تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

معادن الصناعات البيئية في أفريقيا أمام امتحان تكرار "النهب"

مصدر الصورة
العرب

تقاوم الدول الأفريقية تكرار سيناريو ما يسمى بـ"نهب موارد أفريقيا" من خلال فرض قيود على تصدير معادن صناعة الطاقة النظيفة التي يتزايد الطلب عليها، لكن محللين يربطون نجاح الخطوة بتطوير البنية التحتية لمعالجة المعادن.

جوهانسبرغ (جنوب أفريقيا) - يرتفع الطلب على المعادن الأساسية في صناعة تكنولوجيات الطاقة النظيفة من شركاء أفريقيا التجاريين الساعين للتحول الأخضر من الوقود الأحفوري المسبب للاحتباس الحراري.

وتتجه الحكومات بشكل متزايد في السنوات الأخيرة في القارة التي دمرتها ما تسمى بـ”لعنة الموارد”، نحو تقييد صادرات المعادن وحتى حظرها، حيث فشلت الدول الغنية بالنفط أو الذهب في تحقيق ازدهار أوسع في الماضي. وتحاول اليوم تحقيق المزيد من المكاسب. لكن العديد من المحللين قالوا إن هذه الإستراتيجية يمكن أن تسبب نتائج عكسية من خلال ردع الاستثمار الأجنبي.

وأعرب الاتحاد الأوروبي في الأثناء عن قلقه من تزايد القيود على صادرات أفريقيا من المعادن المهمة المستخدمة في التقنيات المتجددة ومنخفضة الكربون، من بطاريات السيارات الكهربائية إلى توربينات الرياح.

وفرضت أكثر من اثنتي عشرة دولة أفريقية، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وناميبيا، قيودا على مثل هذه الصادرات أو حظرتها تماما، وفقا لبحث نشره المنتدى الأفريقي للتنمية في مايو.

وقال وزير المناجم وتطوير الصلب النيجيري السابق أولاميلكان أديجبيت الذي قاد حظر بلاده لتصدير أنواع من المعادن في 2022، إن الدول الأفريقية كانت تدعو إلى إنهاء "نهب موارد القارة الخام".

وتعتمد نيجيريا بشكل كبير على الواردات من مصافي التكرير في الخارج رغم كونها منتجا رئيسيا للنفط الخام. وقال أديجبيت إن الحظر الذي يحفز المعالجة المحلية أو التكرير قبل التصدير يهدف إلى تجنب نفس المشكلة في قطاع التعدين. وتابع "جذبنا الصناعات إلى أفريقيا حتى نتمكن من توظيف شعبنا".

ومع نمو الطلب على هذه المعادن في إطار التحول في مجال الطاقة، تزداد الدعوات إلى فرض ضوابط على الصادرات أو حظرها في أفريقيا لتجاوز اقتصار دورها على التعدين وجلب المزيد من فوائد سلسلة التوريد وأرباحها إلى القارة.

وكان قطاع الطاقة بين 2017 و2022 المحرك الرئيسي لزيادة الطلب على الليثيوم ثلاث مرات، بينما نما الطلب على الكوبالت بنسبة 70 في المئة وارتفع النيكل بنسبة 40 في المئة، وفقا لتقرير صدر عن وكالة الطاقة الدولية في يوليو.

لكن محللي معهد حوكمة الموارد الطبيعية غير الربحي حذروا من أن الحظر الشامل على صادرات المعادن المهمة لن يكفي وحده لدعم النمو الاقتصادي الذي تشتد حاجة القارة إليه.

لعنة الموارد

بلدان مصدرة

وقال المحللون إن غياب البنية التحتية الممكنة من معالجة المعادن والأطر القوية لضمان حسن استخدام الإيرادات الضريبية يمكن أن ينفر الشركاء التجاريين لأفريقيا ويحد من الاستثمار في قطاع التعدين.

وقال توماس سكورفيلد، وهو كبير المحللين الاقتصاديين المتخصصين في أفريقيا في معهد حوكمة الموارد الطبيعية “إنها إستراتيجية مفهومة، لكنها تشمل مخاطرة". وأضاف “أعتقد أنها تتطلب دراسة معمّقة للمعادن التي تشملها الصناعات (…) ثم إستراتيجية لضمان نجاح العملية وتحقيق المنفعة المحلية".

قال مستشار تحول الطاقة في أفريقيا في معهد حوكمة الموارد الطبيعية سيلاس أولانغ إن العديد من الدول الأفريقية الغنية بالمعادن تعاني من “لعنة الموارد”، مع سوء الإدارة المرتبط بـ”الفساد، والتدهور البيئي، وانتهاكات حقوق الإنسان". وأضاف أن هناك فرصة الآن لمقاومة الاتجاه السائد في القارة، حيث “يراقب العالم معادن أفريقيا".

◙ غياب البنية التحتية لمعالجة المعادن والأطر لضمان حسن استخدام الإيرادات الضريبية يمكن أن ينفر الشركاء

وقال معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية إن في القارة 30 في المئة من احتياطيات المعادن في العالم، ويعتبر كثير منها ضروريا للتحول الأخضر، بما في ذلك الكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية والمنغنيز في جنوب أفريقيا والليثيوم في زيمبابوي.

