تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عالم تعبث به درجات الحرارة يقسو على المرأة قبل الرجل

مصدر الصورة
العرب

يهدد ارتفاع درجات الحرارة النساء بدرجة أولى، وفق ما يؤكده الباحثون الذين أشاروا إلى أن السنوات الحارة يمكن أن تزيد نسب الوفاة في صفوف النساء، كما أنهن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التي تسببها الحرارة. وتهدد موجات الحر المتواصلة عمل النساء ومكاسبهن، بما يمكن أن يعيدهن إلى دائرة الفقر فيصبحن عاجزات عن تحمل تكاليف وحدات تكييف الهواء وفواتير الكهرباء.

مومباي (الهند) - حذر باحثون من أن النساء سيكن أكثر من يتحمل تبعات الحرارة الشديدة. وتشكل موجات الحر المتكررة عبر العالم تهديدا متزايدا لعملهن ومكاسبهن وحياتهن ككل.

وتُعتبر تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة مكلفة وخطيرة على النساء في المنزل أو في العمل، حسب تقرير أصدره مركز المرونة في مؤسسة أدريان أرشت روكفلير (أميركية) وعنوانه “الفجوة الحارقة”.

وحلل البحث حالات في الهند ونيجيريا والولايات المتحدة، وقال إن الحرارة الشديدة قد تقتل 204 آلاف امرأة سنويا في البلدان الثلاثة خلال السنوات الحارة.

وقالت مديرة المركز كاثي بوغمان ماكليود “إن الحرارة الشديدة تخلف للنساء في جميع أنحاء العالم تداعيات وخيمة”. وحذّر التقرير من أن الحرارة تسبب للمرأة “عبئا مزدوجا”.

وقالت ماكليود لمؤسسة تومسون رويترز إن “النساء هن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التي تسببها الحرارة، بينما تُتوقع منهن بشكل غير متناسب رعاية أي شخص آخر مريض بسبب العوامل المناخية. ويكون ذلك حتى دون مقابل”.

وأكّد علماء أن موجات الحر تحطم الأرقام القياسية في جميع أنحاء العالم وأن استمرار إطلاق الانبعاثات التي ترفع حرارة الكوكب سيدفع درجات الحرارة العالمية إلى نطاق مجهول في السنوات المقبلة.

وذكر التقرير أن هذه الحرارة ستؤثر على النساء، وتجبرهن على العمل ساعات إضافية دون أجر، سواء في المزارع أو في المنازل. وقالت ماكليود إن “النساء الفقيرات يُدفعن إلى المزيد من الفقر، وتُسحب النساء اللاتي يخرجن من دوّامته إليه مرة أخرى”.

نقص التبريد

uu

من المتوقع أن يتضاعف متوسط طول موجات الحر بحلول 2050 في الهند ونيجيريا والولايات المتحدة. ووجد التقرير أن إنتاجية النساء من المجتمعات الأكثر فقرا وتهميشا ستعاني أكبر ضربة بسبب ذلك.

ووفقا للبحث تندرج الكثير من هذه الخسائر الإنتاجية، المرتبطة بارتفاع الحرارة والبالغة حوالي 120 مليار دولار سنويا عبر البلدان الثلاثة، في سياق الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر وترتبط بعدم الوصول إلى معدات التبريد المحلية.

ومن المتوقع أن يعيش حوالي 1.2 مليار فقير في المناطق الريفية والحضرية على مستوى العالم دون تبريد بحلول 2030، ومنهم 323 مليونا في الهند وحدها، وفقا لمنظمة الطاقة المستدامة للجميع التي تدعمها الأمم المتحدة. وتتراوح الحلول المذكورة من تكييف الهواء المنزلي إلى سلاسل التبريد للمنتجات الزراعية.

وحدد التقرير أن النساء يقضين في المنزل ما يقرب من ضعف الوقت الذي يقضيه الرجال في العمل، ويتولين رعاية الأطفال أو الأقارب الأكبر سنا وإدارة شؤون المنزل. وتتعدد الصعوبات أمام النساء اللاتي لا يستطعن تحمل تكاليف تكييف الهواء.

هذه الحرارة ستؤثر على النساء وستجبرهن على العمل ساعات إضافية دون أجر، سواء في المزارع أو في المنازل

وتتحمل الأمهات في دول مثل نيجيريا، حيث تفاقم الحرارة أعراض أمراض المناطق المدارية التي تشمل الملاريا والحمى الصفراء، “العبء المزدوج” المتمثل في الاعتناء بأنفسهن ورعاية أفراد الأسرة المرضى، وهو ما يتجسّد في ساعات من العمل غير المأجور.

