تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شح المياه يدفع العراق إلى تحديث طرق الري الزراعي

مصدر الصورة
وكالات

يسعى العراق في سياق محاولاته المضنية لمواجهة أزمة شح المياه اعتماد بدائل حديثة في الري الزراعي لزيادة المحاصيل، وتعويض التأثير السلبي لتأثيرات موجة الحر، والخلافات على حصته من أعالي نهري دجلة والفرات جراء إقامة السدود.

بغداد- تندفع الحكومة العراقية إلى البحث عن حلول لمشكلة الفقر المائي وتأثيرات قلة الموارد المائية عبر اللجوء إلى توسيع استخدام أدوات الري الحديثة في قطاع الزراعة الذي يستهلك نصف إجمالي الاحتياجات السنوية للبلاد.

ويعاني القطاع من أزمة مزدوجة تتمثل في الجفاف وضعف الخطط لتنميته، إذ أثرا على إنتاج المحاصيل في ظل نقص المواد الأولية وشح التمويلات وتراجع قيمة الدينار مما يزيد الضغوط على القدرة الشرائية للناس.

ويعكس واقع الزراعة بالبلد النفطي تحذيرات الخبراء من أن المشاكل المكبلة للقطاع المهم لغذاء السكان في ظل شح المياه ستترك آثارا أكثر قسوة على المنتجين وأصحاب المواشي بعدما وجودوا أنفسهم محاصرين في أزمة خانقة لم يشهدوها من قبل.

لجنة الإسكوا: العراق يفتقد إلى مبادرات تشجع استخدام وسائل الري الحديثة

وفي محاولة لإثبات الاهتمام بالقطاع شدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على أهمية استخدام التقنيات الحديثة في الري لما لها من تأثير كبير في زيادة المحاصيل وتقليل الهدر في استخدام المياه ومستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذور ومبيدات.

وأكد خلال جولة في محافظة واسط الأربعاء الماضي للوقوف على حصاد هذا الموسم وجود توجيه سابق للمحافظين بحصر احتياجات المزارعين المستعدين لاستخدام المرشات الحديثة، خاصة وأن الدعم سيتركز على مستخدمي تقنيات الري الحديثة.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن السوداني قوله إن “الخطة الزراعية المقبلة ستشمل فقط أراضي الفلاحين الذين يستخدمون المرشّات الحديثة”. وأضاف “القروض والتسهيلات المرصودة، بدون فوائد، ستُيسّر نشاطهم”.

ويلجأ غالبية المزارعين إلى وسائل تقليدية في الري، عبر غمر أراضيهم تماماً بالمياه، لكن ذلك يتسبب بهدر المياه في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ترشيد استهلاكها.

ويعدّ البلد من بين أكثر خمس دول تأثرا بالتغير المناخي بحسب الأمم المتحدة، فهو يواجه ارتفاعا كبيرا بدرجات الحرارة ونقصا في المياه.

وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) إلى أنّ نحو 3.5 في المئة من الأراضي الزراعية بالعراق فقط مزوّدة بأنظمة ري، إذ طال التصحر نحو 69 في المئة من الأراضي الزراعية. ويثير هذا الوضع قلق الكثير من المزارعين وحتى مربي الماشية.

وفي سبتمبر الماضي نشرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) تقريرا أشارت فيه إلى غياب مبادرات عراقية “لتشجيع استخدام وسائل الري الحديثة”.

وكانت أول محاولة لإدخال التقنيات الحديثة للري بالبلاد منتصف سبعينات القرن الماضي، حيث تم استيراد منظومات الري بالتنقيط لري أشجار الواحات الصحراوية في محافظة الأنبار من مياه الآبار.

وبعد ذلك استوردت الحكومة منظومات الري بالرش الثابتة بالإضافة الى التنقيط لاستخدامها في محطات الأبحاث الزراعية في مناطق مختلفة من البلاد .

وبدأت الدولة بالتفكير الجدي في استخدام تقنيات الري الحديثة عقب الحصار الغربي على العراق في العام 1991 وما أعقبه من نقص حاد في توفر المواد الغذائية وفي مقدمتها محاصيل الحبوب.

