تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ألمانيا تحت النيران الصديقة.. هل بدأ الغرب يتفكك..؟!!

مصدر الصورة
عن الانترنيت

ليس بلا مغزى أن يوجه نائب رئيس الوزراء البولندي ياروسلاف كاتشينسكي، (الأحد 3 نيسان 2022) اتهامه لفرنسا وألمانيا بأنهما مقربتين جداً من روسيا في سياق الحرب في أوكرانيا. ففي مقابلة نشرتها صحيفة "دي فيلت" الألمانية، اعتبر الرجل أن "ألمانيا، مثل فرنسا، لديها انحياز قوي لموسكو". ووجه كاتشينسكي انتقاداته الأكثر حدة لبرلين لأنه "على مدى سنوات، لم تكن الحكومة الألمانية تريد أن ترى ما تفعله روسيا بقيادة (الرئيس فلاديمير) بوتين، ونحن نرى النتيجة اليوم". وآخذ الزعيم البولندي على برلين محاولتها "إعادة بناء ما فعله المستشار السابق للإمبراطورية بسمارك"، ما يعني "هيمنة ألمانية لكن جنبا إلى جنب مع روسيا".

وزاد رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي موقف بلاده السائرة في الخط الأمريكي، وضوحاً وجلاء بانتقاده فرنسا وألمانيا. واعتبر أنّ موقف ألمانيا يعرقل فرض أكثر العقوبات صرامة ضد روسيا. وقال مورافيتسكي (4/4/2002): "الوضع في أوروبا واضح جداً، والقمم تجعل كل شيء شفافا. ألمانيا هي المكبح الرئيسي لفرض العقوبات الحازمة جداً.. أول من يكبحها (العقوبات) هي الدول الكبيرة التي تخاف على مشاريعها التجارية وتخاف من العواقب وربما تخاف من شيء آخر. الدول الكابحة الأولى هي الدول الأكبر والأكثر ثراء في غرب أوروبا".

وفيما لم تبالي روسيا بالتصريحات البولندية، ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالانتقادات التي وجّهها مورافيتسكي إلى محادثاته الهاتفية المتكرّرة مع الرئيس بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا، معتبراً هذه التصريحات "بلا أساس" و"فاضحة". وقال ماكرون: "لقد سعيت دوماً للتحدّث مع روسيا" و"ناقشت باستمرار من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار وإلى هدنة إنسانية، تماماً كما يفعل المستشار (أولاف) شولتز في ألمانيا أو غيره من رؤساء الدول والحكومات في أوروبا".

ونشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية مقالاً عن دور ألمانيا في الحرب الدائرة في أوكرانيا. وادعت الكاتبة كاتجا هوير أن أوكرانيا تدفع ثمن تقاعس ألمانيا، وأن برلين "تدمّر سمعتها الدولية من خلال الاستمرار في تمويل آلة الحرب الروسية". وزعمت أنه في ضوء التقارير عن الفظائع المروعة التي ارتكبت ضد المدنيين الأوكرانيين، يرد الاتحاد الأوروبي بحزمة عقوبات جديدة، لكن ألمانيا ما زالت تعترض الطريق لفرض حظر على استيراد، الغاز الذي هو أكثر أصول بوتين تحقيقا للربح. وأشارت الكاتبة إلى أن برلين "تحتاج إلى قبول أنّ هناك ثمناً يتعين دفعه مقابل سياسة الطاقة المتراخية على مدى العقدين الماضيين... ومنذ عام 2014 وحده، أرسلت برلين 170 مليار يورو إلى موسكو لدفع ثمن واردات الغاز والفحم والنفط". فلا تزال ألمانيا تستورد 40 بالمئة من غازها ونفطها ونصف فحمها من روسيا.

