تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الاستثمارات الصناعية في 2008.. تقدم في التشميل وتراجع في التنفيذ

 

 
الاستثمارات الصناعية في 2008.. تقدم في التشميل وتراجع في التنفيذ
تشميل124مشروعا بـ 198مليار ليرة وتنفيذ 32 مشروعاً بـ 41،5 مليار ليرة
 
 
 
 كما الاستثمار في سورية يتلطى تحت مظلات مختلفة وصلاحيات وقوانين كل واحد يختلف عن الآخر من حيث الميزات والإعفاءات والفرص المتوفرة فإن حال الاستثمارات في مجال الصناعة، و إن كان الأمر اقل سوءا لجهة القوانين الناظمة للعمل والاستثمار في هذا القطاع، الذي ما زال يعمل تحت مظلتين احداهما عتيقة جدا تعود لأكثر من خمسين عاما والاخرى حديثة وتم تحديثها مؤخرا.
 ونقصد بهاتين المظلتين( القانون 21 لعام 1958 )، والذي ما زال العمل به   جارياً حتى الآن رغم مرور أكثر من خمسة عقود والذي ينظم الترخيص للمشروعات الصناعية، لكن من العيار المتوسط والصغير والمتناهي الصغر والذي جعله يتخصص بهذا النوع والحجم من المشروعات هو صدور قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991  والذي تم تعديله أكثر من مرة ليصبح في نسخته الجديدة القانون رقم 8 لعام 2007 ، الذي يعد المظلة الثانية التي يتم بموجبها تشميل المشاريع الصناعية، وغيرها وفق أحكامه حيث حدد حجم رأسمال المشروع بأكثر من المشاريع التي تعمل تحت مظلة القانون 21، ويحددها المجلس الاعلى للاستثمار حسب المنطقة التي يقام بها المشروع وغيرها من أحكام ذلك القانون.
 
سيادة المشروعات الصناعية
وفيما فتح القانون الجديد (8) والذي لم يمض أكثر من عام ونصف على العمل به الباب واسعا لمشاريع نوعية في كل المجالات الاستثمارية ليصل عدد المشاريع المشملة العام الماضي إلى  211 مشروعا، بكلفة استثمارية تصل الى (528393) مليون ليرة  تربعت الاستثمارات الصناعية على عرش ارقام الاستثمارات المشملة عام 2008 لتشير إلى بلوغ عدد المشاريع المشملة في القطاع الصناعي   124 مشروعا بكلفة وصلت الى (198685) مليون ليرة.
 
 ويبدو أن تشجيع الحكومة للقطاع الصناعي من خلال تقديم المزايا والاعفاءات دفع الكثير من رجال الاعمال واصحاب رؤوس الاموال للاستثمار في هذا القطاع الذي تراهن عليه الدولة ليكون قاطرة التنمية بعدما تعطلت قاطرة النفط الذي كان الى سنوات المصدر الأول لموارد الخزينة .
 ولعل تنفيذ معظم مطالب هذا القطاع وخاصة في مؤتمره الأول قبل ثلاث سنوات واضافة الى مطالب المؤتمر الثاني الذي عقد قبل أشهر،  والتي نفذ بعضها والبعض الآخر في طريقه الى التنفيذ، والتي قد تأخذ وقتا لتنفيذها، خاصة وان طلباته الكبيرة جاءت كتوجهات إستراتيجية أكثر منها طلبات محددة الأمر.
 
 
الغذاء أولا
وفيما يتعلق بتوزع هذه المشاريع المشملة أوضحت هيئة الاستثمار أن مشاريع  صناعية تتكاثر تقليديا كل عام منها مشاريع لتعبئة وتجفيف وتصنيع المواد الغذائية التي يصل عدد المشمل منها هذا العام الى 38 مشروعا محتلة المرتبة الأولى بين المشاريع الصناعية، وذلك يعود الى وفرة المواد الزراعية الأولية لمثل هذه الصناعات، إذ بلغت قيمة الإنتاج النباتي في العام 2007 كما اوردته المجموعة الاحصائية للعام 2008 الى نحو(392357) مليون ليرة سورية فيما بلغت قيمة الإنتاج الحيواني أكثر من ( 226816) مليون ليرة سورية، وكل هذا الإنتاج  هو مادة أولية اغرت وتغري الصناعيين لما تحققه من قيمة مضافة عالية وربحا وفيرا لمصنعي هذا الإنتاج، هذا من جهة ومن جهة ثانية ان أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي اجتاحت العالم في النصف الأول من هذا العام في مقابل النجاحات التي حققتها الصناعات الغذائية السورية في الاسواق العالمية دفع الكثير من المستثمرين الى دخول هذا المجال، اضافة الى الصناعيين التقليديين لهذه الصناعة الذين دخلوا في مشاريع جديدة مستثمرين الفائض من الإنتاج الزراعي - على قلته نتيجة انحباس الامطار- ليدخلوه في دورة تصنيع وتصديره الى الاسواق العالمية .. حتى بلغ حجم التكاليف الاستثمارية لهذه المشاريع(8453) مليون ليرة سورية!!.
 