ويدعو الأطباء في نيجيريا، التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، إلى إنشاء مستشفيات جيدة التهوية ويقولون إن على النساء الحوامل الالتزام بفترات راحة لا تقل عن ثلاث ساعات إذا كن يعملن تحت أشعة الشمس الحارقة.

وقال صامويل أديبايو، وهو طبيب أمراض النساء في لاغوس، إن “النساء الحوامل هن أكثر عرضة للوفيات المرتبطة بالحرارة حيث أن ارتفاع درجتها يؤثر على نمو الجنين ويعقّد التبعات الصحية التي تعانيها الأم”.

وسجّلت نيجيريا 20 في المئة من وفيات الأمهات على مستوى العالم (58 ألف امرأة في السنة) حسب تقرير مركز المرونة في مؤسسة أدريان أرشت روكفلير، نقلا عن بيانات منظمة الصحة العالمية.

ويزداد في بريطانيا احتمال وفاة النساء من المجتمعات السوداء أثناء الولادة أربع مرات أكثر من النساء البيض. ولن يؤدي تغير المناخ إلا إلى زيادة التحديات التي تواجهها هذه الفئة، وهو ما أكدته الطبيبة في شرق لندن سيلفاسيلان سيلفاراجاه.

وقالت سيلفاراجاه إن الأغنياء يمكنهم تحمل تكاليف وحدات تكييف الهواء وفواتير الكهرباء، لكن الفقراء لا يستطيعون ذلك. وأضافت “حتى لو وُزّعت مكيفات على المساكن الفقيرة، فلن يرغب السكان في تشغيلها مقابل دفع مئات الجنيهات شهريا في فواتير الكهرباء”.

أعباء العمل غير المرئي 

yy

عملت سافيتري ديفي، البالغة من العمر 40 عاما، خلال فصل الصيف القاسي في مزرعة بولاية أتر براديش شمال الهند هذا العام. ووصلت درجات الحرارة في الحقول إلى 44 درجة مئوية (111.2 درجة فهرنهايت). وسجّلت البلاد وفاة العشرات خلال موجة الحر في يونيو الماضي.

ووجد التقرير أن النساء في الهند يخسرن ما يقرب من خُمس ساعات العمل مدفوعة الأجر بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كما أن الحرارة الشديدة تؤثر على الأجور، وهو ما يدفع النساء إلى ما دون خط الفقر في قطاعات مثل الزراعة التي توظف 70 في المئة من إجمالي عدد النساء المشتغلات.

وقالت ديفي، التي تكسب 250 روبية (3.05 دولار) مقابل ثماني ساعات عمل في اليوم، “من الواضح أنني عانيت من العمل في الشمس. مرضت، وتقرر الاقتطاع من راتبي عن كل ساعة ضائعة بسبب الحرارة. ولكن ماذا أفعل؟ لا بد لي من العمل مقابل المال”.

وقال خبراء العمل إن ارتفاع درجات الحرارة فاقم المشكلة، خاصة بالنسبة إلى فقراء الريف، حيث أثر الجفاف على المحاصيل الزراعية وأدى إلى نزوح الرجال من القرى بحثا عن عمل بديل، تاركين النساء لرعاية المزارع والعائلات.

وقال بينوي بيتر، وهو المدير التنفيذي لمركز النزوح والتنمية الشاملة غير الربحي ومقره ولاية كيرالا، إن معظم الأعمال الزراعية في المناطق الريفية في الهند تشمل أعمالا غير مرئية تتولاها النساء اللاتي يتحملن عبئا أكبر عندما ينزح الرجال إلى المدن. وتابع “تتولى النساء أعمال المزرعة، ويعتنين بكبار السن والأطفال. ولكنهن لا يجدن من يصطحبهن إلى المستشفى إذا مرضن”.

وقالت كاثي بوغمان ماكليود إن “الناس أصبحوا يدركون تبعات الحرارة المالية والصحية”، وشددت على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن هذه القضية. وذكرت أن هذه الأزمة تزداد سوءا، مؤكّدة أن “لا أحد يجب أن يموت من الحر. يمكن الحد من كل هذه الوفيات والأمراض. لا نأمل سوى أن ينتبه الناس”.

 

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.