تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قمة بين مودي والسيسي من أجل البحث عن دور في عالم مختلف

مصدر الصورة
العرب

تمثل الزيارة التي يقوم بها رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى القاهرة السبت ولقاؤه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فرصة للبلدين اللذين يبحث كل منهما عن دور له في عالم بتوازنات جديدة تمكن الهند من الحصول على اعتراف بوزنها كقوة عالمية تم تهميشها من قوى كبرى، وتدعم سعي مصر للبحث عن بدائل إضافية من خارج علاقتها التقليدية.

ورغم أن الهند تعد قوة بشرية واقتصادية كبرى، إلا أنها وجدت نفسها محاصرة بالنظام العالمي الحالي، الذي تتنافس فيه الصين والولايات المتحدة على النفوذ الإستراتيجي، ما يفضي إلى تهميشها وتحجيم دورها.

محمد العرابي: الزيارة تحمل أبعادا اقتصادية بما يخدم مصالح الهند ومصر

ويعمل مودي بزياراته إلى دول مهمة في الشرق الأوسط والخليج مثل السعودية والإمارات ومصر على اختراق هذا الحصار وبناء شبكة علاقات تمكن الهند من بناء شراكات إستراتيجية.

وتسعى الهند للسير على خطى الصين التي كانت سباقة لبناء شراكات في الشرق الأوسط وأفريقيا. وترسل نيودلهي السياسيين للاستكشاف قبل إرسال رجال الأعمال والبضائع والتأسيس للنفوذ بعيد المدى لتنافس بكين وواشنطن وغيرهما من القوى الدولية.

ويأتي هذا المسار ضمن رؤية لمودي تهدف إلى إعادة الهند إلى الواجهة الدولية، وهو ما أشار إليه في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” هذا الأسبوع حين أكد سعي الهند للحصول على مكانة قوة عظمى على أساس كونها أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، وثالث أكبر اقتصاد بحلول عام 2030، لم يتضمن “استبدال أيّ دولة”.

وتجد القاهرة في زيارة رئيس الوزراء الهندي فرصة للبحث عن فرص جديدة للتعاون مع قوة مختلفة ضمن سياق بحثها عن وسائل وصيغ لمواجهة أزمتها الاقتصادية والمالية خاصة بعد أن تضاءلت فرص التمويل التي يمكن أن تجدها في محيطها التقليدي سواء مع دول الخليج التي غيرت أساليب تعاملاتها أو مع صندوق النقد الذي تتخوف مصر من أن تدفعها شروطه ومطالبه إلى توترات اجتماعية حادة.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن تطوير العلاقات مع الهند استغرق جهدا كبيرا من القاهرة للوصول إلى اللحظة التي تتفق فيها معها على شراكة إستراتيجية واعدة، ظهرت معالمها الأولى في الزيارة اللافتة التي قام بها السيسي لحضور العيد الوطني للهند في يناير الماضي.

ويعد الخيار الهندي بالنسبة إلى مصر إستراتيجيا بالمعنى الحقيقي، ويمكن من خلاله نسج حزمة كبيرة من المصالح المتبادلة، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، تسهم في تخفيف حدة ضغوط تقع على كاهل النظام المصري، وتتجاوز المضمون الظاهر فيما يتعلق بتسهيل مهمة دخول مصر إلى بريكس أو التبادل التجاري بالعملات المحلية.

محمد إبراهيم الدسوقي: القمة المصرية – الهندية قمة لتلاقى المصالح والتوافقات

وقال وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي إن زيارة مودي إلى القاهرة تحمل أهمية بالغة مع مساعي الهند لتصبح لاعبا دوليا مهما لا يقتصر تأثيره على القارة الآسيوية، وحضوره إلى مصر عقب زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة يؤكد أن الهند تنظر إلى مصر كركيزة إستراتيجية لها في الشرق الأوسط، وتتطلع إلى الاستماع لرؤية قيادتها بشأن التعامل مع أزمات المنطقة.

وأوضح أن الزيارة تحمل أبعادا اقتصادية بما يخدم المصالح الهندية في المنطقة ويحقق هدفا مصريا رئيسيا يتمثل في زيادة التبادل التجاري مع الهند والسماح بتقديم تسهيلات تحتاجها القاهرة حاليًا بشأن الحفاظ على الاحتياطي الإستراتيجي من القمح وغيره من السلع ذات الارتباط الحيوي بتوفير الأمن الغذائي.

وسجلت الواردات المصرية من الهند ارتفاعا ملحوظا من يناير وحتى أكتوبر 2022 وبلغت قيمتها الإجمالية نحو 3.7 مليار دولار، مقابل 2.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق (2021) بنسبة زيادة بلغت 44.8 في المئة.

وشدد محمد العرابي في حديثه لـ”العرب” على أن الزيارة ستشهد نقاشا إستراتيجيا أكثر منه تكتيكيا بين وفدي البلدين، أملا في زيادة وتيرة التعاون في قطاعات عدة بما يدشن مرحلة جديدة لتطوير العلاقات بينهما تقوم على أساس البعد الاقتصادي كقاطرة يمكن أن تجر خلفها أو بالتوازي معها مجالات عديدة لا تقل أهمية.

 وراجت معلومات مصرية في الفترة الماضية حول وجود رغبة مشتركة بين البلدين لاستخدام العملة المحلية لإتمام الصفقات التجارية بينهما بعيدا عن الضغوط التي يشكلها توفير الدولار الأميركي، والذي أصبح عبئا على القاهرة مع إخفاقها في توفير ما يلزم من هذه العملة في البنوك لتسهيل عمليات الاستيراد.

وأكد الخبير في الشؤون الآسيوية محمد إبراهيم الدسوقي لـ”العرب” أن القمة المصرية – الهندية في القاهرة عنوانها العريض “قمة تلاقى المصالح والتوافقات”، لأن البلدين سيتفاهمان على انتهاج سياسة خارجية قوامها التوازن والبعد عن التجاذبات والصراعات الدائرة بين القوى الكبرى، وزيادة حجم التبادل التجاري.

وأشار الدسوقي إلى أن الهند تريد الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، خاصة في المنطقة الاقتصادية لشرق قناة السويس لتكون بوابة نيودلهي الكبرى إلى القارة الأفريقية والبحرين المتوسط والأحمر، والتعاون في مجال التصنيع بقطاع الدواء الذى تسعي مصر لتحديثه.

ويبلغ حجم صناعة الدواء الهندية نحو 42 مليار دولار، وتنتج أدوية عالية الجودة بأسعار زهيدة مقارنة بمثيلاتها الأميركية والأوروبية، وأدخلتها هذه المسألة في صراعات مع قوى غربية مهيمنة على سوق الدواء في العالم.

ولفت الدسوقي إلى أن التقارب الإستراتيجي بين مصر والهند تحركه أيضا دوافع مشتركة تتعلق بمواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار الإقليمي والأمن البحري، وتحجيم الاضطرابات التي يعانى منها النظام العالمي جراء خلافات ونزاعات عدة لها تأثير سلبي على سلاسل التوريد العالمية.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أهم خمس مجموعات سلعية استوردتها مصر من الهند: لحوم بقيمة 588.7 مليون دولار، وحديد وصلب بقيمة 507.3 مليون دولار، ووقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 440.6 مليون دولار، ومنتجات كيميائية عضوية بقيمة 298.7 مليون دولار، ومراجل وآلات وأجهزة آلية بقيمة 210.4 مليون دولار.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.