هبرة العقارات
 وجاءت الصناعات والمنتجات غير المعدنية ومواد البناء في المرتبة الثانية  بعدد مشاريع وصل الى 33 مشروعا وبكلف استثمارية بلغت(126464) مليون ليرة سورية وهذه المشاريع تتضمن اضافة الى مصانع لمواد البناء مصانع الاسمنت التي يراهن الداخلون إليها على توجهات الدولة وفتح المجال للاستثمار العقاري بعد صدور القوانين الناظمة له، وخاصة هيئة الاستثمار والتطوير العقاري ودخول عدد من الشركات الاقليمية العاملة في هذا المجال الى سورية، اضافة الى عزم عدد أخرى من هذه الشركات على اللحاق بغيرها وقطف ثمار فرص الاستثمار العقاري يضاف إليها سماح الدولة باستثمار الثروات الطبيعية لهذه الغاية، وخاصة ما يتعلق بالمواد الأولية لتصنيع الاسمنت، ولا يمكن ان ننسى رهان المستثمرين على سوق العراق المجاورة والتي تحتاج الى مليارات الدولارات لإعادة الإعمار هناك في ظل تدمير البنى التحتية نتيجة للاحتلال الامريكي.
 اما مشاريع الصناعات الكيميائية كالدهانات ومواد التنظيف فجاءت بالمرتبة الثالثة بعدد مشاريعها فبلغت 16 مشروعا بكلف استثمارية بلغت(37122) مليون ليرة سورية.
 
إغراء الكيماوي
 رغم عدد المشاريع القليل نسبيا مقارنة بالمشاريع الأخرى السابق ذكرها إلا ان الكلف الاستثمارية لهذه المشاريع تبدو كبيرة نظرا لحجم المعامل التي تنتج هذه المواد .. اذ أغرت النجاحات السابقة لهذه الصناعة في سورية - والتي تصل نسبة الأرباح فيها الى 50 بالمئة كما افادنا خبراء -الكثير من المستثمرين للدخول في هذا المجال، الذي يحقق ريعية عالية في ظل انخفاض كلف الإنتاج وكلف الأيدي العاملة وانخفاض كلف الإنتاج رغم ارتفاع اسعار المازوت وتحول جزء من المصانع للاعتماد على الفيول.
 وفيما لم يتجاوز عدد مشاريع صناعة النسيج والملبوسات 12 مشروعا مشملا في هذا العام بكلف استثمارية تبلغ (22) مليون ليرة سورية  فإن تراجع هذا العدد وتراجع الكلف الاستثمارية لها يعود الى تشميل الكثير من المشاريع في السنوات السابقة، والتي استفادت كثيرا من قانون الاستثمار الماضي لجهة الاعفاء من الضرائب والرسوم وتضييق القانون الجديد على هذه المصانع لجهة الاعفاءات اضافة الى عدم تمكن الكثير من المستثمرين وخاصة خلال العام 2006 التي شهدت تشميلا لعدد كبير لتصنيع النسيج و الاقمشة من اقامة مصانعهم.
 وبنفس العدد السابق( 12 مشروعا) تم تشميلها لصناعة المواد الاساسية وهي الأخرى أغرى أصحابها التوسع الصناعي والعمراني وحاجة تلك المشاريع الى تلك المواد، كان أهم سبب وراء إقامة تلك المشاريع التي بلغت كلفها الاسثمارية (16197) مليون ليرة.
 
