تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: وضع أوروبي حرج

مصدر الصورة
عن الانترنيت

دقّت الدول الأوروبية ناقوس الخطر، في ضوء مخاوفها من «شتاء كارثي» يداهمها، بسبب نقص إمدادات الغاز، الذي بات يهدّد قطاعات صناعية بالإغلاق، بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وما يمكن أن ينتج عنها من مشكلات اقتصادية واجتماعية بدأت تتجلى في إضرابات العمال، والفوضى التي عمت مطارات عدة وسكك الحديد، وقد تكون هذه بداية تقلبات لا حد لها، مع دخول أكبر صراع بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية شهره الخامس.

الصعوبات التي تواجه أوروبا جمّة والأزمة شاملة، ويعي قادة الاتحاد الأوروبي هذه التحديات، ويُجمعون على أنها تاريخية وتأثيراتها بعيدة المدى، ولم تتوصل القمم المتوالية التي تشهدها القارة إلى شيء عملي، باستثناء السجال العنيف مع روسيا التي يحمّلها القادة الغربيون مسؤولية المأساة الاقتصادية والاجتماعية الجارية، لكن موسكو ترمي بالكرة في مرمى الغرب، وتلقي بتَبِعَة هذا الوضع المتدهور على كاهل العقوبات «الهستيرية» التي فرضها عليها. وفي غياب التواصل الجاد بين الطرفين لا يبدو هناك ضوء في نهاية النفق، بل معظم التوقعات متشائمة، وتسير باتجاه انسداد غير مسبوق.

التكلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على أوروبا جراء الحرب الدائرة في أوكرانيا تؤكد مؤشراتها أنها باهظة جداً؛ لأن الأزمة الحالية لم تكن متوقعة بحجمها وامتداداتها، خصوصاً بعد أن تبين أن هناك تشابكاً استراتيجياً مع روسيا في مجالات النفط والغاز والحبوب، وليس من السهل فكّ هذا التشابك في غياب البديل، وفي ظل انعدام رؤية واضحة المسار للحفاظ على عصب الحياة الغربية، ولا يشمل الوضع المأزوم أوروبا فحسب، بل إن الولايات المتحدة تواجه المشكلة ذاتها، وتعيش موقفاً لا تحسد عليه أيضاً، ونتائج ذلك تبدو في ارتفاع الأسعار والتضخم، وصولاً إلى نقص الغذاء الذي بات يهدد بمجاعة عالمية آخذة في الاتساع، وفق ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي تحدث صراحة عن «خطر حقيقي» بحدوث مجاعات هذا العام، ودعا إلى اجتماعات موسعة لبحث نقص الغذاء، وتحقيق الاستقرار في أسواق الغذاء، وتقليل التقلبات في أسعار السلع.

أكبر كابوس يواجه أوروبا في الوقت الحالي أن تعمد روسيا إلى قطع إمدادات الغاز نهائياً. وتحسباً لهذا الطارئ، أقدمت دول منها هولندا والسويد والنمسا والدنمارك على تفعيل خطط الطوارئ في قطاع الطاقة، ورفعت ألمانيا درجة الاستنفار في القطاع إلى المستوى الثاني من بين ثلاثة مستويات للاستنفار.

وفي المستوى الثالث ستفرض الحكومة سيطرتها الكاملة على عمليات توزيع الغاز الطبيعي في البلاد. ومجمل هذه الإجراءات يؤكد أن الأزمة تقترب من لحظة الاختناق، وهو ما سيفتح المجال إلى الاحتمالات الأسوأ، ومنها الذهاب بعيداً إلى حد التفكير في الحلول العسكرية، وقد يكون هذا الخيار جنونياً في أوروبا وأشبه بالانتحار، والتاريخ يؤكد أن الصراعات الكبرى كان التدهور الاقتصادي قادح انفجارها، ولكن هناك بصيص أمل في أن تتغلب الحكمة في الأخير، وتتجنب أوروبا والعالم مصيراً مشؤوماً لا يرضاه أحد.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.