تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

معركة أردوغان على أسعار الفائدة تزيد من أعداد فقراء تركيا

مصدر الصورة
سنكتفي بالمشاهدة لحين اتضاح رؤية الأسعار ـ وكالات

رجال الأعمال والمصدرون وأصحاب العقارات اغتنموا فرصة تكاليف الاقتراض المنخفضة.

سنكتفي بالمشاهدة لحين اتضاح رؤية الأسعار

يكشف الواقع المالي والاجتماعي لتركيا مدى تداعيات خطط السياسات النقدية المتبعة، حيث تجتمع انطباعات الخبراء على حقيقة أن معركة الرئيس رجب طيب أردوغان على أسعار الفائدة لكبح التضخم ستعمق عدم المساواة بين الأتراك حيث ستزداد أعداد الفقراء بينما ستجعل تلك الخطوات أغنياء البلاد أكثر ثراء.

إسطنبول - يهدد كفاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل خفض إضافي لأسعار الفائدة بزيادة التفاوت الاجتماعي في اقتصاد بدا مزدهرا في أعقاب تخفيف قيود الإغلاق، مما قد يلحق الضرر بمؤيديه من الطبقة العاملة.

وتؤكد مظاهر معيشة السكان التي تتبعتها وكالة بلومبرغ خلال الآونة الأخيرة أن سياسة الفائدة المنخفضة التي أصر عليها أردوغان زادت من عدم المساواة الاقتصادية وأصبح الأغنياء أكثر ثراء وازداد عدد الفقراء.

وتتجلى تلك المسألة في أولئك الذين يتمتعون بالفعل بحالة مادية ميسورة مثل رجال الأعمال والمصدرين وأصحاب الثروات العقارية، حيث باتوا يحولون تكاليف الاقتراض المنخفضة وضعف الليرة إلى نقود.

ومع ذلك فإن تضخم أسعار المواد الغذائية والارتفاع الهائل في الإيجارات يضغطان على الطبقات الدنيا لقاعدة أردوغان التقليدية.

ولطالما سعت الحكومات السابقة للسيطرة على ارتفاع الأسعار مع تعافي الاقتصاد العالمي من الوباء، حيث يهدف أردوغان إلى تسريع النمو مع انخفاض أسعار الفائدة وإحياء شعبيته المتضائلة قبل انتخابات 2023.

وفي الماضي كان النمو المدفوع بالائتمان مفيدا لأردوغان في الانتخابات السابقة، لكن الضرر الناجم عن التأثير المشترك لهذه السياسة على مر السنين مع وباء فايروس كورونا له تكلفة اجتماعية، وهو ما يعني أن الأسعار المحتملة أكبر بكثير هذه المرة.

ويقول خبراء إن المواد التي ينتجها المصنعون والمصدرون أصبحت أكثر قدرة على المنافسة في الخارج بسبب الانخفاض الحاد في تكاليف العمالة المحلية مع انخفاض سعر الصرف.

وبحسب التحليل وصل الفقر العام في تركيا إلى أعلى مستوى في 2020 خلال السنوات العشر الماضية، وانخفض 1.6 مليون شخص إلى ما دون عتبة البنك الدولي البالغة 5.5 دولار للفرد في اليوم، حيث لم تتمكن الرواتب في البلاد من مواكبة ارتفاع الأسعار.

وحسب تقرير صادر عن اتحاد النقابات العمالية، فإن حد الجوع لأسرة مكونة من 4 أشخاص ارتفع إلى 3093 ليرة (318.8 دولار) خلال أكتوبر الماضي فيما يبلغ الحد الأدنى للرواتب شهرياً الذي بدأ العمل به مع مطلع هذا العام 291.3 دولار ليصبح دون الحد الأدنى لمواجهة الفقر.

وأكد الاتحاد أن هذا الفارق يتفاقم يوميا. وأشار إلى أن حد الفقر لأسرة مكونة من أربعة أفراد تجاوز 10 آلاف ليرة (1030 دولارا) للمرة الأولى.

ووفقا لبيانات رسمية صادرة عن برنامج 2022 السنوي الذي يتبع للرئاسة التركية، فقد قفز عدد الأسر الفقيرة المستفيدة من المساعدة الاجتماعية من وزارة الأسرة بين عامي 2019 و2020 من 3.2 إلى 6.3 مليون شخص.

وفي أي مكان يبرز الاختلاف الأكثر وضوحا بين الطبقات الاجتماعية عند النظر إلى سوق العقارات، إذ أن التجار يستفيدون أقصى استفادة من الإقراض منخفض التكلفة لالتقاط العقار الفعلي كتحوّط نحو تقلبات الليرة المنهارة أمام العملة الأميركية.

