تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تركيا تُدخل اقتصادها في مسار فضفاض للغاية

مصدر الصورة
وكالات

يجمع المحللون على أن اختيار السلطات النقدية في تركيا مواصلة سياسة خفض سعر الفائدة لردع التضخم الجامح سيُدخل الاقتصاد في مسار فضفاض للغاية أملا في تحفيز النمو، بالنظر إلى عوامل داخلية وخارجية تسهم في المزيد من تقويض المؤشرات الرئيسية.

أنقرة - خالف البنك المركزي التركي توقعات المحللين، واستمر في تعنته باتباع سياسة خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، بعد قرار صادم مماثل الشهر الماضي على الرغم من التضخم الهائل.

وخفض المركزي الخميس معدل فائدته الرئيسية بنقطة واحدة للشهر الثاني على التوالي من 13 إلى 12 في المئة، مبررا من جديد قراره بـ”الغموض المحيط بالنمو العالمي والمخاطر الجيوسياسية”.

وكان البنك قد حافظ على معدل الفائدة عند 14 في المئة لأكثر من سبعة أشهر أملا في كبح التضخم، الذي بلغ مستوى قياسيا للمرة الأولى منذ قرابة ربع قرن، لكنه لم يفلح.

ومن المرجح أن تحدد الانتخابات المقررة بعد أقل من عام من الآن نغمة صانعي السياسة، لأن الرئيس رجب طيب أردوغان يعتمد على الأموال الفضفاضة للغاية لزيادة النمو الاقتصادي وخلق وظائف جديدة.

ويقول محللون إن إصرار أردوغان ومن خلفه المركزي على إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة، يعني إمكانية حدوث خفض آخر في سعر الفائدة في ما تبقى من هذا العام.

وفي حين أن معظم الاقتصاديين كانوا يتوقعون بقاء المؤشر عند 13 في المئة يوم الخميس، توقعت أقلية شملت بنك مورغان ستانلي ويوني كريدت وسيتي غروب أن تخفضه لجنة السياسة النقدية مرة أخرى من 50 إلى مئة نقطة أساس، وهو ما حصل بالفعل.

وقبل ساعات من قرار السلطات النقدية، جاءت بيانات مؤشر ثقة المستهلك التركي إيجابية خلال هذا الشهر، الأمر الذي قد عزز رؤية المركزي على ما يبدو نحو خفض الفائدة.

ومؤشر الثقة هو مقياس لمزاج المستهلكين أو الأعمال التجارية، وعادة ما يستند إلى دراسة استقصائية يعطي المستجوبون خلالها رأيهم بشأن مختلف القضايا المتعلقة بالأوضاع الراهنة والمستقبلية.

ولكن العملة التركية كانت الأكثر تأثرا بالقرار وواصلت سقوطها الحر، حيث بلغ سعر صرف الدولار في السوق الرسمية 18.4 ليرة.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى توجبيرك سيتيلتشي، رئيس الأبحاث في شركة انفيست أي.زد مينكول ديغيرلير، ومقرها إسطنبول، قوله إن “تركيا تدخل الآن في اقتصاديات الانتخابات”، والذي يرى انخفاضا بمقدار 100 نقطة أساس.

ويلتزم أردوغان وحليفه محافظ البنك المركزي شهاب كافجي أوغلو، بقواعد لعب غير تقليدية تقاوم رفع الفائدة لاحتواء التضخم.

وشجع هذا النهج النمو الاقتصادي على حساب استقرار الأسعار، وترك الأصول التركية أكثر عرضة لعمليات البيع.

ونتيجة لذلك، تجاوز معدل التضخم السنوي 80 في المئة، وهو مستوى شوهد آخر مرة في عام 1998، بينما يتم تداول الليرة بالقرب من أدنى مستوياتها القياسية.

ومع ذلك، أشارت لجنة السياسة النقدية الشهر الماضي إلى أنها كانت تستجيب لفقدان الزخم الاقتصادي. ولم تكن تخطط للشروع في دورة تيسير جديدة، قائلة إن “المستوى المحدث لسعر السياسة كاف في ظل التوقعات الحالية”.

