تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أوروبا بين روسيا والصين

مصدر الصورة
عن الانترنيت

أحمد مصطفى

لماذا تختلف القمة الأمريكية الصينية هذا العام عن القمة الأمريكية الروسية العام الماضي، رغم أن استراتيجية إدارة الرئيس جو بايدن المعلنة قبل انتخابه هي “مواجهة صعود الصين وروسيا”. قد تكون الاجابة الأكثر منطقية هي كلمة واحدة: أوروبا.

حين التقى الرئيس بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف منتصف يونيو(حزيران) 2021 لعدة ساعات، لم يكن في نية الأمريكيين تقديم اي تطمينات للروس بشأن ما تراه موسكو خطر توسع حلف شمال الأطلسي. ولم يكن هناك أي استعداد لتفادي الحرب في أوكرانيا، التي اندلعت بعد بضعة أشهر، باعتبارها ستكون نهاية لنظام بوتين عبر استنزافه عسكرياً وخنقه اقتصادياً.

لكن لقاء الرئيس بايدن بنظيره الصيني شي جين بينغ في بالي على هامش قمة العشرين يحمل قدراً أكبر من الندية. فإذا كانت لدى واشنطن “خطوط حمراء” فإن لدى بكين أيضاً “خطوط حمراء”. وكما صرح بايدن قبل القمة فإن الهدف من اللقاء هو معرفة إن كانت الخطوط الحمراء للبلدين تتعارض بشدة وكيفية التوصل إلى حلول وسط لتفادي مزيد من التوتر.

بالطبع هناك عوامل كثيرة تجعل توجه أمريكا نحو الصين يختلف عن توجهها نحو روسيا. ليس فقط لأن الصين هي المنافس الاقتصادي الأول لأميركا في العالم ولديها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتسعى لأن تتجاوز أمريكا اقتصادياً لتحتل المرتبة الأولى بمنتصف هذا القرن. إنما لأن الصين تطور بسرعة قدراتها العسكرية، ربما بما يفوق قدرات روسيا بكثير. ليس فقط فيما يتعلق بالأسلحة التقليدية ولكن أيضاً في تعزيز ترسانتها النووية بل والصناعات الفضائية حيث اصبحت بالفعل المنافس الفضائي الأكبر عالميا للريادة الأمريكية التقليدية في هذا المجال.

رغم التضخيم الإعلامي من أن الرئيس بوتين “يسعى لاستعادة الاتحاد السوفييتي” متحدياً النظام العالمي أحادي القطب الذي تمثل في أمريكا القوة العظمى الوحيدة، إلا أن المخاوف الحقيقية هي من احتلال الصين ذلك الموقع في عالم ثنائي (أو متعدد) القطبية.

أوجه الاختلاف بين قمتي أمريكا مع روسيا والصين كثيرة وعديدة، وربما وجه الشبه الوحيد أن كلا القمتين لم تعقدا في أي من عواصم البلاد المعنية. فالأولى كانت في سويسرا والثانية في اندونيسيا على هامش قمة العشرين. لكن العامل الحاسم في تصوري الذي يحدد الاختلاف بين التوجه الأميركي نحو روسيا عن توجهها نحو الصين هو موقف أوروبا.

يقوم أساس الاستراتيجية الأمريكية للإدارة الحالية على أن التصدي لصعود الصين وروسيا يعد السبيل الأمثل لاستعادة واشنطن ريادتها العالمية وتعزيز مكانتها في نظام عالمي أحادي القطب عبر قيادتها لما سمته “تحالف غربي واسع”. يشمل ذلك التحالف الواسع أوروبا في المقام الأول بالاضافة إلى دول مثل بريطانيا وكندا واستراليا واليابان. ولم تفلح واشنطن في توسعة هذا التحالف، في الصراع مع روسيا بعد حرب أوكرانيا.

لكن لأن حرب أوكرانيا تهدد أوروبا بشكل ما، والشقاق مع روسيا يهدد أمن الطاقة والغذاء في القارة، استجابت الدول الأوروبية في أغلبها للاصطفاف مع التوجه الأمريكي في الصراع مع روسيا. ذلك على الرغم من أن العقوبات لخنق روسيا اقتصادياً اضرت بأوروبا أكثر من أي طرف وأفادت الشركات الأمريكية خاصة شركات الطاقة. لكن حاجة أوروبا لأمريكا دفاعياً ضمن حلف الناتو ومخاوفها من الطموحات الروسية كان السبب الرئيسي لذلك الاصطفاف.

ومع شدة الأزمة الاقتصادية واتساع الفارق في الأداء الاقتصادي بين ضفتي الأطلسي، بدأ كثير من الأوروبيين “يتملمون” من استمرار الصراع في أوكرانيا والعقوبات على روسيا. وتستشعر الإدارة الأمريكية ذلك، ما دفعها في الآونة الأخيرة لتغيير لهجتها نحو حل تفاوضي سياسي لحرب أوكرانيا.

أما فيما يتعلق بالصين، فلم تنجح الولايات المتحدة باقناع الأوروبيين بأن الصين مثل روسيا في مطامعها وخطرها على القارة. وبالتالي لا مجال لمثل ذلك “التحالف الواسع” في أي مواجهة أمريكية مع الصين.

ولعل المصلحة الاقتصادية هي العامل الحاسم هنا، إذ أن أي صراع أمريكي – صيني وإن كان يشكل عبئاً على الاقتصاد العالمي ككل إلا أن الفائز فيه سيحقق مصلحته هو فقط وليس مصالح حلفائه. ويرى الأوروبيون أنهم خاسرون إذا تخلوا عن العلاقات مع العملاقين الاقتصاديين، رغم محاولات واشنطن اقناعهم بأن صعود الصين ليس في مصلحتهم.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.