وكتب بول كروغمان مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اعتبر فيه أنّ حرب الرئيس بوتين تعتمد على الأموال التي تحصل عليها روسيا من بيع الوقود الأحفوري إلى أوروبا. واستنتج أنه لن يتم إيقاف بوتين بشكل نهائي حتى تنهي أوروبا اعتمادها على الطاقة، وأن ألمانيا أصبحت في الواقع أداة التمكين الرئيسية لبوتين، مشيراً إلى إصرار قادة ورجال الأعمال الألمان على عدم القدرة على الاستغناء عن الغاز الطبيعي الروسي. ووصف الكاتب التصرف الألماني بالعار، وإنه دليل على النفاق الألماني الحديث. وانتقد مقال "نيويورك تايمز" المستشار الألماني أولاف شولتز، ولاحظ أنه انحاز إلى دعاة الذعر، مدعياً أنه اعترف، على مضض، بضرورة "القيام بشيء ما" بعد الكشف عن الفظائع الروسية في أوكرانيا.

وكانت "نيويورك تايمز" نفسها قد أفادت بأن خلافات برزت بين أعضاء حلف الناتو بخصوص كيفية التعامل مع موسكو، على خلفية استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وأكدت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها أن دول حلف شمال الأطلسي منقسمة بخصوص أفضل طريقة لإدارة المرحلة المستقبلية من النزاع الذي قد يدوم طويلاً وفترة الغموض التي من المتوقع أن تخلفه. ونقلت الصحيفة عن مسؤولَين غربيَيَن بارزين قولهما إن أعضاء الحلف في وسط أوروبا، مثل بولندا ودول البلطيق، يصرّون على قطع العلاقات مع موسكو تماما وبذل جهود من أجل "تركيع روسيا"، لكنّ أعضاء آخرين في الحلف لا يثقون بإمكانية إخضاع روسيا بسهولة. وأكد المسؤولان للصحيفة أن دولاً مثل فرنسا وألمانيا وتركيا ترغب في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الرئيس بوتين، بغض النظر عما وُجِّهت إلى موسكو في الأيام الأخيرة من اتهامات من قبل الغرب بارتكاب جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا.

العالم ليس موحدا ضد روسيا.. فلماذا التركيز على ألمانيا إذن؟!

قبل أيام أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، أن الغالبية العظمى من الدول أعلنت عدم فرض عقوبات على روسيا. وقال المتحدث في تغريدة على "تويتر" إنّ "أكثر من 140 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة لم تعلن عن أي عقوبات على روسيا'. وتضمنت التغريدة التي نشرها الدبلوماسي الصيني رسماً بيانياً أكد من خلاله أن 74 بالمئة من الدول أعلنت عدم فرض عقوبات على موسكو.

وأحصت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية الدول التي وقفت إلى جانب روسيا وتلك التي بقيت محايدة أثناء تفاقم الوضع في أوكرانيا، معترفة بأن معظم سكان العالم يعيشون في هذه الدول. وقسّم أصحاب التقرير دول العالم إلى موالية لروسيا وموالية للغرب ومحايدة؛ في المجموعة الأولى أدرجت 28 دولة، وتضم مجتمعة ثلث سكان العالم. وتشمل هذه الدول الصين وسورية وباكستان وإريتريا وإثيوبيا؛ 32 دولة أخرى، والتي تمثل أيضا ما يصل إلى ثلث سكان العالم، تلتزم بوضع الحياد، من بينها الهند والبرازيل وبنغلاديش، فيما وضعت 131 دولة في فئة الدول "الموالية للغرب"، ويعيش هناك 36 بالمائة فقط من سكان العالم.

وعلّقت المجلة بأن "حوالي ثلثي سكان العالم يعيشون في دول محايدة أو موالية لروسيا. توازن القوى بشكل كبير من قبل الصين والهند، فهما تمثلان ما يصل إلى ثلث سكان العالم. تتجنب الحكومة الصينية المؤيدة لروسيا إدانة أفعال بوتين مباشرة ومن غير المرجح أن تدعم الغرب. حكومة الهند، صنفناها على أنها محايدة، تعزز التعاون مع الحكومة الروسية، خاصة بسبب انخفاض أسعار النفط "، مقرة بنهاية المطاف بأن المجتمع الدولي ليس بأكمله ضد روسيا.

