تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تخفيض مساعدات التنمية للبلدان الهشة يؤجج الصراعات العنيفة

مصدر الصورة
العرب

تقول تقديرات أممية إن نحو 346 مليون شخص في أفريقيا يواجهون انعدام الأمن الغذائي بصورة حادة، مما يعني أنه من المرجح أن يتعرضوا للجوع. ويشير خبراء أفارقة وغربيون إلى أن الصراع والفقر متشابكان بشدة ويكملان بعضهما البعض.

مقديشو - شهدت البلدان الهشة والأقل نموا تخفيضات كبيرة في مساعداتها التنموية، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو ما يؤكد خبراء أنه يؤجج الصراعات العنيفة.

وتقلص صافي المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة إلى بلدان جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا بنسبة 7.8 في المئة مقارنة بعام 2021. كما انخفضت المساعدات الإنمائية للسلام ومنع الصراعات إلى أدنى مستوياتها منذ 15 عاما.

وجاء في تقرير نشر على موقع “ذو كونفرسيشن” أن التخفيضات ستضرب البلدان الهشة بشدة، إذ تشكل البلدان الهشة 24 في المئة من سكان العالم وتمثل 73 في المئة من الفقراء المدقعين في العالم. وتشمل القائمة مالي ولبنان والصومال وسوريا والعراق.

ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن “كل خفض بنسبة 1 في المئة في المساعدات الغذائية يهدد بدفع أكثر من 400 ألف شخص نحو حافة المجاعة”.

السكان المهمشون هم الأكثر عرضة للتعبئة وللمشاركة في القتال، وعادةً ما يكونون أيضًا الأكثر تضرراً من النزاع

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن خفض المساعدات يهدد بتقويض المكاسب التي تحققت في مجال التنمية.

ومع الأخذ في الاعتبار أن الفقر قد زاد في البلدان المتضررة من الصراعات على الرغم من الاتجاه النزولي العالمي، يتوقع الخبراء أن مثل هذا الانعكاس يمكن أن يساهم في عدم الاستقرار العالمي.

وكانت الصراعات العنيفة في تصاعد بالفعل بين البلدان التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات المالية الأجنبية.

وتظهر عقود من البحث أن السكان المهمشين هم الأكثر عرضة للتعبئة وللمشاركة في القتال، وعادةً ما يكونون أيضًا الأكثر تضرراً من النزاع المسلح (حتى بعد انتهاء العنف).

وبينما السياق السياسي والمجتمعي مهم ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، إلا أن خفض مخصصات المساعدات لأقل البلدان نموا، وخاصة تلك التي تتعافى من صراعات عنيفة، يمكن أن يضع البلدان الهشة على مسار عدم الاستقرار السياسي المتجدد والتخلف التنموي. وسيتعين على السكان الضعفاء بالفعل أن يتحملوا مرة أخرى وطأة دورات جديدة من العنف والإفقار.

وليست كل مساعدات التنمية فعالة في تحقيق الاستقرار أو بناء السلام. ومع ذلك تلعب دورا حاسما في ستة مجالات رئيسية.

أولا، تكون مساعدات التنمية فعالة عندما ترتبط بتقديم الخدمات العامة. وهذا بدوره يعزز العقد الاجتماعي ويخفف من مخاطر العنف.

وثانيا، يمكن للمساعدات المالية أن تساعد الحكومات على استيعاب آثار الصدمات الاقتصادية. إن الاقتصادات في جميع أنحاء الجنوب العالمي تعاني بالفعل من الاختناق بسبب تداعيات جائحة فايروس كورونا، والمخاطر المناخية، والعواقب الاقتصادية للحرب في أوكرانيا. وتعتمد البلدان الهشة في كثير من الأحيان على المساعدة لتلبية بعض الاحتياجات الأساسية لسكانها مثل الغذاء أو الماء.

ودون مساعدات مالية إضافية، لن تتمكن العديد من الحكومات من إدارة طريقها خلال الصدمات. وقد يشجع ذلك الجهات الفاعلة غير الحكومية العنيفة على الوصول إلى السلطة.

وهناك مثالان بارزان، ففي غرب أفريقيا، من المتوقع أن تقوم الجهات الفاعلة غير الحكومية العاملة في منطقة الساحل بتوسيع نفوذها إلى مناطق جديدة تعتبر مستقرة حتى الآن، مثل شمال كوت ديفوار.

وثالثًا، قد تؤدي تخفيضات مساعدات التنمية إلى تقليل النفوذ المحدود الذي لا تزال تتمتع به الدول الغربية لمنع ظهور الجماعات المسلحة الانتهازية مثل مجموعة فاغنر، وانتشار التطرف وخطر الصراعات الأهلية.

وتعد منطقة الساحل أيضًا رمزًا لهذه الديناميكية. وشهدت مالي وبوركينا فاسو العام الأكثر دموية على الإطلاق، حيث تكافح حكومتاهما الانتقاليتان العسكريتان لاحتواء التمردات الجهادية. ومنذ الانقلاب العسكري الأخير في النيجر، والذي أدى إلى سحب المساعدات والقوات الدولية، شهدت البلاد أيضًا تصاعدًا في أعمال العنف المسلحة.

رابعا، إن تدهور الظروف الاقتصادية والأمنية في البلدان الهشة والأقل نموا بدأ صداه يتردد بالفعل في أوروبا.

خامساً، قد يؤدي التناقض المتزايد في تخصيص مساعدات التنمية إلى تضخيم انعدام الثقة في المؤسسات الدولية والجهات الفاعلة الغربية. وقد يساهم ذلك في تفاقم الأوضاع الأمنية.

دون مساعدات مالية إضافية، لن تتمكن العديد من الحكومات من إدارة طريقها خلال الصدمات. وقد يشجع ذلك الجهات الفاعلة غير الحكومية العنيفة على الوصول إلى السلطة

وتبدو بعض الحكومات في البلدان الهشة مترددة بالفعل في مواصلة التعامل مع الأمم المتحدة وخاصة الجهات الفاعلة الغربية لمكافحة الجهات الفاعلة العنيفة من
غير الدول.

ومن الأمثلة على ذلك الطلب الذي تقدمت به جمهورية الكونغو الديمقراطية مؤخراً إلى الأمم المتحدة من أجل انسحاب “عاجل” لقواتها. ويأتي ذلك بعد مرور 24 عامًا على بدء بعثة مونوسكو لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي واحدة من أكبر البعثات في العالم. وقد يتزايد العنف في غياب مثل هذا التدخل الدولي، كما حدث منذ انسحاب بعثة الأمم المتحدة مينوسما التي كانت في مالي لمدة عشر سنوات.

سادسا، يمكن أن يؤدي خفض المساعدات المخصصة للبلدان الأقل نموا، وخاصة تلك التي تتعافي من الصراعات العنيفة، إلى استمرار عدم الاستقرار السياسي والتخلف الإنمائي.

وينبغي تخصيص تمويل التنمية بطريقة تتوافق بشكل أوثق مع بناء السلام والاحتياجات الإنسانية. وقد تم توضيح ذلك أيضًا في برنامج الأمم المتحدة الجديد للسلام. ويدعو إلى اتخاذ إجراءات مثل تعزيز الأطر التعاونية الضرورية للانتقال من طريق الدمار إلى طريق الرخاء استنادا إلى التزام متجدد بالحلول متعددة الأطراف على أساس الثقة والتضامن والعالمية.

ومن الممكن أن يؤدي تصحيح المسار في تخصيص المساعدات إلى معالجة بعض حالات انعدام الثقة المتزايدة بين البلدان النامية ودعم آفاق السلام.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.