تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مناجم المعادن الثمينة في أعماق المحيطات فرصة وخطر بيئي معا

مصدر الصورة
العرب

يشتد الجدل الدولي بشأن التعدين في أعماق المحيطات بين من يرى أنه أكثر أمنا على المحيط من التعدين البري، وجمعيات بيئية تحذر من انعكاسات هذه الصناعة على البيئة.

لندن - تنتشر تريليونات من الصخور في أعماق المحيط الهادئ بين المكسيك وهاواي. وتحتوي تلك الصخور على معادن مثل النيكل والكوبالت والمنغنيز التي تعدّ حيوية للتكنولوجيات الخضراء الجديدة في التحول العالمي إلى الطاقة المتجددة.

وتؤجج وفرة هذه الصخور في منطقة صدع كلاريون – كليبرتون الجدل حول تعدين المكونات اللازمة لإنتاج التكنولوجيا مثل بطاريات السيارات الكهربائية

ويقول علماء البيئة إن التعدين في أعماق البحار قد يتسبب في أضرار جسيمة للأنظمة البيئية التي لا يعرف العلماء عنها الكثير. وتجادل شركات التعدين بأن هذا المسار يعدّ أفضل للبيئة من الاستخراج البري خلال تحول العالم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.

وقررت أكثر من اثنتي عشرة دولة رعاية مشاريع استكشاف صغيرة الحجم، لكن التعدين التجاري في المياه الدولية لا يزال غير مسموح به. وأدرجت هذه القضية للنقاش على جدول اجتماع رئيسي للأمم المتحدة في جامايكا.

وقال جيرارد بارون الرئيس التنفيذي لشركة ميتالز التي تمتد أنشطتها على عمق آلاف الأمتار تحت الماء، إن أضرار التعدين في المحيطات تبقى أقل من تلك المسجّلة عند التعدين في أماكن مثل الغابات المطيرة الإندونيسية. وتابع “محيطاتنا مليئة بالمعادن وتأثيراتها البيئية أقل من البدائل على اليابسة”. لكن العديد من العلماء والمدافعين عن البيئة (وحتى بعض الدول) يخالفونه الرأي، ويدعون إلى وقف خطط التعدين في أعماق البحار.

 

ويجادل العديد من الخبراء والنشطاء من المجلس الاستشاري العلمي للأكاديميات الأوروبية ومن أكثر من 100 منظمة غير حكومية بأن العلم لا يفهم بما يكفي الحياة في الأعماق التي لا يصلها ضوء الشمس حتى يجزم المرء بشأن التعدين فيها.

وقال جوني هيوز وهو مستشار السياسات في مؤسسة بلو مارين الخيرية البيئية “لا يوجد شيء مثل التعدين منخفض التأثير في أعماق البحار. إن هذه الفكرة هي الأكثر تدميرا في ما يتعلق بأعماق البحار”.

ومن المتوقع أن يصل النقاش إلى ذروته في كينغستون بجامايكا خلال اجتماع السلطة الدولية لقاع البحار التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن تنظيم مناطق البحار الخارجة عن نطاق سيطرة الحكومات الوطنية وحيث عُثر على المعادن.

التعدين في أعماق البحار يمكن أن يتسبب في أضرار عديدة للتنوع البيولوجي أكثر من التعدين على اليابسة

وتتسابق الحكومات للحصول على إمدادات آمنة من المعادن الأساسية في التقنيات منخفضة الكربون. ولكنها قدمت التزامات كبيرة لحماية الطبيعة، بما في ذلك صفقة تاريخية في مارس للدفاع عن التنوع البيولوجي البحري في أعالي البحار.

وأعلنت الحكومة النرويجية الشهر الماضي على سبيل المثال عن اقتراح بفتح مياهها الوطنية للتعدين في أعماق البحار، بينما حظرت فرنسا في يناير هذه الممارسة في مياهها.

ومع ذلك، كانت جزيرة ناورو الصغيرة في المحيط الهادئ هي التي أثارت الجدل والقلق في منتصف 2021 عندما أخطرت السلطة الدولية لقاع البحار بخطط بدء التعدين في أعماق البحار، بما أطلق مهلة عامين لاعتماد الهيئة دليلا لقواعد الصناعة.

ومنذ ذلك الحين طلبت ناورو التي ترعى شركة موارد المحيطات في ناورو من السلطة الدولية لقاع البحار استكمال القواعد في غضون عامين، أو الموافقة على خطط التعدين بموجب أي لوائح تكون موجودة في ذلك الوقت.