ويقول خبراء إن العراق لم يكن بمقدوره خلال تلك الفترة استيراد تلك التقنيات الحديثة لغاية العام 1996 بعد أن تم تطبيق النفط مقابل الغذاء والدواء في تلك السنة.

ولكن رغم الظروف الخانقة انصبّ جهد السلطات على اعتماد مشروع ريّ هدفه زيادة إنتاجية الحبوب والمساحة المزروعة، وبما لا يؤثر على الحصة المائية المقررة سنويا للزراعة وهو ما توفره تقنيات الري الحديثة ممثلة بأجهزة الري بالرش والتنقيط.

50

مليار متر مكعب الاستهلاك السنوي للبلاد من المياه يذهب نصفها إلى القطاع الزراعي

وشرع البلد في تنفيذ “المشروع الوطني لتطوير تقانات الري” مع بداية العام 2000، لكن مع الغزو الأميركي للعراق بعد ثلاث سنوات توقفت الخطة بسبب الحرب وما خلفته من تأثيرات عميقة على الزراعة حتى الآن.

وتظهر الإحصائيات الرسمية إلى أن متوسط المخزون السنوي من المياه في العراق يبلغ قرابة 60 مليار متر مكعب، فيما يتخطى الاستهلاك المحلي نحو 50 مليار متر مكعب معظمها يذهب إلى الزراعة.

وإلى جانب التغير المناخي تضرر البلد، وهو مستورد رئيسي للحبوب في الشرق الأوسط، من تبعات لجوء الدول المجاورة وفي مقدمتها تركيا إلى أنشطة بناء السدود على نطاق واسع ضمن مجرى نهري دجلة والفرات لتأمين المياه للزراعة والطاقة الكهرومائية.

وتعرض العراق طيلة العقدين الأخيرين لأزمات حادة في أجزاء مختلفة من البلاد جراء نقص المياه، ولاسيما بسبب سد إيليسو، الذي بُني في أعلى مجرى نهر دجلة في تركيا، وكذلك السدود التركية الأخرى التي بنيت على روافد أصغر.

وجعلت هذه الظروف المسؤولين العراقيين يكافحون من أجل بلوغ مستوى مقبول من حيث تأمين الغذاء للسكان عبر خطة جديدة تسعى من ورائها السلطات لإعادة الروح في شرايين القطاع الزراعي المتعثّر.

وخلال الأشهر الماضية تزايدت موجة جنوح المزارعين العراقيين إلى حفر الآبار لاستخراج المياه بعدما خلّف الجفاف ندوبا عميقة على أعمالهم في الحقول التي كانوا يطمحون إلى أن تتحول عن تراجع المحصول في الموسم الماضي.

ولطالما أكد المزارعون أن بلدهم يمرّ بموسم جفاف هو الأسوأ منذ أكثر من تسعة عقود مع انحسار في الأمطار ومناسيب الأنهار، وأيضا ارتفاع التكاليف في قطاع الزراعة، ما يبدد فرص حصولهم على الأموال لإدارة شؤونهم في ظل وضع ضاغط لم يسبق لهم أنه مروا به سابقا.

ومع ذلك تقول الحكومة إن الإنتاج الحالي والمساحات المشغولة يفوقان ما كانا عليه في فترة التسعينات من القرن الماضي.

وسبق أن أكد وكيل وزارة الزراعة للشؤون الفنية ميثاق عبدالحسين أن القطاع يحاول اللحاق بالطلب المتزايد، فبعدما كان يتم إنتاج نحو 2.5 مليون طن من الحنطة أصبح العراق لا يكتفي بأقل من خمسة ملايين طن تمثل الحاجة الكلية للاستهلاك المحلي.

وقال عبدالحسين في يناير الماضي إن “دعم المزارعين سيكون تدريجيا وحسب كل حالة على حدة بالنسبة إلى منظومات الري الحديثة، إذ ستقدم الوزارة دعما بنسبة 50 في المئة لمن لديه منظومة ري، وبشكل كامل لمن لا يمتلكها”.

وكانت بغداد قد كشفت في سبتمبر الماضي أنها تخطط لزيادة المساحة المخصصة لزراعة القمح خلال الموسم الحالي رغم الجفاف، وذلك في مسعى من البلد النفطي لتأمين غذاء أكثر من 42 مليون نسمة وتقليص الواردات.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.