تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نقطة ساخنة: ليس مهماً دق نواقيس الخطر!!

مصدر الصورة
البعث

علي عبود

لو أخذنا عام 2019 كمثال، وهو آخر رقم رسمي، نجد أن مساحة الأراضي المروية من الأنهار والينابيع بلغت 169.3 ألف هكتار، ومن مشاريع الري الحكومية، كالسدود، 286.2 ألف هكتار، في حين لم تتجاوز مساحات الري بالرذاذ 144.7 ألف هكتار والري بالتنقيط 110 الف هكتار!

ماذا تعني هذه الأرقام؟

قد لا تكون لدى وزارة الزراعة أو الري الإحصائيات حول المساحة المروية عن طريق الآبار بسبب المناطق الخاضعة للاحتلالين الأمريكي والتركي، لكن إحصائيات ما قبل 2011 تبدو مفاجئة للكثيرين فالمساحة المروية بالآبار لا تقل عن 700 ألف هكتار’، وأحياناً 850 ألف هكتار، أي بنسبة لا تقل عن 60% من إجمالي المساحات المروية، ما يطرح السؤال: ما فائدة السدود إن لم تستثمر لري الأراضي الزراعية بالراحة وليس بمحركات الضخ؟

ولعل المشكلة الضخمة التي أوجدتها الجهات الحكومية، بفعل عدم توفير مياه الري للأراضي الزراعية من السدود والأنهار والبحيرات، كانت بالترخيص وبالتساهل وبغض النظر عن حفر آلاف الآبار، ما استنزف المياه الجوفية فغار القسم الأكبر منها أعمق فأعمق، وتسببت الآبار بجفاف الأنهار والبحيرات، كـ بردى الذي بالكاد تصل مياهه إلى مشارف دمشق بعدما كانت تشكل بحيرة العتيبة، وها هي بحيرة المزيريب تجف وتختفي مياهها بفعل الآبار وشح الأمطار!

ولا يخفى حتى على المواطن العادي تلوث المياه السطحية والجوفية في العديد من المناطق بمياه الصرف الصحي والأمونيا المنزلية والصناعية، والأسمدة، بل أن معظم الآبار ومياه الينابيع ملوثة جرثومياً بسبب تصريف مياه الصرف الصحي بنسب تتجاوز المعايير الصحية العالمية.

لقد تسببت معامل الأسمدة بتلويث بحيرة قطينة 100% بدلاً من تحويل المنطقة المحيطة بها إلى تجمع سياحي عالمي يدر القطع الأجنبي على البلاد، وتسبّب الصرف الصحي ومخلفات المعامل بتلويث معظم أنهارنا كـ بردى والعاصي وقويق.. إلخ، بل نادراً ما نجد حتى بحيرة واحدة غير مشبعة بالتلوث، في وقت لا تمل الجهات الحكومية عن الحديث عن أهمية الحفاظ على مصادر مياهنا الشحيحة!!

وإذا كانت الفيضانات والسيول في سورية لا تصل إلى حجم الكارثة، وتقتصر فقط على أضرار وخسائر مادية تبقى في حدود المعقول، فإننا نادراً ما نفكر بتقليل حجم هذه الأضرار من خلال مشاريع درء السيول في المناطق المعرضة للأمطار الغزيرة والفيضانات، كالساحل والغاب في بعض أشهر الشتاء.

والسؤال المهم: هل لدى أحواضنا المائية القدرة على توفير المياه الكافية لزيادة المساحات المروية سنوياً بعدما وصل استثمارنا لها إلى حدود الاستنزاف؟

نعتقد أن الحل الوحيد المتاح لتجاوز المشكلة القائمة هو في زيادة كفاءة استخدام الري التي تؤدي بدورها إلى زيادة إمكانات الأحواض الجوفية، ولا يمكن رفع كفاءة الري إلا باستخدام التقنيات المتطورة على الآبار، حيث يمكن من خلال هذه التقنيات إدخال مساحات جديدة تصل إلى 90 ألف هكتار في حال وفرنا 30% من المياه المستخدمة بأساليب الري التقليدية، وهي أساليب مطبقة حتى في البلدان التي تعيش في بحبوحة من المياه العذبة.

وما حذر منه مؤخراً بعض الخبراء عن حدوث عجز مائي في سورية ليس بجديد، فقد حذرت منه صحفنا المحلية منذ ثلاثة عقود؛ ومن يعود لأرشيف هذه الصحف سيفاجأ بالكم الكبير من المقالات والتحقيقات عن تغيرات المناخ وأعوام الجفاف والمعلومات ودق ناقوس الخطر عن أزمة المياه القادمة بسرعة، والتي نعيشها منذ سنوات وليس اليوم أو غداً!

ولم تكتف صحفنا بوصف الواقع، كما يفعل خبراء اليوم، بل وضعت الحلول التي لم تجد قبولاً أو آذانا صاغية من أصحاب القرار آنذاك ولا اليوم!

الخلاصة: ليس مهماً دق نواقيس الخطر، فالخطر قائم منذ أربعة عقود، فالمهم وصف الحلول التي تنقذنا من الخطر قبل فوات الأوان!

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.