تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

آفاق قاتمة تحاصر إمدادات الأغذية في الأسواق العالمية

مصدر الصورة
العرب

بثت تقييمات حديثة حول مدى مخاطر تأثر إمدادات الأغذية في الأسواق العالمية من المنغصات التي يعاني منها كبار منتجي الحبوب وخاصة الأرز، جراء التغير المناخي، التشاؤم من عدم قدرة البلدان على مواجهة معضلة متجددة قد تهدد الأمن الغذائي للناس.

بانكوك - تكشف تحذيرات الخبراء من ارتفاع سعر الأرز إلى أعلى مستوياته منذ 15 عاما، في أعقاب القيود التي فرضتها الهند على صادراتها من هذا المنتج، عن مدى انعكاس التغير المناخي مستقبلا على إمدادات الأغذية في العالم.

وسجلت أسعار الأرز ارتفاعا بنسبة 9.8 في المئة خلال الشهر الماضي بحسب منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، ملغية مفاعيل التراجع المسجل في أسعار مواد أساسية أخرى.

ووفق بيانات جمعية مصدري الأرز التايلانديين تراجع سعر الأرز الأبيض التايلندي بنسبة 5 في المئة، أي بمقدار 19 دولارا الأربعاء الماضي ليصل إلى 621 دولاراً للطن. ولكن مع ذلك فإن هذا السعر هو الأعلى مستوى منذ أوائل مارس 2021.

وبدأت أسعار هذا المنتج بالارتفاع بعد إعلان الهند التي تمثل 40 في المئة من صادرات هذه المادة الغذائية في العالم، في يوليو حظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي.

وتُعتبر الدول الأفريقية مثل بنين والسنغال وكوت ديفوار وتوغو وغينيا من بين أكبر المشترين لأصناف الأرز غير البسمتي في الهند. وقدمت السنغال وغينيا مبادرات دبلوماسية لنيودلهي لحل الأزمة.

وبررت نيودلهي قرارها بارتفاع أسعار المنتج في سوقها الداخلية نتيجة الظروف الجيوسياسية وظاهرة النينيو الجوية و”ظروف مناخية قصوى”.

وتُنتج آسيا لوحدها ما يقرب من 90 في المئة من المحاصيل الشرهة في استهلاك المياه، كما تستهلك دولها النسبة ذاتها من الإمدادات العالمية.

ويُتوقع تراجع مخزونات العالم من الأرز بنسبة خمسة في المئة لتصل إلى نحو 173.5 مليون طن هذا الموسم، وفقا لوزارة الزراعة الأميركية.

وعلى الرغم من محاولة الدول الأخرى الأكثر زراعة للأرز طمأنة المستهلكين بأن الإمدادات وفيرة، فإن جهودها لم تقدّم الكثير لتهدئة الأسواق.

ومن المتوقع أن تكون هذه السنة الأشدّ حرّاً التي عرفتها البشرية، وقد يتفاقم ذلك تحت وطأة ظاهرة النينيو، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقلص جغرافيا زراعة الأرز.

ورغم وقوع فيضانات خطيرة في بعض مناطق شمال الهند، شهد أغسطس أعلى درجات حرارة وجفاف على الإطلاق في هذا البلد، وكانت الأمطار الموسمية التي تسجل ما يصل إلى 80 في المئة من المتساقطات السنوية أدنى بكثير من العادة.

وجاءت هذه القيود التي أعلنتها الهند في يوليو بعد حظر فُرض في سبتمبر العام الماضي على صادرات نوع آخر من الأرز يشكل غذاء أساسيا في بعض مناطق أفريقيا.

وقد يؤدي ذلك إلى اقتطاع ما يصل إلى 8 في المئة من الصادرات العالمية للأرز لفترة 2023 – 2024، بحسب تحليل لمعهد الأبحاث بيزنيس مونيتور إنترناشونال التابع لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني.

وأوجدت الأزمة في الوقت الحاضر فرصة لتايلاند وفيتنام، ثاني وثالث مصدّرين عالميين للأرز، لزيادة صادراتهما.

