تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العرب: تخبّط حكومي كويتي بحثا عن إصلاحات اقتصادية لا تثير غضب النواب

مصدر الصورة
العرب

إرادة الإصلاح التي كثيرا ما تعبّر عنها الحكومات الكويتية المتعاقبة وتحثّ عليها قيادة البلاد، لاسيما في المجال الاقتصادي الذي يعاني حدّة الارتهان لعوائد النفط، ما تزال تصطدم بهاجس المساس بالمكاسب الاجتماعية الكبيرة للكويتيين والتي يشكّل نواب البرلمان جدار صدّ منيعا ضدّ أيّ إمكانية للمساس بها.

الكويت - كشفت الحكومة الكويتية عن نيتها إقرار ضريبة جديدة على المرافق والخدمات العامة، وذلك ضمن محاولاتها المتكرّرة الدفع بإصلاحات اقتصادية ضرورية لكنّها تصطدم في كلّ مرة باعتراضات نواب البرلمان الذين يملكون سلطات واسعة تتيح لهم تعطيل الإصلاحات غير الشعبية وحتى سحب الثقة من الوزراء.

وقال فهد الجارالله وزير المالية المعيّن حديثا إن الدولة تتجه لفرض رسوم جديدة مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة، مشيرا إلى أن وزارة المالية تعكف على إعادة النظر في لائحة بدل الانتفاع بأملاك الدولة الخاصة العقارية ورسوم الخدمات.

وتهدف حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح من وراء هذا الإجراء الجديد إلى “زيادة وتنويع إيرادات الدولة وإصلاح هيكل المالية العامة” المختل منذ سنوات، خصوصا وقد فشلت في تمرير ضريبة القيمة المضافة بفعل ضغوط نيابة لا يبدو أنّ إقرار الرسوم الجديدة سيسلم منها. وفي أول ردود فعل نواب البرلمان المتوقّعة أصلا على الخطوة الحكومية الجديدة حذّر النائب حمد العليا من تبعات القرار على استقرار الحكومة إن هي مضت في تطبيقه.

خالد الطمار: فرض رسوم جديدة مقدمة لفرض الضرائب

وقال متوجّها بالخطاب لرئيس الوزراء عبر حسابه في منصة إكس “نسمع عن توجه حكومي لفرض رسوم جديدة مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة، لذلك نحن نحذر من أيّ توجه لزيادة الأعباء المالية على المواطنين، ونذكّر الحكومة بأن بقاءها مرهون بانحيازها إلى متطلبات الشعب وحاجاته، أما المسارات المعاكسة فستعيدنا إلى المربع الأول”.

ويتضمّن كلام النائب تهديدا بالعودة إلى مربّع الخلافات الحادّة بين الحكومة والبرلمان والتي كانت على مدى سنوات طويلة عائقا أمام استقرارهما وتحقيق التواصل الضروري في عملهما.

وتأخذ الحكومة الكويتية الجديدة في الاعتبار عامل الاستقرار وتنقية الأجواء مع مجلس الأمّة، وبذلت في سبيل ذلك قدرا كبيرا من المرونة والتنازل تجسّد أخيرا في مسايرتها النواب الإسلاميين من خلال إقرار إجراءات تمنع الاختلاط بين الجنسين في الجامعات. لكنّ من التنازلات ما اتّصل مباشرة بملف الإصلاحات المالية والاقتصادية والتي تمثّل صداعا مزمنا للحكومات الكويتية المتعاقبة.

واستثنى الجارالله مؤخّرا إقرار ضريبة القيمة المضافة من البرنامج الإصلاحي للحكومة كون تلك الضريبة مرفوضة بشكل قطعي من النواب. وقد قال إثر تسلمّه مهامه وزيرا للمالية إنّ بلاده تعمل على إيجاد وسائل تعزز من الإيرادات غير النفطية ليس من ضمنها ضريبة القيمة المضافة والانتقائية، ومن دون التأثير على الحالة المعيشية للمواطنين.

