تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المصالح تعيق تدخل أوروبا في الصراع بين الولايات المتحدة والصين

مصدر الصورة
العرب

إيمانويل ماكرون: الاتحاد الأوروبي لن يصبح "مطية لأميركا".

مساع لعدم تجاوز الخطوط الحمراء

واشنطن - على مدى أكثر من عام ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير 2022، يتساءل الكثيرون عما إذا كان السماح لروسيا بالاستيلاء على أوكرانيا، سيسمح بتكرار السيناريو مع تايوان من جانب الصين؟

ويقول البعض إن هزيمة روسيا في أوكرانيا هي إنقاذ لتايوان، في حين يرى آخرون أنه لا يمكن المساواة بين أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، وما يمكن أن يقوم به نظيره الصيني شي جينبينغ في تايوان.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي خوان بي. فيلاسميل إن السؤال الذي لا يقل إن لم يزد أهمية هو هل سيتصرف الغرب بنفس الحسم الذي يمارسه ضد روسيا، لمواجهة أي غزو صيني لتايوان؟ مضيفا أن الإجابة للأسف لا.

وفي السادس والعشرين من أبريل الماضي، أجرى الرئيس الصيني شي جينبينغ أول اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ بداية الأزمة، مما أثار الكثير من التكهنات بشأن دور صيني لتحقيق السلام في أوكرانيا.

عندما يكون الخلاف في منطقة المحيطين الهندي والهادئ حيث مصالح واشنطن، يكتفي الأوروبيون بدور المراقب

وأثارت تحركات بكين في هذا الملف مخاوف الكثيرين في واشنطن ليس فقط بسبب حقيقة أن الصين قد تعطي أولوية للمصالح الروسية، لكن أيضا لأن الصين وهي أكبر منافس اقتصادي وسياسي للولايات المتحدة ستصبح صانعا للسلام في أسوأ صراع عسكري تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يمكن أن يقلص النفوذ الأميركي التقليدي في العالم بشكل عام.

ويرى فيلاسميل أن تصور أن الصين تواجه أضرارا نتيجة الصمود العسكري الأوكراني لا وجود له إلا في رأس الباحثين والسياسيين الأميركيين. فالعلاقات القوية بين الصين وأوروبا، كافية لكي تجعل تكرار الدعم الغربي لأوكرانيا، مع تايوان مسألة غير مؤكدة.

وفي حين تتحدث الولايات المتحدة عن روسيا والصين باعتبارهما تهديدات متماثلة، عاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من زيارته لبكين ليقول إن الاتحاد الأوروبي لن يصبح “مطية لأميركا”، مشددا على ضرورة رفض الاتحاد للتورط في النزاعات بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان. كما تواصل الشركات الألمانية إقامة المشروعات المشتركة مع الصينيين بدون ضرورة اقتصادية.

وأمام المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري في مطلع العام الحالي، قالت أورسولا فون دير لين رئيسة المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي يريد “إزالة المخاطر” وليس “القطيعة” مع الصين، خاصة في ظل الاعتماد على الصين للحصول على 98 في المئة من إمدادات معادن الأرض النادرة التي تستخدم في كل الصناعات الحديثة من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وحتى صواريخ الفضاء.

ويقول فيلاسميل إنه سأل السفيرة الأيرلندية جيرالدين بيرني ناسون والسفيرة الإيطالية ماري أنيجلا زابيا والسفيرة الدنماركية كريستينا ماركوس لاسن سؤالين بسيطين هما: هل الصين هي أكبر تهديد لنا (أميركيين وأوروبيين) على المدى الطويل؟ وهل تايوان دولة مستقلة؟

وردت السفيرة الأيرلندية بالقول “علينا الحذر من دفع روسيا والصين إلى الزاوية”، وهو ما يختلف تماما عن منطق القلقين من التوسع الصيني في الولايات المتحدة، كما قالت إن التعاون مع الصين يستحق الاستمرار. وأضافت أن التهديدات الحقيقية هي “أزمة المناخ والخطر النووي”.

وبالمثل رفضت السفيرتان الإيطالية والدنماركية الإشارة إلى تايوان كدولة مستقلة. وقالت السفيرة الإيطالية إن “التعاون مع الصين مفيد لنا جميعا” وإن “الصين مخالفة لنا في القيم التي تتبنى منهجا قمعيا في الحكم”.

لكن الأوروبيين لا يعتبرون الصين خطرا حقيقيا عليهم، كما هو الحال بالنسبة لروسيا، لذلك فإنهم يمكن أن يعتمدوا على المساعدة الأميركية لمواجهة التهديد الروسي، لكن عندما يكون الخلاف في منطقة المحيطين الهندي والهادئ حيث المصالح الأميركية التي تهددها السياسات الصينية، فإنهم يكتفون بدور المراقب.

ويقول فيلاسميل إنه بنفس المنطق على واشنطن تحديد أولوياتها في الردع وفقا للمخاطر التي تواجهها وليست التي تواجه أوروبا.

وإذا أرادت الولايات المتحدة ردع الصين، فستحتاج من شركائها الأوروبيين إلى الإعلان بثقة كاملة أن الصين لا يمكن أن تكون وسيط سلام في أوكرانيا، وأن التوسع الصيني يمثل تهديدا لهم ولشركائهم.

وفي هذه الحالة يمكن أن تقلص الولايات المتحدة إنفاقها أو تركيزها على أوكرانيا، أو يتخذ الأوربيون مواقف أقوى ضد الصين. وكلا الخيارين أفضل من الوضع الراهن.

وأخيرا ولقطع الطريق على أي صراع مستقبلي، على الغرب كبح الجهود التوسعية للحزب الشيوعي الصيني. ولعمل ذلك فالولايات المتحدة لا تحتاج فقط إلى الأوروبيين، لكنها تحتاج إليهم في مواجهة الصين أكثر مما يحتاجونها في أوكرانيا. وهم يعرفون ذلك وعلى واشنطن دفعهم إلى التصرف وفقا لهذه الحقيقة.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.