تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المملكة المتحدة.. أفولٌ مستمر..!!

مصدر الصورة
وكالات- أرشيف

تهتز الأرض تحت الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون؛ ملخّصُ واحدةٍ من الفضائح أنّ الموظفين في مقر إقامة رئيس الوزراء بوريس جونسون، أقاموا تجمعات باسم "أوقات للنبيذ في أيام الجمعة"، أثناء فرض إجراءات العزل العام بسبب جائحة كورونا، وأن رئيس الوزراء كان يشهد التجمعات بانتظام ويشجع الموظفين على "تفريغ طاقتهم المكبوتة". الموظفون اشتروا برادَ مشروباتً كبير للمكتب وأعادوا ملأه عن طريق حقيبة أخذوها إلى متجر محلي لشراء زجاجات الخمر.

المشكلة ليست في أنّ الحفلة أقيمت في خضم تدابير الإغلاق العام التي كانت مفروضة للوقاية من جائحة كوفيد-19 فحسب، بل عشية جنازة الأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث الثانية، في الوقت الذي كانت فيه البلاد بأسرها في فترة حداد وطني.

اتهم زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر، جونسون بـ«الكذب بوقاحة»، متسائلاً: هل ستكون لديه الآن الجرأة للاستقالة؟ ولكن حتى كتابة هذه الأسطر لم يُقدِم جونسون على الاستقالة!

اعتذر مكتب بوريس جونسون، للملكة إليزابيث الثانية، لكن الضرر كان قد حصل. فقد ساعدت فضيحة جونسون حزبَ العمال المعارض في التقدم بفارق 10 نقاط على حزب المحافظين الحاكم حسبما أظهر استطلاع جديد للرأي، لكنّ الأمر أبعد من ذلك لمن يعرف العادات والقيم البريطانية؛ هل أظهرت حكومة جونسون (والخط الأعوج من الثور الكبير، كما يقال)؟ هل أظهرت أي احترام للملكة العجوز ولما تمثله بالنسبة للبلاد والشعب البريطاني؟ هل أظهرت الحكومة جديتها واحترامها لنفسها أولاً ولقراراتها ثانياً، وخاصة قرار العزل العام الذي فرضته على الشعب، وخالفته هي نفسها وعلى أعلى مستوى؟

بل، هل أظهرت الحكومة البريطانية أي احترام لمواطنيها الذين خضعوا لقراراتٍ آلمتْهم بينما رئيس الحكومة يشرب الخمر ويحتفل؟ بالطبع ثمّة أمورٍ كثيرة تمارسها حكومة المملكة المتحدة لا ترضي شعبها ولكن فضيحة حفلة النبيذ هي الأسوأ، ربما حتى الان، لأنها كشفت كذب رئيس الوزراء و خداعه. هذا الخرق الصارخ للثقة العامة، يأخذ جونسون إلى مستوى فاضح وجديد، سواء أُجبر على الاستقالة أم لا!

ما يجري ليس أول الرقص، بل هو محطة في سلسلة من التراجعات والانهيارات التي تتعرض لها المملكة المتحدة، أهمها الاستفتاء الذي قاد إلى "البريكست"، و"البريكست" نفسه، والمشاكل التي تلته، والخلافات مع الشركاء السابقين في أوروبا والتقرّب من الولايات المتحدة؛ لندن تنظرُ عبر الأطلسي الفسيح إلى واشنطن رغم بُعد المسافة، وتدير ظهرها إلى أوروبا القريبة وتختنق من "نفق المانش" الضيق، وهذا ليس بالأمر البسيط ونتائجه ليست قليلة وليست إيجابية.

"فضيحة الحفلة" جزء في مسار؛ فمنذ بضع سنوات، تُظهر المملكة المتحدة أمراً مهماً، هو ضعف القادة والقيادة في البلاد وانفصالهم عن الواقع والشعب البريطاني، ولم يعد سراً أن ظهور كيانات انفصالية أمر محتمل جداً، لاسيما في أسكوتلندا، وهذا كله سينعكس على الاقتصاد البريطاني!

نلاحظ بالمقارنة أنّ المانيا، على سبيل المثال، خارج مجلس الأمن الدولي، ولكنها تقود أوروبا بثبات، وتقيم علاقات وتفاعل وتوازن مع روسيا والصين، وهي لاعب أساسي في فريق التفاوض مع إيران حول الملف النووي وغير ذلك من القضايا الدولية.

المملكة المتحدة مستمرة في عملية تحوّل من قوة عظمى إلى قوة إقليمية مهددة بالتفكك، تعاني المشاكل والتحديات وتتأخر في سلّم التأثير الدولي لصالح لاعبين آخرين أكثر نشاطاً وحيوية وقوة، ولولا وجودها كعضوٍ دائم في مجلس الأمن الدولي، ربما لم يعد لها أي شأن مهم!

الاستنجاد بالصديق الأمريكي يُقدّم فرصاً ويفتح نوافذ ولكنها تظل محدودة ومؤقتة، لاسيما وأنّ هذا الصديق نفسه يسير باتجاه الانحدار وربما بأسرع مما يتخيل الكثيرون..؟!!

                       بديع عفيف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.