وفي مقال بعنوان: بالشّراكة الرّوسيّة- الأَلمانيّة تنتفي الحاجة إلى حلفٍ أَطلسي، (1/3/2022)، كتب رزق الله الحلو، في موقع "النشرة" اللبنانية: "فالأميركيّ لا يُريد أَن تُصبح أَلمانيا أَكثر اعتماداً على الغاز الرُّوسيّ، لأَنّ التّجارة تبني الثّقة، والأخيرة تُؤَدّي إِلى تَوْسيع الأَعمال التّجاريّة وغير التّجاريّة... وكُلّما ازداد دفء العلاقات، يُرفَع المَزيدُ مِن الحَواجز التّجاريّة بَيْن أَلمانيا وروسيا، ويُستَتبَع ذلك بتخفيف اللوائح والشُّروط، وانتعاش قطاع السّفر والسّياحة، وإِنشاء بُنيةٍ أَمنيّةٍ جديدةٍ بَيْن البلدَيْن. عسكريًّاً، عندما تكون أَلمانيا وروسيا دولتَيْن صديقتَيْن وشريكَتَيْن في التّجارة، ليْسَت ثمّة حاجةٌ إِلى قَواعد عسكريّةٍ أَميركيّةٍ، ولا حاجة إِلى أَنظمة صواريخ وأَسلحة أَميركيّة باهظة الثّمن، ولا حتّى إِلى وجود "حلف شمال الأَطلسيّ"!

وتابع الحلو: "وأَمّا ماليًّاً، وحينما تكون أَلمانيا وروسيا شريكتَيْن، فلَيْست ثمّة حاجة إِلى التعامل مع صفقات الطاقة بالدولار الأَميركي، أَو تخزين سندات الخزانة الأَميركيّة لموازنة الحسابات... كما ويصبح في الإمكان إِتمام المعاملات بَيْن شُركاء الأَعمال مباشرةً، وبعُملاتهم الخاصّة، ما يُساهم في خَفْض قيمة الدُّولار في شكلٍ كبيرٍ، وإِحداث تحوّلٍ كبيرٍ في القوة الاقتصادية" وعليه، فإِنّ السبب الرئيسي لمعارضة إِدارة بايدن مشروع "نورد ستريم-2"، "إِنّما هو لكَونِه ليس مُجرّد خطّ أَنابيبٍ عاديٍّ، بل هُو بمثابة نافذةٍ على مُستَقْبلٍ تتقارب فيه أُوروبّا وآسيا معاً، في منطقةٍ تجاريّةٍ حُرّةٍ وضخمةٍ، "تزيد مِن قُوّتهما المُتبادَلَة، وازدهارهما المُشترَك، في مُستقبَلٍ، تصبح الولايات المُتّحدة خلاله مُستبْعدَةً ومُحبطةً"..!!

وفي مقاله: أُوكرانيا: حلبة صراع "الكاوبوي" الأميركي و"الدب الروسي"، (8/3/2022) كرر الحلو في موقع "النشرة" أيضاً أنّ العلاقات الأَكثر دفئاً بَيْن أَلمانيا وروسيا، ""تُمثّل "مُؤشّراً" إِلى نهاية "النّظام العالمي الأحاديّ القطب"، الذي استفردت الولايات المتحدة، بقيادته على مدار السنوات الطّويلة الماضية.. كما وأَن التحالف الأَلماني– الروسي، مِن شأنه أَيضاً أَن يسرّع انحدار القوة العظمى التي تقترب الآن مِن الهاوية؛ إِنّه السّبب في أَنّ واشنطن مُصمّمةٌ على بذل كُلّ ما في وسعها، لتدمير "نورد ستريم-2"، وإِبقاء أَلمانيا في مدارها. إِنّها مسأَلة بقاءٍ. إِنّه مَوْقِع أُوكرانيا، في الصُّورة العامّة للوضع الرّاهن. فأُوكرانيا هي "السّلاح الأمضى" لواشنطن لنسف "نورد ستريم-2"، ووضع إِسفين بَيْن أَلمانيا وروسيا. هذه الاستراتيجيّة مأخوذة مِن الصفحة الأُولى مِن كُتيّب السياسة الخارجية الأَميركية تحت عنوان: "فرّق تَسُد"..!!!!

                                  بديع عفيف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.