غير أن إليسا كاور لودر من برنامج التغير المناخي في جنوب شرق آسيا في معهد إيسياس – يوسف إسحاق، حذرت بأن الجفاف الذي يرافق ظاهرة النينيو قد يهدد المحاصيل.

وقالت لوكالة فرانس برس “أعتقد أن نهاية هذه السنة وخصوصا مطلع السنة المقبلة سيكونان في غاية الصعوبة”.

وتستمر ظاهرة النينيو الجوية عادة ما بين 9 و12 شهرا ومن المتوقع أن تتصاعد في نهاية هذه السنة. ولفت معهد الأبحاث إلى أن مفاعيلها أدّت إلى ارتفاع أسعار صادرات الأرز قبل الحظر الهندي.

وفي تايلاند لا يزال مستوى تساقط الأمطار عند أدنى مستوى بواقع 18 في المئة من التوقعات لهذه الفترة، بحسب ما أفاد مكتب الموارد الوطنية المائية في وقت سابق من سبتمبر الجاري.

وما زال من المحتمل أن تعوض أمطار متأخرة عن هذا القصور، لكن الوكالة أبدت “مخاوفها” من أن يتسبب النينيو بجفاف.

ولفت تشارلز هارت المحلل حول المواد الأولية الزراعية لدى فيتش سولوشنز إلى أن الانعكاسات تظهر على الأسعار أكثر منها على العرض، مضيفا “لا نشهد فترة انقطاع في الأرز”.

وقد يحمل هذا الوضع على الاقتطاع من المخزونات التي أعيد تشكيلها بعد الجائحة وقد يحض المستوردين على عقد صفقات جديدة وفرض قيود محلية.

ويبدو القلق بشأن العرض مبررا إلى حد كبير، فالأرز يعتبر عنصراً رئيسياً في النظام الغذائي لمليارات الأشخاص ولا يمكن الاستغناء عنه في موائد الطعام اليومية.

ووقعت الفليبين، المستورد الكبير للأرز، اتفاقا مع فيتنام لتأمين عرض ثابت، بعد أيام على إعلان فرض سقف للأسعار.

من جانبها، زادت إندونيسيا وارداتها من الدول المجاورة منذ مطلع العام، بهدف تثبيت الأسعار بالنسبة إلى مواطنيها بعد البلبلة الناجمة عن التقلبات المناخية وقرار نيودلهي.

وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو “نريد تعزيز احتياطاتنا الإستراتيجية من الأرز، لكن حتى الواردات باتت معقدة، لم تكن الحال كذلك من قبل”.

لكن ارتفاع الأسعار يعني بالنسبة إلى الناس الأكثر فقرا تناول كميات أقل من الطعام، وعلقت كاور لودر قائلة إنها “كذلك مسألة استقرار اجتماعي، هذه مسألة سياسية” ينبغي على القادة التنبه لها.

5في المئة تراجع مخزون الأرز ليبلغ 173.5 مليون طن هذا الموسم، وفقا لوزارة الزراعة الأميركية

ويمكن أن يؤدي التغير المناخي إلى خفض الإنتاجية مع تراجع المردود الزراعي على وقع ارتفاع درجات الحرارة، غير أنه يتسبب أيضا بزيادة احتمال حصول ظواهر مناخية قصوى مثل فيضانات باكستان في 2022.

وقال هارت إن “الأسواق العالمية لتصدير الحبوب محصورة نسبيا، بحيث يبقى هذا النوع من المخاطر المناخية القصوى محصورا في بعض الأسواق”.

ورأت أفانتيكا غوسوامي الباحثة حول التغير المناخي في مركز العلم والبيئة أن على السلطات في الهند تطوير أنظمة إنذار أفضل ونماذج بذور جديدة. وحذرت بأن “ظروف الطقس غير المنتظمة باتت هي الوضع الطبيعي الجديد”.

ويبدو أن المحصول في الصين، أكبر منتج ومستورد في العالم، نجا من سوء الأحوال الجوية حتى الآن، لكن مناطق الإنتاج الرئيسية في الهند تحتاج إلى المزيد من الأمطار.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.