تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحرب المجنونة

مصدر الصورة
عن الانترنيت

من الواضح أن الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة، تعمل على إحراج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أجل إخراجه؛ أي بمزيد من التصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي، من خلال الإصرار على دعم عسكري غير محدود لأوكرانيا، واتخاذ مزيد من العقوبات ضد روسيا، لدفعه إلى اتخاذ خطوات تصعيدية في المقابل تأخذ الحرب الحالية إلى مستويات أكثر عنفاً وخطراً.

تتوالى القرارات من جانب واشنطن ولندن، وبعض الدول الغربية الأخرى، بتقديم أسلحة جديدة ومتطورة بمليارات الدولارات للجيش الأوكراني، لتمكينه من إحداث اختراقات ميدانية في جبهات القتال، من منطلق أن مزيداً من الأسلحة سيمكّنه من تحقيق مزيد من النجاحات، وبالتالي وضع الجيش الروسي في موقف صعب قد يُجبره على الانسحاب، أو إحداث خلل في المنظومة العسكرية الروسية يجعله عاجزاً عن مواصلة القتال.

وبالتالي، فإن ذلك قد يُحدث شرخاً داخل المؤسسة العسكرية الروسية، وفي المجتمع الروسي ككل، بما يسهّل على الولايات المتحدة (من خلال مخابراتها)، أن تعيد الدور الذي لعبه بوريس يلتسين في تفكيك الاتحاد السوفييتي، وتحويله إلى «دولة ضعيفة مهلهلة وفاسدة» تدور في فلك الغرب، وذلك إبان حكمه من عام 1991 حتى عام 1999.

ولعل بعض الإرهاصات داخل روسيا حالياً تعيد إلى الذاكرة «التظاهرات الملونة» التي اجتاحت بعض الدول الأوروبية الشرقية التي كانت في كنف الاتحاد السوفييتي.

واضح أن مثل هذا الوضع يُجبر الرئيس الروسي على اتخاذ قرارات صعبة في مواجهة هذا المدد الغربي الذي لا ينقطع لأوكرانيا، والإصرار على هزيمة روسيا.

وهو إذ قرر الاستدعاء الجزئي للجيش الروسي، وإعلان استفتاء لضم أربع مناطق أوكرانية إلى بلاده، والتلويح باستخدام السلاح النووي في حال تعرّض أمن روسيا الوطني للخطر، فإنما يلجأ إلى ولوج مرحلة يرى فيها أن روسيا باتت مهدّدة فعلاً، وعليه أن يتخذ من الإجراءات ما يصد عنها الخطر.

وهو بذلك يضع خطوطاً حمراء جديدة للصراع بينه وبين الدول الغربية، أراد من خلالها أن يبلغ رسالة، مفادها أن تجاوز هذه الخطوط الحمراء يعني حدوث مواجهة كبرى، طالما لا يتم احترام مبدأ الأمن المتوازن، والإصرار على إغلاق كل أبواب الحوار والمفاوضات قبل تحقيق النصر العسكري على القوات الروسية.

ومن هنا، فإن التهديدات الروسية التي صدرت على لسان أكثر من مسؤول، بالاستعداد لاستخدام كل الأسلحة المتاحة، بما فيها الأسلحة النووية في حال تعرضت الأراضي الروسية (ومنها الأراضي التي شملها الاستفتاء الأخير) لأي تهديدات جدية، تستوجب الحذر الشديد من جانب الدول الغربية، وعدم الانغماس أكثر في «لعبة الحرب المجنونة»؛ لأن تداعياتها لن تقتصر على أوكرانيا، فهي مجرد بيدق في هذه «اللعبة»؛ بل ستصيب العالم كله، وتضعه أمام المجهول.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.