تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

صحيفة: البحث عن القيادة

مصدر الصورة
عن الانترنيت

في قراءة لمضمون استراتيجية الأمن القومي الألمانية التي أعلنها المستشار أولاف شولتس، أمس الأول، وهي الاستراتيجية الأولى للأمن القومي في تاريخ ألمانيا الحديث، يتضح أنها «نسخة ألمانية منقحة» عن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية التي أعلنها الرئيس جو بايدن في تشرين الأول الماضي، من حيث تحديد الأعداء والمخاطر وأدوات المنافسة والصراع، إضافة إلى البيئة الجغرافية التي تستهدفها هذه الاستراتيجية.

 تتماهى الاستراتيجية الألمانية مع الأمريكية، في تحديد العلاقة مع الصين وروسيا، باعتبار الأولى «تتصرف بما يتعارض مع مصالحنا وقيمنا»، كما أنها «تحاول بطرق مختلفة إعادة تشكيل النظام الدولي القائم على القواعد»، فيما تعتبر روسيا «الخطر الأكبر على السلام في أوروبا والمحيط الأطلسي»، وهي في ذلك تتراجع عن سياسات كانت ثابتة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في رفض الحرب والعسكرة والدخول في صراعات إقليمية أو دولية.

تمثل الاستراتيجية الألمانية الجديدة، تحولاً استراتيجياً بالنسبة لدور ألمانيا في المحيطين الأوروبي والعالمي، إذ تتحدث على أساس أمن قومي أوروبي، وليس ألمانياً فقط، ما يعني إعطاءها دوراً يتجاوز حدودها إلى القارة الأوروبية، ثم إلى الشرق، حيث تتحدث عن الدور العدائي للصين في المحيطين الهندي والهادئ، بل إن الإشارة إلى سعي الصين «إلى تغيير النظام الدولي القائم على قواعد»، يعني انضمام ألمانيا إلى رافضي تغيير هذا النظام، إلى آخر قائم على التعددية، والحفاظ عليه تحت قيادة الولايات المتحدة، أي أنه يؤسس إلى صدام مع الصين وروسيا.

 ومن أجل تعزيز وتقوية الدور الألماني الأمني، وفق الاستراتيجية الجديدة، تم تأكيد إنفاق 2 في المئة من ناتجها الإجمالي على الدفاع، على أن تكون البداية، باستخدام صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو، تم إنشاؤه العام الماضي.

 تعكس الاستراتيجية الأمنية الجديدة، طموح ألمانيا بأن تشكل القوة الضاربة الأوروبية عسكرياً، بحيث تتولى مهمة أمن القارة، بالتوازي مع عضويتها في حلف الأطلسي، خصوصاً بعدما أعلن المستشار شولتس العام الماضي، أن ألمانيا تقوم «ببناء أكبر جيش تقليدي في أوروبا في إطار حلف الأطلسي، وهذا أمر مهم للقدرات الدفاعية للحلف بأسره».

ماذا يعني كل ذلك؟.. أن تنفض ألمانيا عن نفسها تبعات وتداعيات الحرب العالمية الثانية، وتدخل في معمعة الصراعات داخل القارة الأوروبية وخارجها، من خلال إعادة تشكيل جيش ضخم ومتطور وضارب، يشكل رأس رمح في المشاركة بالاستراتيجية الأمريكية.

 بعد أن تخلصت ألمانيا من سبعة عقود من عبء «التحريم» الذي منعها من بناء جيش قوي، ها هي تدخل الصراع في سعي إلى قيادة أوروبا، بالتوازي مع قيادتها الاقتصاد الأوروبي.

 لقد سعت فرنسا إلى هذا الدور، ولكن في إطار «الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي»، إلا أن ألمانيا سبقتها للاندماج في الاستراتيجية الأمريكية.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.