وبالنسبة للعديد من الاقتصاديين، فقد أشارت تلك الرسائل إلى أن من غير المحتمل إجراء تخفيض إضافي في الفائدة حتى وقت لاحق، لكن العكس هو الذي حصل.

ويقول اقتصاديون في غولدمان ساكس، بمن فيهم كليمنس غراف، إنه تم تفسير خفض سعر الفائدة في أغسطس على أنه توجيه من البنك بأن أسعار الفائدة سيتم تخفيضها أكثر، ولكن كإشارة إلى أن السياسة لن يتم تشديدها أو أن شروط الإقراض سيتم تخفيفها.

وكرر كافجي أوغلو، وهو رابع محافظ للبنك المركزي منذ 2019 بعد أن أقال أردوغان ثلاثة سبقوه، في مدونة الأسبوع الماضي، أنه سيتم استخدام التدابير والسياسات الاحترازية الكلية التي تهدف إلى توسيع استخدام الليرة لتحقيق استقرار الأسعار.

وقالت سيلفا بحر بازيكي، الخبيرة الاقتصادية في وكالة بلومبرغ، “نرى البنك المركزي يضغط على الأدوات الاحترازية الكلية بغية كبح وتوجيه نمو الائتمان”.

وأكدت أنها تتوقع “المزيد من التخفيض في سعر الفائدة في الربع الرابع، إذا استمر التباطؤ الأخير في المؤشرات الرئيسية”.

وخفض المركزي، الذي يقول إنه لا يزال ملتزما بهدف التضخم بنسبة 5 في المئة، أسعار الفائدة عدة مرات تحت قيادة كافجي أوغلو أواخر العام الماضي، عندما كانت الزيادات السنوية للأسعار تعمل بالفعل في خانة العشرات.

ويقول دان بوكسا وجوكسي سيليك، وهما خبيران مصرفيان في يوني كريديت، إنه يمكن استبعاد التوقف المؤقت، ولكن “في كلتا الحالتين نعتقد أن إجراء تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة أمر محتمل حتى الانتخابات”.

وكان أردوغان الذي يقول إنه يفضل النمو والصادرات على استقرار الأسعار، دعا في يونيو الماضي إلى خفض جديد لمعدلات الفوائد التي كانت مستقرة منذ ديسمبر 2021.

وخلافا للنظريات الاقتصادية المعتادة، يعتقد الرئيس التركي أن نسب الفوائد المرتفعة تشجع التضخم.

ونتيجة لسياسته النقدية التي واجهت انتقادات شديدة، تراجعت الليرة التي فقدت 44 في المئة من قيمتها في 2021، بأكثر من 27 في المئة مقابل الدولار مطلع العام الجاري.

ولم تترك تدخلات البنك المركزي لشراء الليرات التركية في سوق الصرف، والإعلان في نهاية يونيو عن إجراء دعم للعملة، إلا أثرا طفيفا.

وعلّق ليام بيتش، الخبير الاقتصادي المتخصص في الأسواق الناشئة لشركة كابيتال إيكونوميست، لرويترز بالقول “واصل البنك المركزي التركي اليوم الامتثال لرغبات الرئيس أردوغان”.

واعتبر أنه مع هذه الوتيرة سيتم التداول بالعملة التركية بسعر 24 ليرة للدولار الواحد مع نهاية العام الجاري، مما سيزيد من مفاقمة القدرة الشرائية للأتراك في ظل الأسعار المرتفعة.

وفي حقيقة الأمر فإن اتباع سياسة خفض معدل الفائدة وتقويض استقلال المركزي ليس بالأمر الجيد الذي يمكن عمله وسط أزمة عملة.

ومن المؤكد أن من الخطأ القيام بذلك في وقت نفدت فيه الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي، وأصبحت فيه الودائع الدولارية تشكل 60 في المئة من إجمالي ودائع البنك، ويعاني قطاع الأعمال من مشكلة سداد ديون خارجية كبيرة.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.