تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جريمة حرب بالبثّ المباشر: إسرائيل تنتصر... على مستشفى!

مصدر الصورة
الأخبار اللبنانية

ما هي إلا ساعات على منح الولايات المتحدة ضوءَها الأخضر، بتواطؤ أوروبي، الذي خرج على شكل تصريحات متتالية، حتى كانت الآلة العسكرية الإسرائيلية تقتحم «مجمع الشفاء الطبي» تحت جنح الظلام، ممهّدة لفعلتها بقصف عنيف سُمعت خلاله مئات الانفجارات حول المجمّع، مصحوبةً بإطلاق رصاص كثيف، تبعه تفجير بوابات المستشفى والدفع بتعزيزات عسكرية إلى داخله. وأتى ذلك بعد أيام من فرض حصار مشدَّد على المرفق الطبّي، وقصف عدد من أقسامه، ومنْع الحركة فيه، فضلاً عن قطع الكهرباء والمياه والإمدادات الغذائية والدوائية عنه.

ومنذ اللحظات الأولى لاقتحام «الشفاء» الذي حوّله جنود الاحتلال إلى ثكنة عسكرية، حيث توسّطت دباباته باحات المجمع، استباح هؤلاء كلّ المحرّمات، بادئين بالتحقيق مع الطواقم الطبية والمرضى والمرافقين لهم، معرِّضين حياة المرضى بمَن فيهم الأطفال والخُدّج لخطر شديد، ومانعين الحركة في أقسام المجمّع.

كذلك، أقدموا على احتجاز عدد من النازحين وهم معصوبو العيون ومجرّدون من ملابسهم، واقتيادهم إلى جهة غير معلومة، علماً أن «الشفاء» لا يزال على حاله من حيث قطع الكهرباء والإمدادات الغذائية والدوائية، فيما جثث الشهداء تملأ باحاته.


على أيّ حال، ما كان لهذا الاقتحام أن يتمّ، لولا التواطؤ الأوروبي، المعبَّر عنه في بيان إدانةٍ لما سمّاه التكتّل «استخدام حماس للمستشفيات والمدنيين كدروع بشرية»، وكذلك الضوء الأخضر الأميركي، الصادر عن «البنتاغون»، مساء الثلاثاء، والذي جاء فيه أن «معلوماتنا تفيد بأن حماس والجهاد تستخدمان المستشفيات، بما فيها الشفاء، لدعم عملياتهما العسكرية»، وأن «استخدام حماس مستشفى الشفاء في غزة مركزاً للقيادة والتحكّم يمثّل جريمة حرب».

وجاءت هذه الخطوة أيضاً، بعدما كثّفت إسرائيل، منذ اليوم الأول لعدوانها على غزة، من تحريضها على المجمّع الطبي، مجنّدةً لتلك الغاية وسائل إعلام عبرية ودولية، بهدف إقناع «الرأي العام الدولي» بكون «الشفاء» هدفاً عسكرياً، وليس مستشفى لتقديم العلاج، وبالتالي تصوير اقتحامه باعتباره «نصراً عظيماً».

على أن أيّ وسيلة إعلام إسرائيلية لم تنشر تقريراً أو مقالاً يدحض سرديّة جيش الاحتلال التي تزعم أن «الشفاء هو مقرّ قيادة حماس وقوّتها»، فيما تحوّلت القنوات الإعلامية العبرية إلى منصّة للصحافيين والنشطاء والمسؤولين السابقين في الأجهزة الأمنية، والذين طالبوا بضرورة إبادة قطاع غزة عن بكرة أبيه للقضاء على «حماس»، بما يشمل الأطفال والرُّضَّع والمستشفيات، على قاعدة أنه لا يوجد في القطاع أبرياء، بل جميعهم «إرهابيون»، وهو ما ذهب إليه وزير في الحكومة لوّح حتى بالقنبلة النووية.
والجدير ذكره، هنا، أن واشنطن كانت تجاهلت، بطلب من تل أبيب، كلّ المطالب والدعوات إلى إرسال فريق دولي وأممي للكشف على واقع المستشفيات بما يثبت أو يدحض مزاعم الاحتلال، خصوصاً في ظلّ التعتيم الإعلامي المفروض قسرياً، والذي يسمح لضباط العدو وجنرالاته باختلاق السيناريوات التي تخدم سرديتهم. كما جاء اقتحام «الشفاء» على رغم صدور تقييمات وتقديرات من جانب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عبر الإعلام، بخلوّه من شخصيات قيادية «حمساوية»، أو أسرى عملية «طوفان الأقصى».

وعلى الرغم من فشل جيش الاحتلال في العثور على أيّ هدف يثبت مزاعمه التي روّج لها وبثّها طوال الأسابيع الماضية، والخزي والعار اللذيْن قد يلحقان به لكذب ادّعاءاته، إلّا أن ذلك قد لا يكون ذا أهميّة بالنسبة إلى حكومة بنيامين نتنياهو التي تهدف، منذ اليوم الأول للعدوان، إلى تكريس الإبادة الجماعية القائمة على تدمير أيّ حياة أو وجود للفلسطينيين في شمال غزة، وتهجيرهم نحو الجنوب.
 

مصدر الخبر
الأخبار اللبنانية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.