وفي ضاحية غوكتورك في إسطنبول بدأت مجموعات من العقارات المؤقتة التي شيدت لفترة طويلة في الماضي من قبل الأسر الفقيرة تنحسر لصالح ميسوري الحال.

وبناء على تقرير شركة “كا.بي.أم.دي” للاستشارات العقارية الذي نشرته مؤخرا فإن انعدام الأمن السكني يرتفع كوضع اجتماعي خطير، حيث ارتفعت تكاليف الإقامة بنسبة 13.2 في المئة اعتبارا من الربع الثالث من هذا العام، ليكون الأعلى في أوروبا.

ويقول هاكر فوغو مؤسس “مجتمع الفقر العميق”، وهي شركة تساعد الأفراد ذوي الدخل المنخفض، إن الفقر تفاقم بشكل مقلق حيث فشلت مجموعة متنوعة من الأسر في تلبية الاحتياجات الأساسية المشابهة للوجبات والسكن.

وأضاف “لقد كنت أعمل في إطار الانضباط على مدار الأعوام العشرين الماضية، وللمرة الأولى أرى الفقر يتحول إلى مجاعة ويطلب أشخاص آخرون وجبات”.

6.6 مليون تركي حصلوا على إعانات اجتماعية في 2019 و2020 وهو ضعف الرقم الذي كان مسجلا

لكن الاقتصاديين يقولون إن دفع أردوغان لإحياء التقدم وإحياء سحره بين الناخبين قبل انتخابات 2023 هو الذي يؤدي إلى تفاقم الاختلالات ذاتها التي تهدد بإفساده في ميدان الاقتراع.

وتبدو الليرة التي انخفضت قيمتها بنسبة 20 في المئة أمام الدولار في عام 2020 جاهزة لانخفاضها السنوي التاسع على التوالي هذا العام.

ولقد استعادت الليرة لقبها في أن تكون العملة الأسوأ أداءً في الأسواق الناشئة لعام 2021 بعد أن بدأ البنك المركزي التركي دورة من التخفيضات الحادة في أسعار الفائدة.

وتسارع التضخم للشهر الخامس على التوالي في أكتوبر الماضي مقتربا من 20 في المئة نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة وضعف العملة التركية.

وبينما تستعد الأسواق لبدء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تقليص الحوافز الوبائية، أشار محافظ المركزي شهاب كوفجي أوغلو إلى عودة تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة، مدفوعة بتأكيد أردوغان غير التقليدي على أن الرسوم المفرطة هي التي يمكن أن تغذي التضخم.

ويزدهر نشاط المنتجين والمصدرين لأن تراجع الأموال الأجنبية أدى إلى انخفاض حاد في أسعار العمالة في أماكن الإقامة وجعل البضائع التركية أكثر قوة في الخارج ، في حين سمح الاقتراض الأرخص للشركات بزيادة الإنتاج بسرعة بسبب الوباء.

ومع تحقيق تقدم في إجمالي الناتج المحلي بلغ متوسطه 8.9 في المئة لهذا العام، فإن النظام المالي يشهد انتعاشا ويرتفع بوتيرة أسرع من معظم الدول في مجموعة العشرين.

ومن المتوقع أن تتجاوز الصادرات 200 مليار دولار للمرة الأولى في الماضي التاريخي للدولة هذا العام.

وكل ذلك جاء على حساب الموظفين، مع تحول توزيع الإيرادات إلى زيادة غير متكافئة. وقد لاحظ أصحاب الدخل المنخفض أن نصيبهم من الناتج المحلي الإجمالي انخفض بمقدار صفر.

ويؤثر ارتفاع عدم المساواة بشكل خاص على الشباب، حيث تتجه البطالة في صفوف هذه الفئة إلى ما يزيد عن 20 في المئة، أي ضعف ما تحدده الأرقام الرسمية.

وقالت جلدم أتاباي، الخبيرة الاقتصادية في شركة وورلد سابلي كومبينيون ومقرها إسطنبول، إن “التقدم الذي دفعته طفرة الائتمان هو إشكالية، إذ يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة النظام المالي مما يؤدي إلى زيادة التضخم والضغط على الأموال الأجنبية”.

وأضافت “هذا الوضع يفشل في جذب مصادر عالية الجودة يمكن أن تكون مطلوبة لتعزيز الرفاهية، فالتدهور في توزيع الإيرادات والحوكمة الخطيرة قد يكون لهما ثمن سياسي”.

وفي المحصلة، يعود تدهور الوضع في تركيا بشكل كبير إلى سياسات أردوغان وتدخلاته في القرارات الاقتصادية التي أدت إلى تراجع قيمة الليرة إضافة إلى هروب المستثمرين من البلاد.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.