وانتهى الموعد النهائي يوم الأحد، مما يشكل ضغوطا على الاجتماع لتحديد كيفية المضي قدما. ويقول المحللون إن البلدان لا تزال بعيدة عن الاتفاق على مجموعة من قواعد التعدين، وإنه من غير المرجح أن تمنح السلطة الدولية لقاع البحار الضوء الأخضر لبدء الصناعة.

طريقة مستدامة

يقول أنصار التعدين في أعماق البحار إنه الطريقة الأكثر استدامة للحصول على المعادن اللازمة للتحول الأخضر. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يؤدي التوصل إلى انبعاثات صافية إلى زيادة الطلب على المعادن أربع مرات لتكنولوجيات الطاقة النظيفة.

وقال تقييم شركة “بنشمارك مينرال إنتليجنس” البريطانية المعنية بأسواق المعادن لمشروع ناورو المقترح إنه يمكن أن يسبب تأثيرات بيئية ولكن بدرجة أقل من تلك الناتجة عن التعدين على اليابسة في أماكن مثل الغابات المطيرة.

لكن دعاة الحفاظ على البيئة يقولون إن مقارنة التعدين على اليابسة وفي أعماق البحار يشبه مقارنة التفاح بالبرتقال، حيث لا يُعرف سوى القليل عن أعماق البحار. وقال المحامي البيئي والمستشار في تحالف الحفاظ على أعماق البحار دنكان كوري إن الدول لا تتمتع بما يكفي من المعلومات لاتخاذ هذا النوع من القرارات.

وسلط علماء البحار الضوء على قضايا من بينها التلوث الضوئي في نظام بيئي لا تصله أشعة الشمس، والرواسب التي تخلّفها المركبات، والتلوث الضوضائي، وقد أشارت الأبحاث التي نُشرت في وقت سابق من هذا العام إلى أنه قد يعطل تواصل الحيتان.

وذكر تقرير حديث نشرته منظمة بلانيت تراكر غير الربحية أن التعدين في أعماق البحار يمكن أن يتسبب في أضرار عديدة للتنوع البيولوجي أكثر من التعدين على اليابسة، وذلك بسبب عوامل مثل مساحة السطح الكبيرة المتأثرة مقارنة بالحفر تحت الأرض.

وقال كوري إن التعدين في أعماق البحار لن يعوّض المناجم الموجودة على اليابسة رغم الاندفاع العالمي للمعادن مع تسابق الدول التي تتطلع إلى تأمين إمدادات متنوعة أمام هيمنة الصين على المعادن الرئيسية. وتابع “حتى لو أمكن التعدين في أعماق البحار، فلن يقترح أحد إغلاق المناجم الأرضية. لا توجد حاجة إلى الاختيار بين هذا أو ذاك”.

قرار مؤجل

بب

اكتسبت الحملة من أجل فرض حظر على التعدين في أعماق المحيطات زخما في الأشهر الأخيرة، حيث أيدت حوالي 17 حكومة علنا تأجيل التعدين في أعماق البحار أو وقفه.

وقال براديب سينغ الباحث الذي يقود مجموعة متخصصة في التعدين في أعماق البحار في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة “يقبل عدد متزايد من الدول هذا الرأي القائل بأنه لا توجد حاجة إلى التسرع والتوصل إلى مجموعة من اللوائح حتى تتمكن شركة تعدين خاصة واحدة من العمل”.

وأشار سينغ إلى أنه سيكون من الصعب الموافقة على تجميد قانوني في جامايكا، لكن يمكن أن يتبنى المجلس “وقفا غير رسمي”.

ولم يوافق بارون على عدم وجود معلومات كافية للتعدين في أعماق البحار، قائلا إن شركته كانت تضيف كميات كبيرة من البيانات إلى سجلات التنوع البيولوجي العامة، مما أدى إلى زيادة تلك المتعلقة بمنطقة صدع كلاريون – كليبرتون بنحو 150 في المئة الشهر الماضي. وذكر أن “التصويت لصالح التأجيل هو تصويت ضد العلم. إن الأمر بهذه البساطة”.

لكن بول لوستي من هيئة المساحة الجيولوجية البريطانية قال إن التقييمات التي تقارن مشاريع التعدين البحري بالتعدين البري تستند إلى بيانات بيئات أعماق البحار المحدودة.

وأضاف لوستي الذي قاد مراجعة بتكليف من الحكومة البريطانية حول التعدين في أعماق البحار نُشرت في 2021، أن الشركات تواجه أيضا تحديات في إنشاء دراسة جدوى.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.