تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المزيد من الغاز مفتاح العالم لتسريع التحول النظيف

مصدر الصورة
العرب

بعثت كبريات شركات الطاقة خلال الفترة الماضية رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن الانتقال إلى المستقبل النظيف سيتطلب المزيد من الغاز، وهو ما يبرز فعليا في الصفقات والاستثمارات التي طفت على السطح مؤخرا رغم مطالب التوقف عن إنتاج هذا المورد.

نيويورك - يخطط كبار منتجي الطاقة في العالم من شل إلى شيفرون وصولا إلى قطر للطاقة وأرامكو وأدنوك لتسريع الاستثمارات في الغاز بالنظر إلى حاجة الأسواق إليه ولاقتناع الشركات بأن الوقت لا يزال مبكرا للجم نهمهم للوقود الأحفوري.

ويمر الاقتصاد العالمي بأسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود جراء الحرب في أوكرانيا، والتي تسببت في زيادة أسعار النفط والغاز والمشتقات البترولية إلى مستويات قياسية ومعها زاد معدل التضخم وتضاعفت تكاليف الشحن.

وفي تحول معاكس لما يطالب به الناشطون البيئيون تواصل الصين توقيع صفقات لشراء الغاز الطبيعي المسال لما بعد 2050، ولا يتخلف عنها المستوردون الأوروبيون كثيراً في هذا الصدد.

بن كاهيل: المنتجون واثقون تمام الثقة أن الطلب على الغاز سيدوم عقودا

أما الولايات المتحدة فماضية قدماً في إنجاز مشاريع جديدة تجعلها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم في المستقبل المنظور.

ويقول محللو الطاقة إن هذا الزخم يمثل نقطة تحول للغاز، فقد كان يُنظر إلى الوقود الأحفوري “الأنظف” على أنه جسر قصير المدى لمصادر طاقة أكثر اخضرارا.

ويسعى دعاة حماية البيئة إلى التخلص منه تدريجيا وسط مخاوف من أنه أكثر تلويثا للبيئة مما يُعلن عنه. والآن، تختفي فكرة أن الطلب على الغاز سيبلغ ذروته قريبا.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن بن كاهيل الباحث الكبير بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن قوله “يستكشف بائعو الغاز الطبيعي المسال هذه السوق وهم واثقون تمام الثقة أن الطلب على الغاز سيظل موجوداً لعقود مقبلة”.

وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تلاه من أزمة الطاقة والارتفاع القياسي في الأسعار، إلى تغيير الآفاق طويلة الأجل للغاز الطبيعي.

وعلى إثر ذلك حثت أوروبا الخطى لاستبدال الوقود الروسي بينما توقع الاقتصادات الناشئة صفقات طويلة الأجل لتجنب النقص في المستقبل.

فبكين، مثلا، وقعت اتفاقا مدته 27 عاما مع الدوحة الثلاثاء الماضي لحماية أمن الطاقة، وكان ذلك بعد أشهر من توقيع ثاني أكبر اقتصاد في العالم لاتفاق مماثل مع قطر للطاقة وبنفس المدة.

ووقع مستورد ألماني الخميس عقدا تاريخيا لشراء الغاز من الولايات المتحدة حتى 2046 رغم أن أكبر اقتصاد أوروبي يهدف إلى أن تكون محايدةً كربونياً قبل عام من ذلك.

وتقول وكالة الطاقة الدولية إن موافقات صدرت لإنتاج نحو 60 مليار متر مكعب جديد من الغاز منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا، وهو ما يقرب من ضعف المعدل مقارنة بالعقد الماضي.

ويرى سول كافونيك محلل الطاقة في كريدي سويس، والذي يعمل من سيدني، أن مواصلة إنتاج الغاز أمر منطقي أيضا للمساهمين. وقال إن “الغاز كان مربحاً خلال السنوات القليلة الماضية بينما كان تحقيق أهداف الطاقة الخضراء أكثر صعوبة”.

وفي السنوات القليلة الماضية كان الغاز المحرك الرئيسي لأرباح شركات الطاقة بما في ذلك شل وبي.بي. وقبل سنوات انغمس المنتجون في أعمال الطاقة المتجددة الأقل ربحاً، لكنهم الآن يعيدون التفكير في تلك الاستثمارات بسبب العوائد الضعيفة.

 

 

الطلب على الغاز مستمر

 

وأعلن الرئيس التنفيذي لشل وائل صوان للمستثمرين هذا الشهر عن تحول في إستراتيجية الشركة بعد ترقيته إلى المنصب في يناير الماضي. وقال “سيلعب الغاز الطبيعي المسال دوراً في نظام الطاقة في المستقبل أكبر مما يلعبه اليوم”.

