تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أعمال الشغب في فرنسا تكشف عن فشل تحديث الأحياء الشعبية

مصدر الصورة
العرب

ما يجري ليس فشلا لسياسة المدينة فقط بل فشل للسياسات الحكومية حول الإسكان ومعالجة انعدام المساواة.

الشعور بالغبن يترجم إلى عنف

باريس - تراهن فرنسا بقوة منذ ثلاثين عاما على تحديث الأحياء الشعبية وهي سياسة مفيدة لكنها غير كافية لاحتواء المشاكل، كما تشهد اليوم أعمال الشغب في المدن، برأي خبراء.

ويشار أيضا إلى افتقار السياسات إلى الطموح. والمثال على ذلك رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العام 2018 لتقرير يدافع عن سياسة للمناطق الحضرية تتمحور على التربية والعمل ومكافحة التمييز بما يتجاوز تحديث المدن المحض.

ويقول يوان ميو الأستاذ المحاضر في جامعة غوستاف إيفل قرب باريس "ثمة ميل إلى اعتبار أنه لا ينبغي استثمار مزيد من المال بما أن ‘سياسة المدينة’ تطبق في هذه الأحياء". ودافع الوزير الفرنسي لشؤون المدينة أوليفييه كلين مؤكدا أن "'سياسة المدينة' تؤتي ثمارها ولا يمكن القول إنها غير فعالة".

وكان كلين رئيسا لبلدية كليشي - سو - بوا قرب باريس حيث أثار مقتل مراهقين اثنين صعقا في محول كهربائي احتميا فيه هربا من مطاردة الشرطة في 2005، آخر موجة كبيرة من أعمال العنف في المدن. وترأس قبل دخوله الحكومة الوكالة الوطنية للتحديث الحضري وهي الهيئة الرئيسية لتطبيق "سياسة المدينة".

◙ "غضب اقتصادي" مرتبط خصوصا بالتضخم

وفي أول برنامج لها بين العامين 2004 و2020 أنفقت الوكالة 12 مليار يورو استخدمت خصوصا في هدم صفوف الأبنية الشاهقة في الأحياء التي تحظى بالأولوية، لتشييد أبنية أصغر فيها.

وخصصت 12 مليار يورو إضافية لبرنامج ثان ينفذ حتى العام 2030. واعتمدت "سياسة المدينة" العام 1990 مع استحداث وزارة المدينة وأتت يومها استجابة لأعمال عنف في فو – أن – فلان قرب ليون في وسط البلاد الشرقي.

ويقول سامي زيغناني عالم الاجتماع في جامعة رين – 1 في غرب فرنسا إن “أعمال الشغب في فرنسا بدأت في الثمانينات وأحدثت إدراكا، فضلا عن إدراج بند مشكلة 'الضواحي'". وتظهر أعمال الشغب التي أثارها مقتل الفتى نائل البالغ 17 عاما برصاص شرطي، أن هذه المشكلة متواصلة.

ويؤكد الشيوعي جيل لوبروست رئيس جمعية المسؤولين المنتخبين في المدن والضواحي "هذا ليس ناجما عن فشل سياسة المدينة بل هذا فشل للسياسات الحكومية حول مسألة الإسكان وكذلك فشل السياسة الوطنية لمعالجة انعدام المساواة".

ويرى كثيرون أن ثمة "غضبا اقتصاديا" مرتبطا خصوصا بالتضخم. ويشدد الشيوعي فيليب ريو رئيس بلدية غرينيي أفقر مدن فرنسا القارية “منذ العام 2005 ارتفع معدل الفقر بشكل كبير في غرينيي الواقعة قرب باريس وسرعت أزمة كوفيد والتضخم انعدام المساواة والظلم".

ويضيف "'سياسة المدينة' هي السياسة الشاملة الوحيدة. فهي تشمل التربية والعمل والتدريب والثقافة فضلا عن الرياضة والعدل والصحة. لو لم تكن متوافرة لكان اقتضى استحداثها. إلا أنها فقدت زخمها راهنا. فيمكن إعداد الكثير من وثائق إكسل لكن ذلك لا يشكل سياسة عامة".

وتقول ستيفاني فيرميرش مديرة الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي إن “التحديث غيّر وجه عدد لا بأس به من الأحياء، لكن على صعيد المدرسة والتمييز والحصول على عمل والعلاقة مع الشرطة فلم يتغير الكثير".

ويوضح ميو “هناك أيضا وطأة التمييز النُظمي الذي يواجهه جزء من سكان الأحياء الشعبية، من تدقيق بحسب السحنة وصعوبة الإجراءات للوصول إلى خدمات قانونية والتمييز في الحصول على مسكن شعبي ما يخلف شعورا بالظلم". وتفيد فيرميرش "عمليا يذهب الشخص إلى المدرسة في الحي ومن ثم يدرك من خلال الأمثلة من حوله أن المدرسة لا تفتح الأبواب أمامه بعد ذلك".

وألقت الشرطة الفرنسية القبض على أكثر من 1300 شخص خلال الليلة الرابعة من أعمال الشغب، فيما تجمعت أسرة وأصدقاء الشاب نائل الذي أشعل مقتله برصاص الشرطة الاضطرابات السبت، لتشييع جثمانه في ضاحية نانتير بباريس حيث لقي حتفه.

ونشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة خلال الليل للتصدي لأسوأ أزمة تواجه الرئيس ماكرون منذ احتجاجات "السترات الصفراء" التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018. وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن الشرطة اعتقلت 1311 شخصا ليلة السبت مقارنة مع 875 في الليلة السابقة، في أعمال عنف وصفتها على تويتر بأنها كانت "أقل حدة".

وقُتل نائل (17 عاما)، وهو من أصل جزائري - مغربي، برصاص الشرطة يوم الثلاثاء عند نقطة تفتيش مروري بضاحية نانتير حيث لا تزال حركة المرور متوقفة. وأذكت وفاته، التي رصدتها إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والمجتمعات الحضرية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.