تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هدنة «إنسانية» تمكن المجرم من تمزيق ضحيته

مصدر الصورة
عن الانترنيت

في الوقت الَّذي يُطالِب ويُناشِد فيه العالَم أجمع بإعلان وقف العدوان الصهيونيِّ الهمجيِّ على قِطاع غزَّة المُعتدَى عَلَيْه، تخرج الدبلوماسيَّة الغربيَّة، وعلى رأسها الأميركيَّة، باقتراحٍ غريب يتمثل في إعلان (هدنة إنسانيَّة تكتيكيَّة)، الأمْرُ الذي يولِّد الانطباع مباشرة بأنَّ هدنة واشنطن (الإنسانيَّة التكتيكيَّة) ما هي إلَّا محاولة جديدة واستدارة على الغضَب العالَميِّ الجاري ضدَّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وسياساتها الدَّاعمة، بل وقيادتها لحرب الإبادة في قِطاع غزة؛ من أجْلِ امتصاص هذا الغضب، ولمُساعدةِ كيان الاحتلال الصهيونيِّ على كسْبِ المزيد من الوقت وإعطائه المساحة المطلوبة للقيام بعمليَّته البَرِّيَّة وفق معلومات استخباراتيَّة سيحصل عَلَيْها الكيان أثناء تلك الهدنة المشبوهة، ومن الوارد أنَّ زيارة وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأميركيَّة «سي آي إيه» إلى كيان الاحتلال الصهيونيِّ لا تخرج عن هذه المعطيات والتكهنات.

من المؤسف أنَّ الدَّوْر الأميركي في هذه المحرقة هو دَوْرٌ أعمى، ويؤكِّد أنَّ واشنطن ومِن ورائها الحلفاء الغربيون يحاولون عَبْرَ هذه الهدنة درء الضغوط الدوليَّة والداخليَّة المتزايدة؛ لوقفِ هذا العدوان الهمجيِّ السَّافر.

ورغم رفض الصهاينة للمقترح الأميركيِّ ـ كما يُشاع إعلاميًّا ـ إلَّا أنَّ واشنطن عَبْرَ العديد من الدبلوماسيِّين الغربيِّين ستُقدِّم ضمانات للصهاينة تُمكِّنهم من استئناف العدوان مُجددًا على القِطاع لِتكُونَ هذه الهدنة غير الإنسانيَّة وسيلة جديدة لدعم الكيان الصهيونيِّ المُجرِم، ومجرَّد خديعة غربيَّة جديدة لشراء الوقت لصالحه، ومحاولة كاذبة لامتصاص غضب الشعوب المتنامي في كافَّة بقاع المعمورة، والَّذي يُشكِّل ضغطًا أخلاقيًّا على الأقلِّ لحلفاء الصهاينة، وبالتأكيد هي فرصة لاستكشاف الوضع داخل قِطاع غزَّة مخابراتيًّا ربَّما تمهيدًا لإطلاق عدوان أشدّ شراسة في القريب العاجل.

حقيقةً لَغريبٌ أمْرُ واشنطن تبحث عن هدنة تُسمِّيها «إنسانيَّة تكتيكيَّة»، وتعطي في الوقت ذاته العدوَّ الصهيونيَّ قنابل متطوِّرة جدَّا وموجَّهة قيمتها (320) مليون دولار لإبادة المزيد من الأطفال والنساء، إنَّها معادلة عصيَّة على الفهْمِ، ولا يوجد لها تفسير سوى أنَّ الولايات المُتَّحدة تشتري الوقت لدعمِ حليفها كيان الاحتلال الصهيونيِّ باحثةً عن وسائل ومداخل تسمح له بالنزول عن الشجرة بعد ما رفع سقوف عدوانه.

ولعلَّ ما شاهدَه قِطاع غزَّة من جرائم حرب لَمْ تحدُث في التَّاريخ الإنسانيِّ الحديث، يجِبُ أنْ يفرضَ على الدوَل الغربيَّة الَّتي أعلنت دعمها المُطلَق وموقفها المنحاز للعدوِّ الصهيونيِّ متعلِّلةً بـ(حقِّ الدِّفاع عن النَّفْس)، والَّتي يدَّعي رئيس الوزراء الصهيونيِّ بنيامين نتنياهو أنَّه يشنُّ حربه المُدمِّرة باسمها، أنْ تتبرَّأَ من جرائمه وتعملَ على وقفها عاجلًا بالنظر إلى اعتبارات كثيرة مِنْها الحفاظ على مصالحها، واليقين التَّام بأنَّ ما بعد السَّابع من أكتوبر ليس كما قَبله، وأنَّ العمل يجِبُ أنْ يتَّجهَ نَحْوَ ترتيب الأوضاع بما يُحقِّق السَّلام المنشود، ويُعِيدُ الحقوق المسلوبة للشَّعب الفلسطينيِّ ويُحقِّق الاستقرار والأمن ويحفظُ مصالح الجميع. والانتباه إلى أنَّ الركض وراء نتنياهو ستكُونُ فاتورته باهظة الثمن؛ لكونه يحاول أنْ يجرَّ الجميع إلى أتون حربٍ طاحنة لا تبقي ولا تذر حتَّى لا يصلَ إلى مصيره المحتوم والَّذي ينتظره.

مصدر الخبر
افتتاحية الوطن العمانية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.