تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شح السيولة يجبر مصر على المقايضة التجارية

مصدر الصورة
العرب

دفعت الأزمات المزمنة الحكومة المصرية إلى التفكير في اعتماد سياسة المقايضة التجارية مع بعض الدول لتوفير السلع الأساسية، في الوقت الذي تتواصل فيه الضبابية بشأن الاقتصاد نتيجة الانحدار الحاد للعملة المحلية وخاصة في السوق السوداء.

القاهرة – تكافح السلطات المصرية بشق الأنفس بحثا عن بدائل لتوفير السلع الأساسية بالنظر إلى شح السيولة النقدية في النظام المالي بسبب التقلبات الجيوسياسية العالمية.

وتسببت الحرب الروسية – الأوكرانية في هروب الاستثمارات الساخنة من السوق المحلية وأربكت بشكل كبير الإمدادات من الخارج، الأمر الذي دفع القاهرة إلى الاستسلام للأمر الواقع. كما خفض صناع القرار النقدي قيمة الجنيه في ظل ضغوط تضخمية غير مسبوقة.

وأوجدت كل تلك العوامل حالة من الشلل في معظم القطاعات الاقتصادية قادت البلاد نحو أزمة مالية، وهو ما يجبرها على التفكير في اعتماد سلاح المقايضة التجارية كحل مؤقت للتغلب على الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

وكشفت مصادر مطلعة الأحد أن الحكومة تدرس تنفيذ التبادل التجاري مع كل من روسيا وتركيا والهند وبعض الدول الأفريقية بنظام “المقايضة”، في محاولة منها لتقليل الضغط على العملة الأجنبية.

وتعد المقايضة التجارية عملية تبادل بين طرفين يقدم أحدهما للآخر سلعة أو خدمة أو أصلا غير النقود، مقابل سلعة أو خدمة أو أصل غير النقود.

البنك المركزي المصري سيكون الضامن والمنظم لعمليات المقايضة بين الحكومة والقطاع الخاص

وعزا مصدر تحدث إلى بلومبرغ الشرق، طالبا عدم ذكر اسمه، اتجاه مصر إلى نظام المقايضة إلى أنها تبحث منذ فترة عن “بدائل للعملة الصعبة التي تعاني شحا فيها، وذلك سواء بنظام المقايضة أو عبر إجراء عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الدول الأخرى”.

وتعاني مصر من نقص شديد في السيولة الدولارية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا وتداعياتها، مما أدى إلى خفض قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير من العام الجاري.

ومع مواجهة عدد من الدول نقصا في العملة الأميركية، سُئلت كينيا، التي تُعتبر أكبر مُصدر للشاي الأسود في العالم الأسبوع الماضي، عمّا إذا كان يمكنها مقايضة الشاي بمنتجات مصرية، وفقا لما قاله وزير الخزانة الكيني نجوغونا ندونغو لبلومبرغ.

لكن مسؤولا حكوميا مصريا قال إن “المقايضة حاليا تجري بين تجار فقط”، لافتا إلى أن تصريحات الجانب الكيني المنقولة على لسان السفير المصري، فسّرت خطأ على أنها اتفاق بين الدولتين بينما الصحيح هو أن عمليات المقايضة تجري في ما بين تجار من البلدين.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن “آلية التبادل التجاري عن طريق المقايضة لم تحدث على المستوى الحكومي الرسمي حتى الآن مع أي دولة، غير أن دراسات تجري حاليا لتطبيقها وتنفيذها مع روسيا وتركيا والهند وبعض الدول الأفريقية”. وأضاف أن “الآلية محل دراسة من البنك المركزي المصري، إذ إننا لا نستطيع التنفيذ من دون موافقته، لأنه هو الذي يعطي التعليمات وتصريح التعامل”. وتابع “البنك المركزي سيكون الضامن لعمليات المقايضة للطرفين؛ الحكومة والقطاع الخاص، كما أنه سيكون الجهة المنظمة لعمليات التبادل التجاري بالمقايضة”.