ويمكن نقل الغاز الطبيعي المسال بسهولة حيث تشتد الحاجة إليه. والأكثر من ذلك أن الانبعاثات الكربونية من الغاز الطبيعي أقل بنحو 50 في المئة في المتوسط من الفحم عند استخدامه لإنتاج الكهرباء.

وتخطط شل لزيادة استثمارات الغاز بنسبة 25 في المئة تقريباً هذا العام إلى مستوى قياسي يبلغ 5 مليارات دولار والحفاظ على الإنفاق عند هذا المستوى حتى 2025.

وفي العام الماضي انضمت الشركة التي تتخذ من لندن مقرا لها إلى إكسون موبيل وكونوكو فيليبس للاستثمار في مشروع حقل الشمال الشرقي في قطر للتوسع في إنتاج الغاز، وتبلغ كلفته 30 مليار دولار، وهو الأكبر على الإطلاق في هذه الصناعة.

ويعتبر الغاز أيضا عاملا رئيسيا في خطط النمو لدى إيني وكان دافعا كبيرا وراء صفقة الجمعة التي أبرمتها الشركة الإيطالية وقيمتها 4.9 مليار دولار لشراء نبتون إنيرجي غروب.

60

مليار متر مكعب اتفق على إنتاجها منذ فبراير 2022، وهو ضعف معدل العقد الماضي

وفي مكان آخر من العالم اتفق أكبر منتجين للغاز في رومانيا هذا الأسبوع على استثمار ما يصل إلى 4 مليارات يورو ( 4.4 مليار دولار) في مشروع غاز في البحر الأسود بعد مباحثات دامت عقودا.

وعلاوة على ذلك ستستعين كل من شيفرون وإكسون بالمزيد من الموظفين لتأسيس نشاط لتجارة الغاز في لندن وسنغافورة.

وفي الولايات المتحدة يلقى تطوير مصانع الغاز الجديدة دعما من أمور منها توقيع مشترين في دول مثل ألمانيا واليابان، وكلتاهما لها أهداف خضراء طموحة، عقوداً طويلة الأجل مع المصدرين.

وأعطت توتال إنرجيز دفعة هذا الشهر لخطط بناء محطة تصدير في الولايات المتحدة عندما وافقت على شراء حصص في المشروع والشركة المطورة له. كما تجري الشركة الفرنسية محادثات مع السعودية للاستثمار في مشروعها الضخم للغاز الطبيعي.

ومع ذلك، لا يزال هناك نقاش بخصوص حجم الغاز والاستثمار المطلوبين، إذ من المرجح أن يتوقف الطلب على مدى نجاح الدول في الحد من الانبعاثات.

وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الطلب على الغاز يجب أن ينخفض بشدة بحلول نهاية العقد من أجل إبقاء العالم على المسار الصحيح لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول 2050.

وكانت الوكالة التابعة للأمم المتحدة قد نادت في العام 2021 بضرورة توقف جميع مشروعات التطوير الجديدة في حقول النفط والغاز والفحم للوفاء بهذا السيناريو.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه ينبغي للمنتجين والمؤسسات المالية “الالتزام بإنهاء التمويل والاستثمار في التنقيب عن حقول النفط والغاز الجديدة وزيادة احتياطيات النفط والغاز”.

سول كافونيك: الغاز كان مربحا بينما تحقيق أهداف الطاقة الخضراء صعب

وأضاف في حديث للصحافيين هذا الشهر في نيويورك “نحن متجهون نحو كارثة ونرى ذلك بأم أعيننا”.

ومن أكبر الحجج المناهضة للغاز الطبيعي انبعاثات الميثان، وهو منتج ثانوي لإنتاج الغاز يحبس الحرارة أكثر بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون في أول عقدين له في الغلاف الجوي.

كما أن تسرب الغاز بأكثر من ثلاثة في المئة يجعله أسوأ من الفحم بالنسبة إلى المناخ، وفقا لدراسة نشرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم، مما يقوض مزاعم الصناعة بأنه وقود أحفوري أنظف.

ولتسويق الغاز الطبيعي كبديل نظيف للفحم، تعمل شركات الطاقة الكبرى على خفض انبعاثات الميثان.

وتسعى شل وإكسون موبيل وأكثر من عشر شركات أخرى منتجة للغاز إلى تحقيق انبعاثات “قريبة من الصفر” من غاز الميثان بحلول 2030 في إطار مبادرة بدأت العام الماضي.

وقال إيرا جوزيف، الزميل العالمي بمركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، “من خلال أخذ الحد من انبعاثات الميثان على محمل الجد، تعتقد الشركات الكبرى أن بإمكانها إحداث مساهمة إيجابية في تغير المناخ والحفاظ على ربحية أصولها”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.