وكان ذلك بمثابة ردّ على تهديدات للحكومة أطلقها نواب في البرلمان بعد رواج أنباء بشأن توجّهها نحو إقرار ضريبة القيمة المضافة وضريبة انتقائية في إطار ملاءمة الوضع الجبائي للكويت مع مثيلاته من الدول في باقي بلدان مجلس التعاون الخليجي.

وذهبت تلك التهديدات نحو وقف تعاون مجلس الأمّة مع الحكومة ما سيعني انسدادا سياسيا قد يسارع بإسقاط البرلمان والحكومة اللذين لم يمض على تشكيلهما سوى بضعة أشهر.

وبشأن الرسوم الجديدة التي تعتزم الحكومة الكويتية فرضها قال وزير المالية في رده على سؤول برلماني إنّ برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي السابع عشر، وضمن المحور الأول المعنون باستقرار المالية العامة، قد تضمن برنامج زيادة وتنمية إيرادات الدولة، ويشتمل على ثلاثة مشاريع، منها تدشين آلية تسعير للخدمات العامة والرسوم والمخالفات التي يتم تطويرها وتجديدها بشكل دوري، وإصدار إطار عام لمراجعة وإعادة تسعير أملاك الدولة العقارية بشكل دوري يراعى أسس العدالة ومعدلات الإنتاجية.

وعقّب النائب خالد الطمار على كلام الوزير بالقول إنّ “التوجه لفرض رسوم جديدة مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة ما هو إلا بداية لفرض الضرائب ومس جيب المواطن وهذا لن نقبل به”. وأضاف عبر منصّة إكس “قبل تلك الأمور يجب أن تحسّن الحكومة معيشة المواطنين أولا”.

◙ نموذج دولة الرفاه الذي تسعى الحكومة الكويتية جاهدة لمحاولة تطبيقه ولا تجد سبيلا للفكاك منه وصلت حدّ طرح إمكانية العجز عن تسديد رواتب الموظفين

وتبذل الكويت منذ سنوات طويلة تقديمات سخيّة لمواطنيها كانت قد أقرّت في زمن الوفرة المالية الكبيرة المتأتية عن عوائد النفط. لكن المتغيّرات الجديدة لم تعد تناسب نموذج دولة الرفاه الذي تطبقه الكويت ولا تجد سبيلا للفكاك منه رغم تعرّضها لمشاكل مالية حادّة وصلت خلال السنوات الأخيرة حدّ طرح إمكانية العجز عن تسديد رواتب الموظفين.

وتضمّن الردّ الحكومي على السؤال البرلماني المتعلّق بفرض رسوم جديدة جانبا يتعلّق بمؤسسة التأمينات الاجتماعية وإمكانية منح المتقاعدين نسبا من أرباحها، وجاء فيه أنّه “لا مانع من الناحية القانونية في قانون المؤسسة في إعطاء المنح للمنتفعين بأحكامه، إذا ما تبين وجود مال زائد في الصناديق بعد موافقة مجلس إدارة المؤسسة، إلاّ أن ذلك غير متحقق في الوقت الحالي لوجود مانع واقعي وهو العجز الإِكْتِواري”.

وكثيرا ما يبدو تحصيل المزيد من المكاسب الاجتماعية والامتيازات المالية للمواطنين، فضلا عن منع المساس بما هو متحقّق منها، بندا رئيسيا في عمل نواب البرلمانات الكويتية المتعاقبة بغض النظر عن الظروف الموضوعية والحالة المالية والاقتصادية للدولة الكويتية، وما تفرضه ضرورات الإصلاح التي من ضمنها ملاءمة أوضاع الكويت ونظمها وقوانينها مع دول محيطها الخليجي.

ويرتبط ذلك التوجّه النيابي العام في الكويت بغلبة السمة الشعبوية على النواب واعتماد غالبيتهم على أقصر الطرق لكسب الأصوات الانتخابية، فضلا عن اتّساع سلطات البرلمان الذي أصبح بمثابة سدّ منيع أمام عملية الإصلاح بدل أن يكون دافعا لها.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.