تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا غبار الحرب حول أوكرانيا..؟!!

مصدر الصورة
وكالات

دعك من التحدث عن خلفيات فلاديمير بوتين.. وآليات تفكيره.. والقيصرة.. والدب الروسي... الخ، وركّز على حسابات الرئيس الروسي الجيوسياسية والمكانة والمصالح التي يبحث عنها الزعيم الروسي لبلاده على خارطة العالم في المستقبل القادم؛

قبل قرابة أسبوعين أرسلت روسيا مطالب للغرب وعليه تنفيذها كاملة وليس مسموحا أن ينتقي منها؛ قبولها كلها أو رفضها كلها؛ من يجرؤ على مخاطبة الغرب المتغطرس بهذا الأسلوب، إما جاهل ومتهوّر والرئيس بوتين ليس جاهلاً ولا متهوراً، وإما واثق من قدراته ومن قوته وبالتالي من انتصاره وأنّ الطرف الثاني سيخضع للأمر في المحصلة، وهذا هو الأرجح.

الرئيس الروسي يمتلك القوة العسكرية والصواريخ الفرط صوتية والغرب يقرّ بتخلفه عن روسيا في سياق العسكرة والتسليح؛ الرئيس الروسي يمتلك فائضاً تجارياً مذهلاً وكميات هائلة من احتياطي الذهب وقد سحب معظم الأرصدة والسندات الروسية من البنوك الأمريكية؛ الرئيس الروسي يقبض على صمام الغاز الروسي المتجه إلى أوروبا، ومجرّد شدّه قليلاً ستكتوي "العجوز" بالصقيع من جهة، وبنار الأسعار التي ستحلّق من جهة أخرى، وما جرى في الشهرين الماضيين كان "بروفة" بسيطة حين حلّقت أسعار الغاز عالياً؛ أوروبا التي ركلها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هي ليست صاحبة قوة ولا قرار ولا وزن في الواقع الجديد في السياسات الدولية؛ تجاهلها بوتين في الحديث مباشرة إلى الولايات المتحدة!

وإلى ذلك، فإنّ إحدى أهم أخطاء الاتحاد السوفيتي السابق قد أصلحها بوتين؛ العلاقات المتصاعدة مع الصين، في جميع المجالات، السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية.. لدرجة أنّ أحد المحللين الروس تحدث عن محور "الصين" بدلاً من محور "وارسو"؛ محور الصين الذي قد يضم أيضاً إيران والباكستان وكوريا الديمقراطية (الشمالية)، وسورية وغيرها من البلدان التي أهلكها الغرب بسياساته العدوانية الاستعمارية؛ هذه العلاقات الصينية الروسية مرئية جداً في العالم ويتنظرها الكثيرون لتحقق توازناً ضرورياً في العلاقات الدولية ضد الأحادية القطبية الأمريكية المتسلطة؛ لكن أكثر من يراقبها هم الأوروبيون، ولاسيما الألمان والفرنسيين:

هناك رغبة ونزعة أوروبية لم تعد خافية للتخلص من الهيمنة والغطرسة الأمريكية على القارة. الأوربيون يريدون البحث عن مصالحهم، والخطوط مفتوحة مع موسكو وبكين، قبل أوكرانيا وبدونها وبعدها. أوروبا لا تريد أن تبدو أنها تتخلى عن الشريك الأمريكي "الغليظ"، لكن إذا ما ضعفت يد واشنطن، فلن تبقى مواقف أوروبا أبداً كما هي الآن.

من هنا تسعى الولايات المتحدة "متأخرة جداً جداً" لوقف التقدم الروسي الصيني على مسرح العلاقات الدولية. الهستيريا التي تفتعلها واشنطن وخلفها لندن بشأن غزوٍ روسيٍّ وشيك لأوكرانيا تهدف لفرملة الدور الروسي المتصاعد، والدور الصيني القيادي القادم، ولكن يبدو من الصعب إيقاف عجلة الزمن.

بالطبع لا تغيب الخطط والأهداف الأمريكية عن إدراك القادة الروس، ولو لم تكن موسكو واثقة من انتصارها لِما بدأت المعركة ضد الغرب بقوة وحزم عبر المطالبة بوقف تقدّم حلف "الناتو" شرقاً وبحزمة أخرى من الضمانات ألأمنية.

حرب "الساعات" العسكرية في أوكرانيا، إن حصلت أو لم تحصل، هي تفصيل صغير في مسار الأحداث والتطورات، وروسيا ربحت الحرب مسبقاً، خاضتها أو إن لم تخضها، ولنا في الإنزال الروسي الخاطف قبل أسابيع في كازاخستان مثال يجب ألا ننساه! والربح الروسي يصبّ أيضاً في السلّة الصينية!

ويمكن الجزم مسبقاً بأنّ المواقف الأوروبية "ستتشظّى" بشكل أوسع وأكبر وستشهد القارة مزيداً من البحث عن المصالح الأوروبية بعيداً عن التسلط الأمريكي باتجاه الشرق الصاعد بقوة وستسلك الكثير من دول القارة العجوز طريق المصالح؛ طريق الحرير وطريق التجارة الشمالي، ولن تستطيع الولايات المتحدة إعادة عقارب الزمن إلى الوراء!!

                                                                     بديع عفيف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.