تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحروب تصنع النظام العالمي

مصدر الصورة
عن الانترنيت

يعتبر صلح أو معاهدة «وستفاليا» الموقعة عام 1648، أول اتفاقية دبلوماسية تم توقيعها في العصر الحديث، حيث أرست نظاماً جديداً في أوروبا الوسطى والغربية، مبنياً على «مبدأ سيادة الدول»، بعدما أنهت حرب الثلاثين عاماً في الإمبراطورية الرومانية التي كانت الأرض الألمانية القديمة مسرحها بحدودها ما قبل الحرب العالمية الأولى. وقد وقعت على المعاهدة/الصلح، الإمبراطورية الرومانية وممالك فرنسا وإسبانيا والسويد وجمهورية هولندا.

وشكلت «وستفاليا» أول محاولة لقيام نظام دولي يضع حداً لحرب دينية مديدة بين الكاثوليك والبروتستانت أودت بحياة 12 مليون أوروبي.

بعد ذلك أنشئت منظمات دولية للتعاون في مسائل معينة، وأُسس الاتحاد الدولي للاتصالات في عام 1865، كما أنشئ اتحاد البريد العالمي عام 1874. وفي عام 1899 عقد مؤتمر السلام الدولي في لاهاي، لوضع أسس تسوية الأزمات سلمياً، ومنع الحروب، وتقنين قواعد الحرب، واعتمدت اتفاقية التسوية السلمية للمنازعات الدولية، وأنشئت محكمة التحكيم الدولية التي بدأت عملها عام 1902.

لكن الحرب العالمية الأولى التي اندلعت عام 1914 وتواصلت لأربع سنوات، وأدت إلى مقتل نحو 60 مليون شخص، أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، وأدت إلى قيام نظام دولي جديد فرضته دول الحلفاء التي انتصرت في الحرب، حيث كانت نهاية الإمبراطورية الألمانية التي فرضت عليها عقوبات قاسية، اعتبرت يومها «مذلة» لألمانيا؛ الأمر الذي أدى إلى تأجيج المشاعر القومية الألمانية، وظهور أدولف هتلر.

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى بكل مآسيها، أنشئت «عصبة الأمم» عام 1919 بموجب «معاهدة فرساي»، بهدف «تعزيز التعاون الدولي وتحقيق الأمن والسلام»، كتعبير عن نظام دولي جديد. لكن «العصبة» لم تصمد بعدما فشلت في منع العدوان الياباني على إقليم منشوريا الصيني عام 1932، والعدوان الإيطالي على الحبشة عام 1936، وفشلها في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1938.

بعد الحرب العالمية الثانية التي هزمت فيها ألمانيا النازية، شُكلت الأمم المتحدة عام 1945 كتعبير عن قيام نظام دولي جديد احتلت فيه الولايات المتحدة، والاتحاد السوفييتي، باعتبارهما الدولتين الأساسيتين المنتصرتين في الحرب، مركز الصدارة، إلى حين تفكّك الاتحاد السوفييتي عام 1991، حيث تفردت الولايات المتحدة بقيادة هذا النظام.

يبدو واضحاً أن كل حرب كبرى كانت تنتج نظاماً دولياً جديداً بديلاً للنظام السابق تفرضه موازين القوى ونتائج الحرب. وبما أن النظام الذي تقوده الولايات المتحدة منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، بدأ يشهد حالة من التنافس الحاد من القوى الدولية الصاعدة الأخرى مثل الصين وروسيا، للمشاركة فيه، ومع إصرار واشنطن على التفرّد بهذا النظام، فإن الحرب الأوكرانية التي يبدو أنها قد تطول وتتسع، ومعها احتمال تفجر الصراع بين الصين وتايوان، كل ذلك يؤذن بقيام نظام دولي جديد بعد حروب قد تكون أكثر دموية وتدميراً.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.