تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي الوطن : الصهيونية ومتلازمة الفاشية والنازية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

لَمْ يكُنْ تحريض الوزير الصهيونيُّ الأخير الَّذي أكَّد أنَّ إلقاءَ قنبلة نوويَّة على قِطاع غزَّة أحَدُ خيارات كيان الاحتلال الصهيونيِّ، هو التحريض الأوَّل ولا الأخير. فالسَّاحة الإسرائيليَّة مليئة بمِثل تلك التصريحات العدوانيَّة، ووسائل الإعلام الصهيونيَّة على اختلافها تمتلئ بمِثل تلك التصريحات الَّتي تدعو إلى مَحْوِ سكَّان غزَّة، أو على أقلِّ تقدير تهجيرهم القسريّ نَحْوَ سيناء المصريَّة؛ لِيكُونَ ذلك نموذجًا ـ في هذا العصر الَّذي يدَّعي أهْلُه التحضُّر ـ للفاشيَّة والنَّازيَّة في أبشَعِ صوَرهما.

فهؤلاء الَّذين يملؤون العالَم صراخًا وعويلًا على ما ارتكبته النَّازيَّة القديمة ضدَّهم ـ ولا يزالون يبتزُّون العالَم الغربيَّ بتلك الرواية الصهيونيَّة ـ يمارسون الآن تحريضًا عنصريًّا فاقَ ما ادَّعوه على أعدائهم، بالإضافة بالطَّبع لِكَمِّ الجرائم الَّتي ارتُكبت في الأراضي الفلسطينيَّة خلال أكتوبر الماضي وتُرتكَب هذا الشهر الجاري.

إنَّ ما يُمارس في الأراضي الفلسطينيَّة من إرهابٍ وعدوان سافِرٍ لَمْ يشْهَدْ عالَمُنا الحديث مِثلَه، قائم في الأساس على رؤية عنصريَّة صهيونيَّة تُمارس الأفعال الفاشيَّة والنَّازيَّة في أبشَعِ صوَرها، مُنطلِقةً من رأيٍ عامٍّ صهيونيٍّ، يُحرِّض جهارًا نهارًا على السُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة، حيث تعامَلَ الإعلام الصهيونيُّ بعدائيَّة كبيرة، ناقلًا أصواتَ اليمينِ المنتميةَ ـ للأسف ـ لمهنة الصحافة والإعلام، والَّتي (الأصوات) تُحرِّض على الفلسطينيِّ أيْنَما كان، خصوصًا على قتْلِ سكَّان غزَّة، والمطالَبة بطردِ كُلِّ فلسطينيٍّ من وطنِه وأرضِه، وناقلًا أخبارًا تنزعُ الشرعيَّة عن السُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة، وتتعامل مع ما يحدُث في الضفَّة الغربيَّة وكأنَّه خطرٌ يجِبُ الوقوف عِنده والتَّعامل معه (وفي هذا رسالة واضحة نعتقد أنَّ السُّلطة قَدِ التقطتها بما تُمليه عَلَيْها مسؤوليَّتها الوطنيَّة)، فمن هذا الخِطاب التحريضيِّ والعنصريِّ في الإعلام الصهيونيِّ، تنطلق مُسوِّغات العدوان الصهيونيِّ المتواصل على الفلسطينيِّين في قِطاع غزَّة وكافَّة الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة.

الغريب أنَّه في ظلِّ هذا التحريض الصهيونيِّ الواسعِ ضدَّ كُلِّ ما هو فلسطينيٌّ، وفي ظلِّ ما ترتكبه قوَّات الاحتلال من جرائم حرب، هي حرب إبادة جماعيَّة، نجدُ موقفًا أُمميًّا ضعيفًا لا يواكِبُ ما يُرتكَب من جرائم، لدرجة أنَّ الأمين العامَّ للأُمم المُتَّحدة أنطونيو غوتيريش، وهو صاحب أعلى منصب في المنظومة الأُمميَّة، يؤكِّد أنَّ الكابوس في غزَّة هو أكثر من مجرَّد أزمة مساعدة إنسانيَّة، بل إنَّها أزمة إنسانيَّة، دُونَ أنْ يحرِّكَ ساكنًا على أرض الواقع يُجبر كيان الاحتلال الصهيونيِّ على الرضوخ ووقف عدوانه الهمجيِّ على أبناء فلسطين، رغم موقفه الجيِّد من العدوان.

صحيح أنَّ غوتيريش لا يملك الصلاحيَّات الكافية لوضعِ حدٍّ أمام الفاشيَّة والنَّازيَّة الجديدة في أرض فلسطين المحتلَّة، لكنَّ المنتظرَ مِنْه أنْ يسندَ موقفه بإدانة جرائم النَّازيَّة والفاشيَّة الصهيونيَّة، وكشْفِ التواطؤ الغربيِّ الَّذي يُكبِّل يَدَ المنظَّمات الأُمميَّة في فرض وقف المجازر ومحاسبة الكيان الصهيونيِّ.

ولعلَّ تأكيد غوتيريش أنَّ الصِّراع المحتدم يهزُّ العالَم، ويهزُّ المنطقة، والأكثر مأساويَّة، أنَّه يُدمِّر العديد من الأرواح البريئة، وتأكيده أنَّ العمليَّات البَرِّيَّة الَّتي تقوم بها قوَّات الاحتلال الصهيونيِّ والقصف المستمر يضرب المَدنيِّين والمستشفيات ومُخيَّمات اللاجئين والمساجد والكنائس ومرافق الأُمم المُتَّحدة، بما في ذلك الملاجئ، هو وصْمة عار في تاريخ الإنسانيَّة، خصوصًا في تاريخ الدوَل الَّتي تمنعُ اتِّخاذ موقفٍ قويٍّ، في ظلِّ الانتهاكات الواضحة للقانون الإنسانيِّ الدوليِّ، فغزَّة وفق المسؤول الأمميِّ أصبحت مقبرة للأطفال، بالإضافة إلى اغتيال عددٍ من الصحفيِّين خلال فترة أربعة أسابيع أكثر من أيِّ صراع آخر خلال ثلاثة عقود على الأقلِّ، بل سقط (88) من العاملين في الأونروا الَّذين لَمْ يرتكبوا ذنبًا سوى محاولة تقديم الدَّعم وإيصال المعونات للمحاصَرين تحت النَّار في قِطاع غزَّة.

مصدر الخبر
افتتاحية الوطن العمانية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.