تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«الناتو» يؤجّل عضوية أوكرانيا: «ضمانات» بديلة لا ترضي زيلينسكي

مصدر الصورة
وكالات

بعد «خيبة الأمل» من الموقف الذي عبّر عنه قادة «حلف شمال الأطلسي»، حول عضوية أوكرانيا في الحلف، حاول الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في وقت لاحق من اليوم الأول لقمة «الناتو»، التي عُقدت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، التخفيف من «حدّة» لهجته بعد مهاجمته بيان «الناتو»، مشيراً إلى أنه «ممتنّ» للمشاركين في القمة «لاستعدادهم لاتخاذ خطوات جديدة» للدفاع عن أوكرانيا، في إشارة إلى المزيد من الدعم العسكري الذي قدّمته، أو ستقدمه في وقت لاحق هذه الدول، وهو على الأرجح كلّ ما ستكسبه كييف من تلك القمّة التي امتدّت على يومين، في وقت لا يفتأ فيه أعضاء «الناتو»، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، يؤكدون أنهم، وعلى رغم «دعمهم» لأوكرانيا، فهم بغنى عن الانجرار معها إلى اقتتال مباشر مع روسيا.

وعقب إصدار «الأطلسي» بياناً، في اليوم الأول، جاء فيه أن مستقبل أوكرانيا هو في الحلف، وأنه سيتمّ، بدلاً من العمل على «خطّة العضوية»، إنشاء «مجلس الناتو - أوكرانيا»، وهو هيئة مشتركة جديدة «للحوار السياسي والمشاركة والتعاون وتطلّعات أوكرانيا الأوروبية - الأطلسية للعضوية في (الناتو)»، وأن «الحلف سيدعم أوكرانيا في إجراء هذه الإصلاحات»، وسيدعوها إلى الانضمام «عندما يتفق الحلفاء ويتمّ استيفاء الشروط»، ساد تفاؤل في أوساط بعض الديبلوماسيين الذين كانوا يحشدون الدعم لانضمام كييف إلى «الناتو». بيد أن تصريحات زيلينسكي الغاضبة سرعان ما بدّدت هذا التفاؤل؛ إذ هاجم الرئيس الأوكراني بيان القمّة المشترك، مستنكراً افتقار الدول الأعضاء إلى جدول زمني ملموس للانضمام، واصفاً ذلك بـ«السخيف وغير المسبوق» و«العبثي».

ومن المرجّح أن ما أغضب زيلينسكي ودفعه إلى الإدلاء بتلك التصريحات، هو أن الحلف لم يحدّد متى سيكون ذلك «المستقبل» الذي ستنضمّ فيه كييف إلى «الأطلسي»، فضلاً عن أن الأخير أوحى أن الظروف ليست مهيّأة لـ«مجرّد دعوة كييف إلى الانضمام، ناهيك عن العضوية الكاملة»، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وبعد نحو عشر دقائق من تغريدة زيلينسكي، تصافح الرئيس الأميركي، جو بايدن، وأمين عام «الناتو»، ينس ستولتنبرغ، معلنَين أنهما اتفقا على هذه الصيغة، فيما دافعت وزارة الخارجية الأميركية بأن هناك شروطاً عدّة رأى «الأطلسي» أن أوكرانيا يجب أن تستوفيها قبل دعوتها إلى الانضمام، بما فيها الإصلاحات الديموقراطية وانتهاء الحرب مع روسيا.

ضمانات غربية وصواريخ بعيدة المدى

ومن جملة الخطوات التي اتّخذتها الدول الغربية خلال القمة لدعم كييف، الإعلان عن برنامج ضمان أمني كبير، «يهدف إلى حماية أوكرانيا من غزو آخر». وفي هذا الإطار، قالت أماندا سلوت، مديرة مجلس الأمن القومي لأوروبا، للصحافيين أمس، إن الولايات المتحدة، جنباً إلى جنب قادة «مجموعة السبع»، «تعلن عن تصميمها على مساعدة أوكرانيا في بناء جيش قادر على الدفاع عن نفسه وردع أيّ هجوم مستقبلي». وأوضحت أن هذه العملية ستضمن أن المساعدة العسكرية التي نقدّمها لأوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد «العدوان الروسي»، ستكون جزءاً من استثمار طويل الأجل في القوة الأوكرانية مستقبلاً. إلّا أنه حتى تلك الخطوة لم ترضِ الرئيس الأوكراني، الذي قال لدى وصوله إلى القمة إن وعود «مجموعة السبع» لا يمكن أن «تحل محلّ عضوية الحلف الأطلسي»، في حين حذّر الكرملين من أن «الضمانات الأمنية من القوى الغربية ستؤدي إلى تقويض أمن روسيا، وستشكل خطراً أكبر بكثير على أوروبا لسنوات قادمة».