مؤشرات حول المبادلات

  • 5 و6 مليارات دولار حجم التجارة بين مصر وكل من روسيا والهند سنويا
  •  6 و8 مليارات دولار حجم المبادلات التجارية بن مصر وتركيا سنويا

وتركز مصر على حليفتها روسيا للتوصل إلى اتفاق مقايضة خاصة وأن قيمة المبادلات التجارية بين البلدين تتراوح سنويا بين 5 و6 مليارات دولار سنويا. وتصدّر القاهرة إلى السوق الروسية منتجات كالفواكه والخضروات والبذور والألبان والأجهزة والمعدات الكهربائية وأيضا الزيوت العطرية.

في المقابل، تستورد مصر الحبوب من روسيا، التي تعتبر أكبر مورد في العالم، والخشب والحديد والصلب والوقود المعدني والزيوت المعدنية والكتب والنحاس وكذلك المنتجات الكيميائية وغيرها.

أما بالنسبة إلى حجم التجارة مع الهند فتحوم أيضا حول القيمة ذاتها مع روسيا، إذ تصدّر مصر إلى ثاني أكبر مستهلك في آسيا بعد الصين الوقود والزيوت المعدنية والأسمدة والمنتجات الكيميائية والقطن والفواكه. وتورد الهند إلى السوق المصرية منتجات مثل اللحوم والحديد والصلب والوقود والزيوت والمنتجات الكيميائية العضوية والأجهزة الكهربائية.

ورجح شريف الجبلي رئيس لجنة الشئون الأفريقية في اتحاد الصناعات المصرية، تصدير الأسمدة مقابل استيراد الشاي الكيني إذا ما دخل نظام المقايضة حيز التنفيذ الرسمي وانتهت الحكومة والبنك المركزي من الدراسات الجارية.

ويستهلك أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان قرابة 85 ألف طن من الشاي كل عام وتستوردها كلها من الخارج، بحسب مسؤول في وزارة الزراعة تحدث إلى اقتصاد الشرق من بلومبرغ.

وتُعد مصر ثاني أكبر مشترٍ للشاي من كينيا بعد باكستان. وقد انخفضت الصادرات الكينية إلى السوقين في الأشهر الثمانية الأولى من 2023 بنسبة 23 و13 في المئة على التوالي، وفقا لبيانات مجلس الشاي الكيني.

وهذه ليست المحاولة الأولى التي تبحث فيها مصر عن بدائل للتبادل التجاري بعيدا عن الدولار، إذ توصلت مع تركيا إلى آلية تطبيق التبادل التجاري بين البلدين بالعملات المحلية، وذلك تزامنا مع انضمامها في أغسطس 2023 إلى مجموعة بريكس.

مصر تعاني من نقص شديد في السيولة الدولارية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا وتداعياتها، مما أدى إلى خفض قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس 2022 وحتى يناير من العام الجاري

ويقول خبراء إن ذلك سيساعد على تنفيذ عمليات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع الدول الأعضاء الأخرى في التكتل وهي السعودية والإمارات والأرجنتين وإيران وإثيوبيا وروسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن قيمة المبادلات التجارية بين مصر وتركيا سنويا تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار، ويسعى البلدان لزيادتها خلال المرحلة المقبلة مع عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وتصدّر مصر إلى تركيا الوقود والزيوت المعدنية واللدائن والأقمشة والخيوط والمنتجات الكيميائية والأسمدة والآلات والأجهزة الكهربائية، بينما تستورد منها الملابس والحديد والصلب والأجهزة الكهربائية والزيوت والمنتجات الكيميائية والسيارات والجرارات.

والهند بدورها تبحث منذ منتصف هذا العام اقتراحا لبدء اتفاق مقايضة سلع مثل الأسمدة والغاز مع مصر، في إطار اتفاق أشمل ربما يشهد تمديد نيودلهي خط ائتمان إلى القاهرة بقيمة مليارات الدولارات، بحسب رويترز.

وقال مسؤول حكومي مصري آخر إن “وزارة التجارة والصناعة المصرية تعكف على دراسة التبادل التجاري عن طريق المقايضة أو الصفقات المتكافئة، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.