تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

دراسة حديثة تشخّص أسباب ضعف التداول في سوق دمشق

 

 
إن اعتماد سياسة سوق دمشق للأوراق المالية سوقاً استثمارية وليست سوقاً للمضاربة، أدى إلى منع بيع السهم في يوم الشراء نفسه، كما وضع حدوداً سعرية للتداول،لذا فإن سياسة السوق لا تهدف إلى السيولة وزيادة حجم التداول بقدر ما تهدف لزيادة دور الشركات المساهمة في الاقتصاد الوطني وتشجيع استثمار المدخرات. وعليه فإن تحرير الحدود السعرية سيدفع مزيداً من الكتل النقدية إلى السوق، ما سيزيد من حجم التداول، ويشجع الشركات المساهمة على إدراج أسهمها للاستفادة من حدود سعرية أعلى، وهذا يجعل السوق أكثر عمقاً، وبالتالي يضمن ألا يؤثر عدد قليل من الصفقات على اتجاه السوق وألا تكون هذه الكتل مجمعة في أيدي قلة من المستثمرين، بهذه المقدمة يبدأ المحلل والاستشاري المالي محمد وائل حبش دراسة تشخص أسباب ضعف التداول في السوق حتى الآن.‏
 
ضعف رأسمال الشركات المدرجة‏
 
إن القيمة السوقية للشركات المساهمة المدرجة في السوق تقدر بعشرات مليارات الليرات السورية، وهي قيمة سوقية ضئيلة قياساً مع القيمة السوقية للشركات المدرجة في الأسواق المجاورة، علماً أن القيمة السوقية الكبيرة تخلق بالضرورة حجم تداول كبيراً سواء نتيجة أسعار الأسهم المرتفعة أم العدد الكبير للأسهم.‏
 
قلة عدد الشركات‏
 
إن عدد الشركات المساهمة المدرجة في السوق المحدود، والذي لم يتجاوز الإحدى عشرة شركة يجعل خيارات المستثمر محدودة في الاستثمار، كما أن توزع الشركات المساهمة ضمن القطاعات ما زال غير متوازن، فمن الواضح أن هناك ست شركات مدرجة ضمن القطاع المصرفي، في حين من المفترض لمن يريد أن يشكل محفظة استثمارية متوازنة أن تكون أمامه خياراته في قطاعات صناعية وخدمية وتجارية ومالية، فضلاً عن اختلاف في الأوضاع المالية لهذه الشركات من مستقرة إلى خطرة وكذلك أعمار الشركات المدرجة من فتية إلى ناضجة.‏
 
اكتتابات جديدة‏
 
الاكتتابات الجديدة تحتاج إلى تمويل محلي بعشرات المليارات، ما يجعل كتلة نقدية ضخمة تتجه إلى عملية الاكتتاب الأولي خاصة القطاع المصرفي دون غيره من القطاعات، بدلاً من أن تتجه إلى التداول في السوق.‏
 
منع البيع في يوم الشراء‏
 
إن منع بيع السهم في يوم الشراء نفسه يخفض بلا شك من سيولة السوق، وعلى الرغم من أن البيع في اليوم نفسه يفتح المجال للمضاربة، إلا أنه بوجود حدود سعرية ضيقة يتم ضبط السوق ناهيك عن استبعاد الصفقات المشبوهة التي تكون غايتها رفع سعر السهم أو تخفيضه إلى حد معين.‏
 
سيكولوجية المستثمر‏
 
المستثمر المحلي يعتمد حالياً سياسة الاحتفاظ بالسهم، أي الاستثمار طويل الأجل وليس بقصير الأجل، ومعظم المستثمرين الذين اكتتبوا على أسهم في الشركات المساهمة كانوا لغرض الاستثمار والحصول على عوائد استثمارية من أموالهم ولن يقوموا بالبيع إلا لغرض الحصول على السيولة أو لاستغلال فرصة استثمارية جديدة في شركة مساهمة جديدة، ويضاف إليها عدم تشكيل وجود محافظ مالية أو صناديق استثمارية بإدارة أصحاب خبرة تقوم بتجميع أموال العديد من المستثمرين قليلي الخبرة لتنمية هذه الأموال عن طريق المتاجرة والمضاربة بأسهم شركات المساهمة.‏
 
