارتكاب بريطانيا خطأ السعي إلى وضع نفسها كمنافس للاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية.

لندن - تفرض الروابط المستقبلية بعد إتمام بريكست على المملكة المتحدة تأسيس علاقات خاصة جديدة بينها وبين الاتحاد الأوروبي بشأن السياسة الخارجية والأمنية لتفسح المجال إلى المبادرات والفعاليات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. ويجب على السياسيين البريطانيين أن يضعوا نصب أعينهم كيف يمكن أن يكون بلدهم وسيطا دوليا وليس التعامل مع التكتل كقوى عظمى.

ويقول روبن نيبليت، مدير عام مركز الأبحاث الرائد في السياسة الخارجية في بريطانيا “تشاتام هاوس”، في تقرير نشر بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لأول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن بريطانيا يجب ألا تسعى لأن تكون منافسة للاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية.

ويعتقد نيبليت أن بريطانيا ستفشل إذا سعت إلى إعادة تمثيل نفسها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي كقوة عظمى صغيرة، وبدلا من ذلك يجب أن تركز على كونها وسيطا عالميا لإيجاد حلول لتحديات محددة مثل تغير المناخ والأمن السيبراني والصحة العالمية وحقوق الإنسان.

وثمة مخاوف من أن ترتكب بريطانيا خطأ إذا سعت إلى وضع نفسها كمنافس للاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية، لأنها ستحتاج إلى تعاون الاتحاد الأوروبي لتحقيق العديد من الأهداف.

ويحث نيبليت في تقريره، الذي نشرته صحيفة “الغارديان”، بريطانيا على عدم الانغماس في أوهام الحنين إلى الماضي حول تحقيق المجد الفردي أو بريطانيا العالمية. وكتب يقول إن “بريطانيا ستفشل إذا حاولت الآن أن تمثل نفسها كقوة عظمى مصغرة ذات نفوذ مستقل بل يجب أن تركز بدلا من ذلك على أن تكون عاملا تمكينيا لتحقيق نتائج دولية إيجابية”.

وتعاني بريطانيا من مشكلة في الصورة التي ترسمها لنفسها لأنها تنطلق في رحلتها الجديدة في الوقت الذي يتم فيه التشكيك في تعامل حكومتها مع فايروس كورونا. ولذلك يقترح نيبليت أنه ينبغي عليها الاعتماد على قوتها الناعمة وشبكتها الدبلوماسية لتصبح باحثا عن حل عملي للبعض من المشاكل الكبرى في العالم.

ويسلط تقرير تشاتام هاوس الضوء على ست مشكلات كبرى مثل تغير المناخ وحقوق الإنسان وقوة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والصحة العالمية والتحالف الإلكتروني للديمقراطيات، وتضييق الخناق على التهرب الضريبي العالمي وهو موضوع دافعت عنه بريطانيا في الماضي لكنها تراجعت منذ ذلك الحين.

وحتى لو تمتعت بريطانيا باحتياطيات فريدة من القوة الناعمة ومقعد في معظم المناضد العليا في العالم، والأصول اللازمة لرفع صوتها ودعم مصالحها، فإن ذلك لا يضمن القدرة على قيادة التغيير العالمي أو تأمين النتائج على المستوى الوطني.

ويعتقد نيبليت أن الإدارة الأميركية القادمة بقيادة جو بايدن ستسعى إلى إصلاح علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء في أوروبا وآسيا، حيث يفرض بريكست عليها أن تشق طريقها إلى طاولة المفاوضات بشأن العديد من أهم القضايا عبر الأطلسي. ويرى أن “الاتحاد الأوروبي أصبح الآن هو النظير الرئيسي للولايات المتحدة في مجالات مثل العلاقات الصينية والضرائب الرقمية”.

وستتعرض المملكة المتحدة أيضا لضغوط ثنائية أكبر من ذي قبل لإظهار ولائها للولايات المتحدة أو المخاطرة بدفع ثمن كونها الشريك الأصغر في العلاقة. ويقول نيبليت هنا إن “الاختبار بالنسبة إلى الحكومات البريطانية سيكون ما إذا كان بإمكانها تحويل استقلالية وخبرة سياسة المملكة المتحدة كعضو من خارج الاتحاد الأوروبي إلى رصيد في العلاقة مع الولايات المتحدة”.

كما يجادل بشدة ضد سعي بريطانيا إلى تقويض الاتحاد الأوروبي في مجالات السياسة الخارجية. ويقول نيبليت “بالنسبة إلى بريطانيا، فإن تعزيز علاقاتها مع المجر أو تركيا، على سبيل المثال، دون الأخذ في الاعتبار الطرق التي يمكن أن تقوّض السياسات التي ينتهجها تجاههما جيرانهما الأوروبيون لن يكون مجرد نفاق، ولكنه سوف يأتي بنتائج عكسية، مهما كانت الفوائد الاقتصادية المحتملة التي ستحققها بريطانيا على المدى القريب”.

ويظل الاتحاد الأوروبي الداعم الرئيسي، داخل وحول جوار أوروبا، للمعايير السياسية التي تدافع عنها بريطانيا، وإذا تآكلت هذه الأمور ستكون المملكة المتحدة أقل أمانا وأقل ازدهارا على المدى الطويل.

ولكن عند البحث عن شركاء جدد سيتعين على بريطانيا اختيار عدم الاقتراب من الجميع، ولذلك تطفو بعض المقترحات يتبناها أيضا مدير عام تشاتام هاوس، لدول لا يجب أن تسعى إلى بناء تحالفات معها في مقدمتها تركيا وروسيا والهند.

وتبقى المسؤولية الأكبر ملقاة على عاتق رئيس الوزراء بوريس جونسون، إذ سيتعين عليه تحسين وتغيير لهجته على المسرح الدولي إذا كان سيحقق الدور الجديد الذي يقترحه للبلاد، كما أنه من الضروري أن تكتسب بريطانيا سمعة إيجابية كوسيط قيّم ومبدع في البحث عن حلول للمشاكل المشتركة.

ويقول نيبليت في التقرير “لن تأتي هذه السمعة إلا من كفاءة الدبلوماسية البريطانية وتأثيرها، ومن الثقة في كلمتها، ومن العودة إلى قوة التقليل من الأهمية التي حظيت بها البلاد باحترام كبير في الماضي، وستكون رئاسة بريطانيا لمجموعة السبع ورئاستها المشتركة لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العام 2021 اختبارات أولى حاسمة”.

وفي حين يحث نيبليت جونسون والآخرين على التحلي بالحكمة في خطابهم، حيث كتب “قد يكون لمفهوم بريطانيا العالمية تجانس ملائم مع مفهوم بريطانيا العظمى”، ولكن في أذهان الكثيرين باتت بريطانيا عظيمة من خلال بناء إمبراطورية ممتدة يتم الآن إعادة النظر في شأن عدم تحقيقها للحق والعدالة. ولذلك سوف تحتاج الحكومة إلى أن تكون حكيمة في كيفية قيامها الآن بإيصال أجندتها العالمية، وخاصة بين شركائها في الكومنولث.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.