عندما زار المبعوث الأميركي جورج ميتشل دمشق، عبّر عن ارتياح بلاده إلى «سلوك سورية» في ملف انتخابات لبنان. لكنّ جدول أعماله كان في مكان آخر. فقد قال صراحة إنه مكلف من الرئيس باراك أوباما بمتابعة العلاقات الثنائية بين البلدين. وعندما صار الحديث مباشراً وموضعياً، تحدث ميتشل عن ملفّين أساسيّين.
الملف الأول يخص عملية السلام في الشرق الأوسط. وقد قال ميتشل إنه لم يكن ليقبل بالمهمة الموكلة إليه لو لم ينتزع موافقة على تحقيق إنجازات خلال وقت غير طويل، وهو يشير إلى سنة أو سنتين، وإنه يقوم الآن بإعداد الأرضية الكفيلة بإطلاق عملية تفاوض تشمل سورية والفلسطينيين وبقية العرب مع إسرائيل.
أمّا الملف الثاني فيخص العراق وحاجة الولايات المتحدة إلى دعم سورية لتنفيذ انسحاب أمريكي آمن ومساعدة الحكومة القائمة في بغداد.
في الملف الاول سمع الموفد الاميركي من الرئيس بشار الأسد كلاماً واضحاً وعناوين حاسمة: لن يكون هناك تفاوض قبل أن تعلن إسرائيل رسمياً وعلناً أنها تريد الانسحاب من الاراضي السورية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران عام 1967، وإن سورية تريد تحقيق السلام ولكن ليس بأي ثمن، ويجب توافر إرادة وشريك في إسرائيل، وهذا ما لا يمكن الحديث عنه الآن.
كذلك قال الأسد إنه لا يمكن تحقيق سلام مع الفلسطينيين في ظل استمرار تجاهل قوى المقاومة، صاحبة التمثيل الشعبي الاكبر، وإن من يصر على هذا الموقف لن يصل الى نتيجة، وسورية تقف علناً الى جانب المقاومة.
وفي الملف العراقي، قال الأسد للموفد الأميركي، إن كانت أمريكا مهتمة بمصير وحياة عشرات الألوف من الجنود، فإن سورية تهتم بمصير وحياة الملايين الذين يكوّنون الشعب العراقي، ومن غير الممكن إدارة الملف بطريقة أمنية لا تأخذ بعين الاعتبار العملية السياسية، وإن الاحتلال يظل سبباً رئيساً في المشكلات القائمة. فسورية مهتمّة أولاً وأخيراً بوحدة العراق الجغرافية والسياسية والشعبية.
أما في ملف العلاقات الثنائية، فتوجه الأسد بسؤال الى الموفد الامريكي: كيف تريدون علاقة جيدة معنا وأنتم تصرون على وضعنا على لوائح الإرهاب، وتصدرون قانوناً لمحاسبة سورية؟ وكيف تريدون منا أن نساعدكم على مواجهة الإرهاب وأنتم تقولون أننا إرهابيون؟ إن سورية تريد علاقات جيدة، ولكن الأمر يحتاج إلى مبادرات منكم.
غادر ميتشل بعد اجتماعات إضافية مع وزراء في الحكومة السورية، وتحدث عن ضرورة عقد لقاءات على مستوى عسكري، وقال إنه سيبحث جدياً في ملف العلاقات الثنائية مع الرئيس أوباما... وفي سورية من يهتم بالأمر، لكن من دون بناء سياسات على أوهام.