تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأزمة في مضيق تايوان: أي عبر يمكن استخلاصها

مصدر الصورة
وكالات

بكين تمدد مناوراتها حول تايوان وتلغي المحادثات العسكرية مع واشنطن.

مع تمديد الصين الاثنين لمناوراتها العسكرية حول تايوان يحذر محللون من تعطل سلاسل الإمدادات العالمية المضطربة أصلا. ويقول مراقبون إن أزمة تايوان مفتوحة على المزيد من التصعيد وما هي إلا جبهة من جبهات تثبيت النفوذ بين واشنطن وبكين.

بكين - مددت الصين الاثنين مناوراتها العسكرية في مناطق قريبة من تايوان تزامنا مع إعلانها عن إلغاء المحادثات العسكرية مع واشنطن، في خطوات تصعيدية يقول مراقبون إنه لا بد من استخلاص العبر منها.

وأعلن الجيش الصيني الاثنين عن استمرار مناوراته العسكرية في مناطق قريبة من تايوان.

وقالت قيادة المنطقة الشرقية بجيش التحرير الشعبي الصيني إن عناصرها “تجري تدريبات برا وبحرا وجوا قرب تايوان، إضافة إلى تدريبات على شن هجمات ضد الغواصات وغارات بحرية”.

ومنذ الخميس الماضي تجري الصين تدريبات عسكرية حول تايوان، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة.

ودافعت بكين عن تلك التدريبات وقالت إنه يتعين على الولايات المتحدة تحمل “العواقب الوخيمة” لزيارة بيلوسي.

وطالبت بكين مرارا بيلوسي بالتراجع عن خططها لزيارة تايوان واعتبرت أن إصراراها “استفزاز” للصين ما أجج التوترات بين واشنطن وبكين.

الرسالة واضحة مفادها أنه في مقدور الصين منع دخول أي سفينة أو طائرة، عسكرية كانت أو مدنية، وخروجها من الجزيرة

وتزامنا مع ذلك، ألغت الصين محادثات رسمية مع الولايات المتحدة تضمنت قيادات ميدانية وتنسيق سياسة الدفاع والمشاورات البحرية العسكرية .

وأدان مسؤولون في وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين والبيت الأبيض هذه الخطوة ووصفوها بأنها رد فعل مبالغ فيه وغير مسؤول.

وقدمت المناورات العسكرية الصينية الواسعة في محيط تايوان تصورا أوليا لما قد تمثله حملة عسكرية فعلية لبكين على جارتها الصغيرة.

وفرضت بكين عقوبات اقتصادية على تايبيه، مكثفة الجهود لعزلها، وهي خطوات من شأنها أن تزعزع الوضع القائم في مضيق تايوان، بحسب خبراء.

وللمرة الأولى نفّذ الجيش الصيني تمارين في الجانب الشرقي من تايوان، وهي منطقة إستراتيجية بدرجة كبيرة للإمدادات الوافدة إلى الجزيرة، بما في ذلك قوات دعم أميركية محتملة.

والرسالة واضحة مفادها أنه في مقدور الصين منع دخول أي سفينة أو طائرة، عسكرية كانت أو مدنية، وخروجها من الجزيرة.

ويتوقع خبراء منذ فترة طويلة أن تكون الصين قد وضعت إستراتيجية من هذا النوع في حال اندلاع حرب لاجتياح تايوان.

وقال كريستوفر توومي المتخصص في الشؤون الأمنية في الكلية البحرية في كاليفورنيا إن “هذه الأزمة تظهر أن بكين قادرة على تكرار أفعال مشابهة أو حتى الرفع من مستواها بقدر ما تشاء”.

لكنه لفت إلى أن “فرض حصار قد يكلّف غاليا، أكان في ما يخصّ سمعة الصين أو موازنة جيشها”.

ونظرا إلى الصعوبات الاقتصادية الراهنة، من غير المرجّح أن تجازف الصين في المدى القصير بزعزعة الاستقرار في مضيق تايوان، وهو من الممرات المائية الأكثر حركة في العالم.

وزادت الصين بوتيرة سريعة من عدد أفراد جيشها وحدّثت عتاده في المجالات الجوية والفضائية والبحرية بهدف استعراض قوّتها على الصعيد الدولي وتقليص الفجوة مع الولايات المتحدة.

ومازالت قدرات بكين العسكرية أدنى من قدرات واشنطن. لكن الهدف هو، بحسب تحليلات البنتاغون، التزوّد بالوسائل اللازمة لقمع كلّ مقاومة لاجتياح تايوان بحلول 2027.

وبحسب كولين كوه الخبير في الشؤون البحرية في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، عكست هذه التمارين التقدّم الذي أحرزه الجيش الصيني منذ الأزمة الأخيرة في مضيق تايوان في 1995 – 1996.