وتعتبر المعادن مثل الكوبالت والليثيوم والمنغنيز ضرورية للبطاريات، ويُعتمد النحاس في جميع الصناعات المتعلقة بالكهرباء، بينما تُستخدم الموارد الأرضية النادرة مثل النيوديميوم في المغناطيس الدائم الذي يعمل على تشغيل المحركات والتوربينات الكهربائية.

وحظرت جمهورية الكونغو الديمقراطية صادرات النحاس والكوبالت بشكل متقطع منذ 2013 لتشجيع المعالجة المحلية، لكنها أصدرت إعفاءات منتظمة للحظر. لكن حظر التصدير لن يفيد الدول الأفريقية حتى تحوّل الحكومات المعالجة محليا، وتحقق الاستفادة من قدرتها في مجال الطاقة المتجددة، وفقا لمحللي معهد حوكمة الموارد الطبيعية.

ولا يُعالج سوى جزء ضئيل فقط من احتياطيات أفريقيا المعدنية في القارة، في حين تكرر الصين الرائدة عالميا في معالجة المعادن 73 في المئة من إجمالي الكوبالت، و40 في المئة من النحاس، و59 في المئة من الليثيوم، و67 في المئة من النيكل، وفقا لمعهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية.

وقال فرانكلين كودجو الرئيس التنفيذي لمركز إيماني أفريقيا لأبحاث السياسة إن فرض حظر شامل على الصادرات دون التمتع بالقدرة المحلية والتمويل لمعالجة المعادن يحمل نتائج عكسية.

وسلّط الضوء على اتفاق 2022 بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا لإنشاء مناطق اقتصادية خاصة للسيارات الكهربائية والبطاريات في البلدين بدعم من التمويل الخاص والعام. واعتبر هذا نموذجا يمكن للحكومات الأفريقية الأخرى اعتماده في التحول من التصدير إلى المعالجة المحلية.

ويعمل الاتحاد الأفريقي والهيئات الإقليمية الأخرى على تطوير إستراتيجية أفريقية للمعادن الخضراء لتحسين أنظمة التعدين ومؤسساته، وبناء بيئة استثمارية أكثر جاذبية. وقال أولانغ “هذه الورقة مهمة (…) وتكمن الخطوة التالية في كيفية تحقيق تلك الإستراتيجية على أرض الواقع”. وأكّد على على أهمية التعاون الإقليمي بين الدول الأفريقية.

قلق أوروبي

أوروبا قلقة

أثار حظر تصدير الدول الأفريقية للموارد قلق الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لجذب شركاء تجارة معادن بدلاء للصين وروسيا، في خضم سباقه لتحقيق أهدافه المناخية بحلول 2050.

وقال متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي إن التحركات الأخيرة التي اتخذتها ناميبيا لحظر بعض صادرات المعادن المهمة قد تنتهك أدوات التجارة الثنائية وقانون منظمة التجارة العالمية.

وحظرت الحكومة الناميبية في يونيو تصدير الليثيوم غير المعالج وغيره من المعادن، بعد حوالي ثمانية أشهر من توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لتطوير إمداداتها من معادن الأرض النادرة والهيدروجين المتجدد.

◙ الحكومة الناميبية حظرت تصدير الليثيوم غير المعالج بعد حوالي ثمانية أشهر من توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي

وقال المتحدث باسم المفوضية إن الاتحاد الأوروبي يعتزم متابعة التطورات عن كثب وإجراء “حوار بناء” بشأن استكمال الشراكة بين الاتحاد وناميبيا حول المواد الخام المستدامة.

وكشف الاتحاد الأوروبي في مارس في استجابته لخطر انقطاع الإمدادات عن قانون المواد الخام الحرجة الذي يهدف إلى تقليل اعتماد التكتل على المصدرين الفرديين من خلال تعزيز الصناعات المعدنية المحلية في بلدان مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقالت النائبة الألمانية المسؤولة عن توجيه مشروع القانون عبر العملية التشريعية نيكولا بير إن السياسة توفر للاتحاد الأوروبي فرصة للعمل مع الدول الأفريقية على قدم المساواة.

وتابعت "لا ينبغي أن يتصرف الاتحاد الأوروبي كسلطة أخلاقية، بل عليه أن يقدم للدول المهتمة مواد خاما طويلة الأجل وشراكة في سلسلة القيمة التي تقدم ما يتجاوز الاتفاقيات المربحة من جانب واحد، مثل تلك التي تتبعها الصين أو روسيا".

وقال سكورفيلد إن على الدول الأفريقية أيضا أن تطلب من الشركاء التجاريين المساعدة في تحسين السياسات الضريبية لتلبية احتياجات الرفاهية وتمويل الطاقة المتجددة.

ويعتبر الاستثمار المحلي في النهاية أكثر أهمية من محاولة التنافس مع الصين، حسب أولانغ. وقال "لا ينبغي أن تهتم أفريقيا بمسار الصين. يجب أن نهتم بكيفية استخدامنا للمعادن لصالح شعبنا".

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.