خارج المدن
   وفيما افادت وزارة الادارة المحلية و البيئة باعتبارها المسؤولة عن المدن الصناعية عدرا بريف دمشق وحسياء بحمص والشيخ نجار بحلب أن كلفة البنية التحتية والتي وصلت الى نحو 55 مليار بواقع  16 مليار ل.س للشيخ نجار و 9  مليارات ليرة لحسياء و 30  مليار لعدرا ، فان كل هذا لم يغر المستثمرين رغم الدعاية الكبيرة لهذه المدن وما تؤمنه من بنية تحتية ومستلزمات الاستثمار الصناعي الناجح، إذ لم يقتنع الكثير منهم بإقامة مشاريعهم في تلك المدن ولم يرغبوا بها، دليلنا على ذلك انه لم يصل عدد المشاريع المشملة داخل المدن الصناعية سوى 13 مشروعا من أصل 124 مشروعا أي ان 111 مشروعا شملت خارج المدن الصناعية.
حيث يفضل الكثير من الصناعيين إقامة مصانعهم خارج المدن الصناعية التي يعتبر البعض أسعار المقاسم في تلك المدن غالية مقارنة بموقعها وبالخدمات المؤمنة فيها مفضلين إقامة مشروعاتهم في المناطق التي يمتلكونها وهي الأقرب إلى مراكز المدن وخاصة مع التوجه الجديد لتخديم التجمعات الصناعية بما تحتاجها مما يجعلها توازي المدن الصناعية بالخدمات، إضافة إلى ميزة قربها من مراكز المدن. حيث قدمت وزارة الادارة المحلية لتلك المناطق الصناعية والحرفية  مساهمات مالية لتنفيذ وتطوير هذه المناطق  قدرها 1.558مليار ل.س وزعت على 76 منطقة صناعية في جميع المحافظات.
 
تدني التنفيذ
وفي مقابل كل هذا العدد الكبير من المشاريع الصناعية المشملة خلال العام الماضي لم يتم تنفيذ سوى  32 مشروعاً برأسمال وصل إلى 41.5مليار ليرة  التي توفر 2567 فرصة عمل اذ توزعت على 10 مشاريع في القطاع الهندسي و8 مشاريع في القطاع الكيميائي و14 مشروعاً مناصفة بين القطاعين النسيجي والغذائي. مع الاشارة الى ان كل هذه المشاريع تم تشميلها وفق قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 و المعدل عام 2000 ، حيث ان المشاريع المشملة وفق قانون الاستثمار رقم(8) الجديد لم تدخل بعد حيز التنفيذ كون القانون لم يمض على صدوره أكثر من عام ونصف تقريبا، فيما تحتاج المشاريع الصناعية الى عدة سنوات لتدخل مرحلة التنفيذ والإنتاج.
 
عتيق ومغر
 وإذا كانت المشاريع المشملة وفق قانون الاستثمار لم يدخل منها الى هذا العدد الضئيل وذلك نظرا لضخامتها واحتياجها لسنوات لتنفيذها فان المشاريع الصناعية التي اخذت من القانون 21 لعام 1958 ، وهو المظلة الاخرى التي استظل تحتها الصناعيون واقيمت الكثير من الصناعات وفق احكام هذا القانون فانه  تم تنفيذ 574 مشروعاً صناعياً خلال العام 2008 من المشاريع المرخصة وفق هذا القانون أي ( 21 لعام 1958 ) برأسمال تجاوز 7.295مليار ليرة تشغل 4081 عاملاً موزعة القطاعات الصناعية الرئيسية بواقع 228 مشروعاً في القطاع الغذائي و126مشروعاً في القطاع الكيميائي و 117 مشروعاً في القطاع النسيجي و103 مشاريع في القطاع الهندسي.
 
 وارتفاع تنفيذ مثل هذه المشاريع يفسره مصدر في وزارة الصناعة يرى ان احتياجات هذه المصانع ورأسمالها هو اقل بكثير من احتياجات تلك المشاريع الصناعية المشملة وفق قانون الاستثمار، لذلك نرى هذه الوتيرة المتسارعة في تنفيذ هذه المشاريع التي يشملها القانون 21 و الذي يرخص للمشاريع الحرفية التي وصل عدد المنتفذ منها العام 2008 نحو 667 مشروعاً برأسمال بلغ 539 مليون ليرة سورية، حيث لم يتجاوز عدد العمال الذين شغلوها 1813 عاملاً  أي نحو ثلاثة عمال للمشروع فقط وذلك نظراً لصغر حجمها.
 
تذليل العقبات
واذا كانت قد طفت على السطح هذا العام أرقام كبيرة للمشاريع الصناعية المشملة في مقابل تضاؤل عدد المشاريع الصناعية المنفذة فهذا ليس دليل عافية للاستثمار الصناعي في سورية الذي تراهن عليه الحكومة ليكون حصان السبق في بناء الاقتصاد الوطني، الامر الذي يقتضي إعادة النظر والتدقيق في المشاريع المشملة ومتابعة تنفيذها من خلال هيئة الاستثمار التي ما زالت تتلمس طريقها بالتعاون مع وزارة الصناعة التي تعتبر المعنية بالاستثمارات الصناعية للوقوف على معوقات الاستثمار في هذا القطاع وتذليل العقبات والعراقيل التي تعترض تنفيذ هذه المشاريع، وإكمال ما بدئ به من تسهيل إجراءات وإزالة العقد من أمام المنشار عساها ان تنعكس ليس في أرقام التنفيذ، فحسب بل في تزايد مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي وعملية التنمية الاقتصادية منها والاجتماعية.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.