وصرّح كوه “أقلّ ما يقال هو (…) إن إنجازهم لمناورات من هذا المستوى يثبت أنهم ازدادوا قدرة أكثر بكثير مما كان عليه الحال في التسعينات”.

ويعيش سكان تايوان البالغ عددهم 23 مليون نسمة منذ زمن طويل تحت تهديد اجتياح صيني. لكن هذا التهديد تعاظم في عهد شي جينبينغ، أقوى الزعماء الصينيين خلال جيل من الزمن.

وباتت الصين تقاطع الفواكه والأسماك من تايوان بهدف إضعاف اقتصاد الجزيرة. وبحسب محللين، يرمي هذا الإجراء إلى تقليص الدعم الذي تحظى به الحكومة التايوانية المؤيدة للاستقلال في أوساط الناخبين.

وفرضت بكين عقوبات على شركات كانت تدعم وكالة المساعدة التنموية للحكومة التايوانية بهدف تقويض ما يعرف بـ”دبلوماسية دفتر الشيكات” التي تنتهجها تايوان إزاء حلفائها.

لكن بحسب خبراء، تبقي الصين أعمالها العسكرية وعقوباتها الاقتصادية دون مستوى حرب بغية تفادي مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.

وقالت بوني غليزر مديرة البرنامج الآسيوي في المجموعة البحثية الأميركية “جرمن مارشال فاند” إنه “من المستبعد أن تكون التوتّرات طويلة الأمد. لكن المؤكّد هو أنه من شأن أزمة كبيرة أن تؤثر على النقل البحري وأقساط التأمين والممرات التجارية وسلاسل الإمداد” العالمية.

وقد تصبح هذه التمارين العسكرية من المناورات المنتظمة في محيط تايوان، بحسب كوه.

وقال “ستصبح المناورات المنفّذة في جوار جزيرة تايوان الرئيسية عملة سائدة”.

وأضاف المحلّل أن “قيام جيش التحرير الشعبي بهكذا مناورات يشكّل سابقة”، متوقعا “رفع السقف عاليا في المستقبل من حيث النطاق والقوّة”.

وفي فترات التوتّر، ترسل الصين سفنا أو طائرات حربية إلى الجهة المقابلة من الخط الأوسط في مضيق تايوان الذي يفصل بين الجزيرة وبرّ الصين الرئيسي.

غير أن زيارة بيلوسي شكّلت بالنسبة إلى بكين “حجّة أو مبرّرا لتقول إنه سيكون في مقدورها في المستقبل إجراء تمرينات شرق الخطّ الأوسط من دون أن تضطر إلى تسويغ فعلتها”، بحسب كوه.

وقال المحلل العسكري الأميركي كريس أوزبورن، الذي عمل سابقا في وزارة الدفاع الأميركية بمكتب مساعد وزير الدفاع، إنه عندما يتعلق الأمر بتقييم سريع للقوة الجوية الصينية، قد يتساءل المرء عما إذا كان لدى القوات الجوية للجيش الصيني ما يكفي من الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس لتحقيق التفوق الجوي لدعم هجوم برمائي على تايوان.

بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون لدى الصين ما يكفي من طائرات التزود بالوقود في الجو لاستعراض القوة الجوية عبر القارات أو حتى الحفاظ على حملات هجوم الطائرات المقاتلة التي طال أمدها فوق تايوان، بالنظر إلى أن طائرات “جي – 20” ستحتاج إلى الانطلاق من الأرض.

وربما إدراكا لهذا العجز المحتمل وغياب طائرات “جي – 31” التي تطلق من حاملة طائرات، تتحرك القوات الجوية الصينية بسرعة لتوسيع أسطولها من طائرات التزود بالوقود في الجو. وقد يكون هذا أيضا محاولة لسد عجز واضح في تلك الطائرات مقارنة بالولايات المتحدة واستعراض القوة الجوية العالمية بالكامل.

وعلّقت الصين تعاونها مع الولايات المتحدة في مجالات أساسية، من بينها التغيّر المناخي والدفاع، في قرار وصفته واشنطن بـ”غير المسؤول”.

وأعلنت بكين عن عقوبات تطال بيلوسي التي تتبوأ ثالث أعلى منصب في الدولة الأميركية.

وقالت غليزر خلال حلقة نقاشية من تنظيم مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية “هي مرحلة هوت فيها العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى مستويات متدنية جدا”.

وصرّحت “آمل أن تجد الحكومتان سبيلا للمضي قدما (…) بغية التطرّق إلى الخطوط الحمراء والشواغل وكسر هذه الدوّامة المدمّرة في المنطقة”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.