تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نقطة ساخنة: جلباب “الوظيفة”؟!

مصدر الصورة
البعث

 علي بلال قاسم

لم يكن وقع الأمر الإداري الذي تبلّغته الموظفة العتيقة والقائل بإحالتها على التقاعد تحت بندي “الخدمة والسن” مفرحاً على ما يظنّ البعض، فالصدمة التي سيطرت على “س”، لأيام طوال، كانت كافية لتنقل عدوى الدهشة من ردّة فعلها إلى بيئة العمل كاملة من أصغر موظف سناً إلى أعلى قيادة إدارية على مستوى المؤسسة، ولتتحوّل قصة تلك السيدة إلى شغل شاغل للزملاء والمكاتب والأقسام!.

بطلة التقاعد القانوني التي استشاطت غضباً من القرار لم تمتثل لتعليمات المضي بمعاملة التقاعد وتصفية الذمة ورحلة التأمينات المعروفة، ليصل تعنتها – كما يروي مرؤوسوها وزملاؤها – إلى درجة الاستمرار في الدوام حتى دون راتب، ثم تغيب ليومين متسلّحة بكتاب من دائرة الأحوال المدنية تقول فيه إن عمرها أقل مما تظن ذاتية مؤسستها، في تعارض واضح مع ما هو موثّق في بطاقتها الشخصية، لتستمر الحال على هذا المنوال لفترة ليست بالقليلة، والمتقاعدة “س” ترفض التقاعد، وتواظب على دوامها الذي لم تتسلم فيه مهمة واحدة، ولم تؤدِ واجباً وظيفياً ما منذ أكثر من عشرين عاماً، على عكس الدارج هذه الأيام من استقالات مبكرة وعزوف عن التعيين الحكومي، براتب لا يسد الكفاف ولا يغني من جوع!!

ما أتينا عليه حالة ليست فريدة، ولها من النظائر والأمثلة والمقاييس الكثير في أروقة وزاراتنا ومؤسساتنا، كمثل “رئيس الدائرة” الذي أصيب بالجلطة فور سماعة نبأ استبداله بكفاءة أخرى، وهو الذي أدمن كرسيه المدرارة منذ سنوات، محقّقة له المكاسب الشخصية والقيم الاجتماعية، ومن الطبيعي ألا يتقبل فكرة غيره في مكانه لأنه الأقدر والأكفأ والأمهر والأنسب، وباقي الكفاءات ترب – كما يظن – قبل أن يصبح في عداد المغفور لهم!

المفارقة بين المشهدين أن تشبّث رئيس الدائرة له علاقة بالمطامع والاسترزاق الذي وفره المفصل الإداري الذي تسبّب بقطع التذكرة المباشرة إلى المقبرة، كما يسوق المقربون من المرحوم، وإن كان غير ذلك ثمّة سؤال بريء: لو كان المنصب تكليفاً ومسؤولية وواجباً مقروناً بنظافة اليد البعيدة عن التشريف.. هل تصل الأمور إلى هذا المستوى؟ أم التقبل والاستيعاب والتلقف العقلاني هو خيار الأنقياء؟!

وفي المقلب الأول الذي أتحفتنا به صاحبة صفة “البطالة المقنعة”، تتجسّد الطامة الكبرى في من لا يرى في وظيفة القطاع العام سوى بقرة حلوبا وجلبابا نتمسّك بعطاياه ومغرياته التي يسيل لها لعاب الكسالى والاتكاليين الذين يسرحون ويمرحون في ملعب الدولة، ويستلمون رواتبهم بلا عمل أو مهام تحت شعار “لا منيّة لأحد”، ولسان الحال يقول “نحن المنافقين نعتاش على موازنة “أمنا الدولة”، ونقتطع من حصتنا التنموية، ونغرف من تكية القطاع العام الذي هو ملكنا، نحن مدّعو النطق باسم الشعب”!

نعم، إنهم مريضو الدوام ومتأففو العمل واللاهثون للراتب والكارهون للتقاعد والمخسرون الذين لا يتوانون عن تعطيل أي توجّه إصلاحي ينادي بتخفيف الحمل عن القطاع العام، وكفّ اليد المهدرة بالتقاعد الناضج، فكيف الحال بالمبكر. وهنا للمشرع مسوغاته ومبرراته التي يجب أن تكون عاجلة بحل معضلة الجالسين في “قفة الهم”، والمتسامرين في ملهاة تسلية الوظيفة، وتمضية سيران الدوام بما طاب من القهوة والشاي والمتة والطبخ والنفخ، وما على المدير إلا أن يتنادى ورعيته “صحتين يا شباب”.. “أهلين تفضل أستاذ.. حول”!!

مصدر الخبر
البعث

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.