تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العرب: اجتماع نيويورك يفتح أفقا جديدا للعلاقة بين القاهرة وطهران

مصدر الصورة
العرب

خطت مصر أول خطوة نوعية ردا على الرسائل الإيجابية التي بعثت بها إيران الفترة الماضية، حيث التقى وزير خارجيتها سامح شكري بنظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مقر البعثة المصرية في نيويورك، وتباحثا حول سبل تطوير العلاقات بين البلدين بعد سنوات طويلة من القطيعة الرسمية.

ومنح اللقاء ثقة لما حدث من لقاءات مشتركة وغير معلنة بين الجانبين في العراق، ويشير إلى أن عجلة تطبيع العلاقات سوف تواصل دورانها الفترة المقبلة، وأن قرارا إستراتيجيا اتخذ وينتظر التوصل إلى المزيد من التفاهمات حول عدد من الملفات الخلافية.

وتسبب التريث المصري الظاهر في السياسة الخارجية في فرملة التوجهات الإيرانية الرامية إلى الدخول سريعا في مرحلة التطبيع، حيث تنتظر القاهرة اختبار نوايا طهران حيال عدد من القضايا الإقليمية.

ويكاد يكون البلدان وصلا إلى توافق حول العديد من القضايا الثنائية، غير أن العقبة لا تزال في تمسك إيران بعدم التخلي عن وجودها في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، وهو ما تعتبره مصر مضرا بمصالحها والأمن القومي العربي عموما.

محمد العرابي: الحد الأدنى من التفاهمات بات موجودا وقائما بالفعل

واستقبلت القاهرة إشارات إيران التي جاءت من مستويات مختلفة، بدءا من المرشد العام علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية عبداللهيان، بصمت سياسي لا يعبر عن رضاء أو رفض تام، لكنه يكشف عن ارتياح يمكن البناء عليه في ما هو قادم من تطورات.

وشرعت مصر وإيران في عقد جلسات بين مسؤولين أمنيين في بغداد، قطعت شوطا مهما في تذليل الكثير من العقبات السابقة، وأتاحت فرصة لشيوع أجواء من التفاؤل حول إمكانية عودة العلاقات المقطوعة نظريا منذ حوالي 45 عاما، والتي شهدت عمليا تواصلا سريا كان يتم الكشف عنه تدريجيا ويفهم في سياق عدم الاشتباك المباشر إقليميا، على الرغم من عدم ارتياح القاهرة للكثير من التدخلات الإيرانية.

عمليا لم ينقطع التواصل بين الطرفين في السنوات الأخيرة وحافظ كلاهما على مصالح كل طرف، حيث يقوم مكتبا رعاية المصالح في القاهرة وطهران بتسيير الأمور الدبلوماسية من خلال مستوى توافرت له درجة عالية من المرونة السياسية.

وبحث شكري وحسين، على هامش اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأربعاء، سبل تطوير العلاقات الثنائية بما يحقق مصالح الشعبين “تأسيسا على مبادئ الاحترام المتبادل وحسن الجوار والتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد إن الاجتماع ناقش عددا من القضايا الإقليمية، والرغبة في تحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن في محيطهما الإقليمي.

وأضاف بيان للخارجية المصرية أن الوزير شكري شدد على أن تعقّد أزمات المنطقة “يلقي بظلال خطيرة على الاستقرار والأوضاع المعيشية لجميع شعوبها، ما يقتضي تعاون جميع دول الإقليم لدعم الاستقرار وتحقيق السلام والقضاء على بؤر التوتر”.

وأكد وزير خارجية إيران تطلع بلاده إلى “تطوير علاقتها مع مصر واستعادتها لمسارها الطبيعي الذي يتسق مع الميراث التاريخي والحضاري للدولتين”.

واتفق شكري وعبداللهيان على استمرار التواصل بينهما لمتابعة الحوار حول مختلف القضايا التي تهم البلدين على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي.

وأوضح الرئيس الإيراني في مؤتمر صحفي عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأربعاء، أن سياسة بلاده تعتمد على التفاعل مع الدول الجارة والإسلامية وذات التوجهات المشتركة، وأن المسؤولين في إيران أبلغوا مصر بأنه “لا يوجد أي عائق أمام إقامة العلاقات”، لافتا إلى أن اجتماع وزيري خارجية البلدين يمكن أن يكون خطوة تمهد الطريق لاستعادة العلاقات بين البلدين.

ووجه الرئيس الإيراني في مايو الماضي وزارة الخارجية في بلاده إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر عقب زيارة
قام بها سلطان عُمان هيثم بن طارق لكل من القاهرة وطهران، حيث تلعب مسقط دورا في تقريب المسافات بينهما، وتباحث سلطان عُمان مع كبار المسؤولين في البلدين حول هذه القضية.

وذكر وزير الخارجية المصري سابقا محمد العرابي أن العلاقات بين البلدين تجري في مسارات تصاعدية، وفي خضم تفاهمات جديدة للارتقاء بالمستوى الدبلوماسي، غير أن ذلك ليس بالضرورة دليلا على أن تكون النتائج والانعكاسات إيجابية بالشكل السريع والملموس خلال الفترة القريبة المقبلة، فكل دولة لديها محدداتها وأهدافها وظروفها التي على أساسها تقرر كيفية وآلية تطوير العلاقات.

الرئيس الإيراني يؤكد على أن سياسة بلاده تعتمد على التفاعل مع الدول الجارة والإسلامية وذات التوجهات المشتركة

وأضاف العرابي في تصريح لـ”العرب” أن الحد الأدنى من التفاهمات بات موجودا وقائما بالفعل، وهناك وجود دبلوماسي فعلي لقائمين برعاية المصالح في كل بلد، لكن يصعب التنبؤ بما يمكن أن تسير عليه العلاقات في المستقبل القريب، وأن تدخلات طهران الإقليمية تجعل عملية التقارب معها على درجة من التعقيد السياسي.

جاءت الرسائل المتبادلة باختلاف مستوياتها بين طهران والقاهرة في أجواء إقليمية سمحت بانفتاح الأولى على السعودية وعودة العلاقات السياسية معها، وقامت الثانية بإعادة علاقاتها مع كل من قطر وتركيا وتخفيف حدة التوترات المشتركة.

ويقول مراقبون إن الدبلوماسية المصرية تنتهج مع إيران ما انتهجته مع تركيا في تبني قدر من التريث والحذر إلى حين استكشاف النوايا السياسية في بعض الملفات الخلافية، والتي لم يعد التطابق التام فيها قدرا محتوما، حيث يكفي التفاهم حول الخطوط العريضة التي تسمح بالحفاظ على مصالح كل طرف وعدم الإضرار بها.

ويضيف المراقبون أن هناك رصيدا تراكم بين مصر وإيران خلال السنوات الماضية سمح بالتوصل إلى صيغة ضمنية جنبت كلاهما الصدام مع الآخر في الكثير من المحكات في المنطقة، وأن هناك حرصا متبادلا على ذلك قد تسمح المستجدات الإقليمية بشأن إيران على خروجه إلى العلن في الحالة المصرية.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.