القيمة العادلة للسهم‏
 
المستثمر السوري حتى الآن يعتمد في عملية البيع والشراء في الأسهم على حركة التداول والإشاعات والانطباع العام لدى الجمهور تجاه شركة معينة أكثر من متابعته للمعلومات والقوائم المالية الصادرة عن هذه الشركات.‏
 
افتتاح السوق .. عالمية الأزمة المالية‏
 
إن الاقتصاد المالي في العقد الأخير قد شهد ازدهاراً ونمواً كبيراً سببه العوائد المالية الكبيرة التي تحققت من الاستثمار في هذا القطاع إضافة لسهولة تحريك الأموال من استثمار لآخر، الأمر الذي أدى لتوجه كتلة نقدية كبيرة على عرض محدود من الأوراق المالية في البورصات العالمية ما خلق فقاعة سعرية كبيرة أدت مع غيرها من العوامل إلى انهيارات سعرية، وتبرز المشكلة أن المواطن لدينا ليست له تجارب سابقة فيما يخص التداول في السوق المالية ولذا فإن تجارب الآخرين السلبية من الدول المجاورة أثرت بشكل مباشر على الاستثمار في السوق.‏
 
ثقافة البورصات‏
 
كي تنشّط التداول في السوق يجب أن تزيد عدد المتداولين في السوق وحتى الآن لم يتعدَ عدد المتداولين عدة آلاف في السوق والفعالون منهم لا يتجاوزون عدة مئات، ولم يوجه جزء كبير منهم مدخراته نحو الأسهم أو صناديق الاستثمار أو التقاعد، كما ما زال السوري ينظر للأسهم على أنها خيار ثانوي للاستثمار ويحمل مخاطر عالية وهنا نؤكد ضرورة التوعية في إبراز أهمية الشركات المساهمة ودورها وميزاتها للمستثمر الفرد كقناة استثمارية مهمة لمدخراته.‏
 
قلة نسبة الأسهم المتداولة إلى ملكيتها‏
 
حتى الآن لم تتجاوز نسبة الأسهم المتداولة في السوق بالنسبة إلى الحجم الكلي للأسهم بأكثر من أربعة في المئة، وذلك بسبب أن أكثر من نصف كمية الأسهم للشركات المدرجة في السوق تعود إلى المؤسسين الممنوعين من تداول الأسهم، إضافة إلى امتناع المستثمرين الكبار من حملة الأسهم عن تداول أسهمهم حتى الآن معتبرين أنها أصول مالية للاستثمار أكثر مما هي بغرض المضاربة والتداول، وبالتالي فإن النسبة الأكبر من الأسهم معطلة وخارجة عن التداول والنقطة السلبية تكمن في أن القيمة السوقية للجزء الأكبر من أسهم الشركات تتحدد نتيجة تداول عدد صغير من أسهم الشركة المدرجة في السوق وبالتالي في هذه المرحلة لا تعبر القيمة السوقية الحالية للأسهم عن قناعات معظم حاملي الأسهم تجاه القيمة السوقية العادلة للأسهم.‏
 
ويبقى الهدف الرئيسي من السوق هو تحويل المدخرات للاستثمار وتفعيل دور الشركات المساهمة في بناء الاقتصاد المحلي والاستفادة من مميزات تمركز رؤوس الأموال في حين ليس بالضرورة أن يعبر حجم التداول الكبير عن مناخ صحي للاستثمار في السوق بل بسبب عمليات المضاربة والتلاعب بالأسعار السوقية للأسهم.‏

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.