البنتاغون يؤكّد أن أوكرانيا لا تحتاج حالياً إلى الصواريخ الطويلة المدى

من جهتها، أعلنت النروج، أمس، أنها ستقدّم لأوكرانيا، خلال العام الجاري، مساعدات عسكرية إضافية، تشمل طائرات مسيّرة متناهية الصغر وأنظمة دفاع جوّي وحصصاً غذائية للجنود، بعدما كانت الحكومة النروجية قد أعلنت، الثلاثاء، أنها ستسرّع وتيرة دعمها العسكري لأوكرانيا، مشيرة إلى أنها ستسحب لهذه الغاية 2.5 مليار كرونة إضافية (حوالي 220 مليون يورو) من المبلغ المخصّص لمساعدة كييف خلال خمس سنوات، على الرغم من أن أوسلو كانت تعتزم، في بادئ الأمر، تقسيم هذا المبلغ بالتساوي على السنوات الخمس، إلا أنها تجاوزت هذه القاعدة نظراً إلى حاجة أوكرانيا الملحّة إلى الأسلحة. بدورها، قالت ألمانيا، أوّل من أمس، إنها ستقدّم مزيداً من الدبابات ومن صواريخ «باتريوت» الدفاعية والعربات المدرعة، بقيمة 700 مليون يورو إضافية، فيما أعلن وزيرا دفاع الدنمارك وهولندا أنهما جمعا 11 دولة للمساعدة في بدء تدريب الطيارين الأوكرانيين، على طائرات مقاتلة من طراز «أف 16» الشهر المقبل، على أن يتمّ إنشاء مدرسة في رومانيا لتلك الغاية. أمّا فرنسا، فقد أعلنت، بعد امتناع طويل، إرسال صواريخ طويلة المدى من طراز «سكالب» إلى كييف.

جدل حول المساعدات الأميركية

وإذا كانت فرنسا قد قررت تزويد كييف بالصواريخ طويلة المدى بعد فترة من «التردد»، فلا يزال البنتاغون يؤكد أن أوكرانيا لا تحتاج حالياً إلى مثل هذه الصواريخ، التي ستكون قادرة على الوصول إلى الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم. إلا أن مسؤولين أميركيين ومسؤولاً أوروبياً قالوا، في حديث إلى «نيويورك تايمز» أخيراً، إن نقاشاً يدور داخل إدارة بايدن حول ما إذا كان سيتمّ إرسال ولو عدد قليل من صواريخ أرض - أرض بعيدة المدى، المعروفة باسم «ATACMS»، والتي تُترك عادةً لمواجهة تهديدات أمنية من نوع آخر، و«خطط حروب» أخرى، على غرار «حرب في شبه الجزيرة الكورية»، بحسب مسؤولين في وزارة الدفاع، حذّروا من أن مخزون الولايات المتحدة من هذه الصواريخ ضئيل. تزامناً مع ذلك، أعلن بايدن، في وقت سابق، أنه يتصوّر ترتيباً أمنياً مع أوكرانيا «مشابهاً للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل»، علماً أن واشنطن تقدّم أكثر من 3.8 مليارات دولار سنوياً كمساعدات عسكرية لسلطات الاحتلال، في وقت يبدو فيه من غير المعروف ما إذا كان سيكون قادراً على حشد الدعم من الحزبين لاستمرار تمويل الحرب في أوكرانيا، ولا سيما بهكذا مبالغ، وفق ما أوردته «نيويورك تايمز».

انعطافة تركية

على خطّ موازٍ، نال اللقاء بين الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره الأميركي، خلال القمة، اهتماماً خاصاً، ولا سيما أنه جاء بعد يوم واحد من تخلّي أنقرة عن موقفها المناهض لانضمام السويد إلى «الناتو». وسيطرت على اللقاء أجواء إيجابية كانت لفترة طويلة «غير معهودة» بين مسؤولي البلدَين، حيث تسبّبت أنقرة مراراً بـ«الإزعاج» لشركائها الغربيين في الحلف، نتيجة رفضها المستمر إدانة موسكو أو فرض عقوبات عليها، وتمسكها برفض عضوية استوكهولم. وقال إردوغان لبايدن إن هذا اللقاء يمثّل «انطلاقة آلية جديدة في العلاقات»، واصفاً إياه بـ«الخطوة الأولى» في اتّجاه علاقات أقوى، ومبدياً رغبته في العمل مع بايدن في السنوات الخمس المقبلة من ولايته. من جهته، وصف الرئيس الأميركي الاجتماع بـ«التاريخي»، داعياً إلى مزيد من التعاون الثنائي في المستقبل. ودفع هذا التحسّن ببعض المراقبين إلى اعتبار أن إردوغان قام بـ«انعطافة» جديدة في علاقاته الخارجية، لضمان مصلحة أنقرة الخاصة، إذ بات يميل نحو «تحسين العلاقات مع الغرب»، وذلك على الأرجح سعياً منه إلى مواجهة الصعوبات الاقتصادية في الداخل، والحصول على مقاتلات «إف 16» الأميركية لتحديث أسطوله، وفق ما نقلت عنهم صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. وعلى الرغم من رفض أنقرة المستمر ربط عضوية السويد بصفقة المقاتلات الأميركية بشكل علني، فقد نقلت «نيويورك تايمز» عن مصادر أميركية قولها إن مسؤولين أميركيين أبلغوا نظراءهم الأتراك، في وقت سابق، أنّ جعل بعض أعضاء الكونغرس ينهون معارضتهم لصفقة المقاتلات سيصبح أسهل، في حال وافق إردوغان أولاً على انضمام السويد إلى «الناتو».

مصدر الخبر
الأخبار اللبنانية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.